كالنار في الهشيم، انتشرت مؤخرا في جنوب سوريا شجرة تكاد غير معروفة لدى معظم السكان، إلا أنه وبسبب الجهل بخطورتها، لم تكن هناك أي مكافحة لها، بل تركت لتستعمر الأماكن وبحرية تامة.

في هذا السياق، سلط بسام الحشيش، مدير الزراعة والإصلاح الزراعي في محافظة درعا، الضوء على التهديد الخطير الذي يمكن أن تشكله شجرة “الموت” أو المعروفة علميا باسم “التبغ الكاذب”، التي تم العثور عليها في أراضي المحافظة، حيث أوضح لصحيفة “الوطن” المحلية، اليوم الإثنين، أن التهديد يأتي من التوسع السريع للشجرة، والقلق من استعمارها في المناطق الزراعية، إضافة إلى صعوبة التخلص منها.

ما هي شجرة “الموت”؟

الاسم العلمي لهذا النباتات هو “نيكوتين غلاكو” وتسمى أيضا بالتبغ الأزرق، نظرا لشدة اخضرار أوراقها، والتبغ البري وتسمى أيضا شجرة التبغ، لتفريق بينها وبين نباتات التبغ الشائعة التي تستخدم أوراقها للتدخين.

وبحسب مدير الزراعة في درعا، قد تنتج نبتة واحدة ما بين 10 آلاف ومليون بذرة، ولأن البذور تنبت بنسبة 100 بالمئة، فإنه بإمكان نبتة واحدة إنتاج مليون نبتة خلال موسم واحد، ما يهدد الاستثمار في المناطق الزراعية.

وبحسب ما ذكر حشيش، فإن نبات “التبغ الكاذب” هو نوع من الشجيرات التي قد يصل طولها إلى 6 أمتار، ويحتوي على عدد من العنقود الصفراء المحشوة بعدد كبير من البذور. والتخلص منها صعب، لأن التعامل معها يتضمن تقنية خاصة عبر رش وحرق مجموعات البذور لمنع نضوجها وانتشارها، بالإضافة لتقطيع الشجرة وحرقها بالكامل والتعامل مع الجذور بمبيدات حشرية متخصصة تقضي عليها تماما.

وتابع مدير الزراعة في درعا، “لم يتم اكتشاف سوى نبتة واحدة في مدخل مدينة درعا الشمالي عند دوار البانوراما”، مضيفا أن تناول بذور أو أوراق هذه النبتة من الإنسان أو الحيوان لسبب أو آخر يؤدي إلى مضار هضمية في الساعات الأولية، وتنتهي حتما بالموت نتيجة توقف العضلة القلبية.

رحلة شجرة الموت في سوريا

يعود أصل شجرة “التبغ الكاذب”، إلى أميركا اللاتينية، ولم توجد في الوطن العربي سوى في منطقة عسير بالسعودية، وتحتوي أشجارها على مركب قلوي “الأنابسين” السام الذي يؤدّي ابتلاع أي كمية منه إلى تسمم قاتل للإنسان والحيوان.

من جهته، أكد حشيش أنه تم تنبيه الأهالي من خلال الوحدات الإرشادية للإبلاغ عن أي نبتة يشاهدونها وعدم التعامل معها إلا من الفنيين في الوحدات الإرشادية، حيث لم يتم حتى الآن الإبلاغ عن وجود أي نبتة أخرى في محافظة درعا، مرجحا سبب ظهور هذا النبات بأنه نتيجة وصوله إلى المحافظة عن طريق أحد الأشخاص أو ربما عجلات إحدى السيارات.

رصد هذه النبتة، تم خلال العام الماضي في محافظة السويداء حيث انتشرت بعد زراعتها داخل المنازل في بعض القرى والبلدات بالمحافظة، والذي اكتشفته مديرية الزراعة حينها، واتخذت إجراءات سريعة واقتلعت 30 شجرة، تبين أنها قد زرعت قبل سنوات.

ومن المعروف عن شجرة “الموت”، أن انتشارها الكثيف والغريب يكون على جنبات الطرقات وفي الأراضي المهملة وقريبا من المزابل، وكأنها مزروعة بعناية وانتظام.

التبغ في سوريا

مؤسسة التبغ في سوريا، تعتبر من المؤسسات المهمة اقتصاديا، لما كان لها من دور في رفد الخزينة الحكومية بمبالغ كبيرة، من خلال تصنيع وبيع الدخان محليا، أو تصدير قسم منه لعدة دول منها دول أوروبية عبر شركة شراء وبيع الدخان الخام المعروفة بـ”الريجي”.

بلغت قيمة مبيعات “المؤسسة العامة للتبغ”، أكثر من 190.6 مليار ليرة خلال عام 2021، حيث حولت 57 مليار ليرة إلى الخزينة العامة للدولة، ودفعت أكثر من 8 مليارات ليرة كضرائب للمالية، وذلك في بيان ميزانيتها الختامي للعام الماضي، وتضمن الكشف عن أرباح المؤسسة وقيمة المدفوعات والتحويلات لصالح خزينة الدّولة إضافة إلى قيمة ضرائب وزارة المالية، حسب تقارير صحفية محلية.

وجاء في بيان المؤسسة، الذي اطلع عليه “الحل نت” حينها، أن الخزينة العامة حصلت هذا المبلغ تحت بنود، قيم فوائض اقتصادية، ورسم إنفاق استهلاكي وضريبة دخل الأرباح وضريبة التبغ والعمل الشعبي، مضيفة أن الأرباح الصافية بلغت 23,9 مليار ليرة، قبل اقتطاع الضريبة، وحددت كمية الإنتاج بنحو 7322 طنا من التبغ، بقيمة 181.9 مليار ليرة سورية.

وعلى الرغم من أن زراعة التبغ في جبال الساحل السوري تعتبر قديمة وشعبية وتعتمد عليها حكومة دمشق في التصدير وتحصيل قطع أجنبي، إلا أن هذه الزراعة كما غيرها تعاني من صعوبات كبيرة لاستمرارها، وسط تدهور الخدمات العامة من الكهرباء والمحروقات وتفاقم الأسعار لجميع السلع في البلاد.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.