نتيجة سوء الأحوال الجوية خلال هذا العام في سوريا، تضررت معظم القطاعات الزراعية، وتكبد المزارعون في مختلف القطاعات لخسائر كبيرة، وسط غياب أي دعم حكومي للمزارعين، سواء بتعويضهم أو دعمهم بالمواد الأولية. خلال موعد قطاف أوراق التبغ الأولى في بانياس بريف محافظة اللاذقية، اشتكى مزارعي التبغ من تراجع كمية ونوعية الإنتاج للعام الحالي، بسبب الظروف الجوية القاسية التي شهدها الموسم في العام الجاري من جهة، وارتفاع تكلفة مستلزمات الإنتاج من جهة أخرى، الأمر الذي سبب خسائر جمة لمزارعي التبغ ويمكن القول أيضا بأن السوق السورية قد تشهد ارتفاعا جديدا في أسعار الدخان نتيجة هذه الشكاوى وارتفاع تكاليف الإنتاج مقارنة بالمبيع.

غلاء الأسمدة والمازوت

موقع “أثر برس” المحلي، نشر تقريرا اليوم السبت، وأفاد من خلاله عدد من المزارعين: “صعوبات عدة نعاني منها، أبرزها غلاء الأسمدة، حيث نشتري كيس السماد بـ175 ألف ل.س، بالإضافة لغلاء المبيدات وعدم توفر المياه لسقاية المحصول، والانقطاع الطويل للكهرباء ما يجعلنا مجبرين على شراء المازوت بأسعار باهظة لتشغيل المولدات بغية ضخ المياه وسقاية المحصول”.

وأردف الأهالي للموقع المحلي: “يشكل التبغ المحصول الاستراتيجي ومصدر الرزق الوحيد لآلاف العائلات التي لا تملك مصدر رزق آخر”، وتابعوا في حديثهم: “في ظل شح مستلزمات الإنتاج من جهة وارتفاع أسعارها من جهة أخرى، فإن زراعة التبغ ستتراجع أكثر في العام القادم، خاصة في ظل عدم قدرة المزارعين على سقاية وتسميد المحصول”.

كما أشار الأهالي إلى أنه في ظل غلاء مستلزمات الإنتاج فإن تكلفة إنتاج الكيلو غرام الواحد من التبغ تتجاوز تسعيرته التي تبلغ 6500 ليرة سورية.

من جانب آخر، طالب المزارعون الجهات المعنية بزيادة الأسعار لتتناسب مع جهد المزارع وارتفاع تكاليف الإنتاج، ودعم المواسم الزراعية حسب حاجتها، بالكهرباء والمحروقات والأسمدة، للاستمرار بالزراعة.

وتعتبر مؤسسة التبغ في سوريا من المؤسسات المهمة اقتصاديا، لما كان لها من دور في رفد الخزينة الحكومية بمبالغ كبيرة، من خلال تصنيع وبيع الدخان محليا، أو تصدير قسم منه لعدة دول منها دول أوربية عبر شركة شراء وبيع الدخان الخام المعروفة بـ”الريجي”.

قد يهمك: قرارات قريبة.. بيع الدخان في سوريا عبر “البطاقة الذكية”

الدعم الحكومي ليس كافيا

في السياق ذاته، أوضح مدير الزراعة والبحث العلمي في المؤسسة العامة للتبغ أيمن قره فلاح للموقع المحلي، أن التقديرات الأولية لإنتاج التبغ للموسم الحالي تحتاج إلى 15 يوما للظهور، ومعرفة كمية الإنتاج، خاصة أن مزارعي التبغ في مناطق عدة يقومون حاليا بزراعة شتول التبغ.

وزعم قره فلاح إلى أن المؤسسة قامت بتأمين نحو 400 طن من السماد، بالإضافة للأدوية والمبيدات والبلاستيك، وتوزيعها على المزارعين بواسطة المكاتب الزراعية التابعة للمؤسسة، وتأمين البذار بأسعار رمزية، وتأمين الشتول للمزارعين.

من جانبهم، قال المزارعون إن “الدعم الحكومي لم يكن كافيا، خاصة كمية الأسمدة والمازوت، حيث كانوا يشترون المواد التشغيلية الأولية للإنتاج من السوق السوداء وبأسعار أعلى، مما أدى إلى تكبدهم مصاريف أكبر في عملية الإنتاج والتي لا تتناسب مع سعر المبيع في الأسواق”.

وبلغت قيمة مبيعات “المؤسسة العامة للتبغ”، أكثر من 190.6 مليار ليرة خلال العام الماضي، حيث حولت 57 مليار ليرة إلى الخزينة العامة للدولة، ودفعت أكثر من 8 مليارات ليرة كضرائب للمالية، وذلك في بيان ميزانيتها الختامي للعام الماضي 2021 بداية نيسان/أبريل الفائت، وتضمن الكشف عن أرباح المؤسسة وقيمة المدفوعات والتحويلات لصالح خزينة الدولة إضافة إلى قيمة ضرائب وزارة المالية، حسب تقارير صحفية محلية.

وجاء في بيان المؤسسة، أن الخزينة العامة حصلت هذا المبلغ تحت بنود، قيم فوائض اقتصادية، ورسم إنفاق استهلاكي وضريبة دخل الأرباح وضريبة التبغ والعمل الشعبي، مضيفة أن الأرباح الصافية بلغت 23,9 مليار ليرة، قبل اقتطاع الضريبة، وحددت كمية الإنتاج بنحو 7322 طنا من التبغ، بقيمة 181.9 مليار ليرة سورية.

وفي وقت سابق، قال المدير العام لـ“السورية للتجارة” زياد هزاع، في تصريحات مطلع شهر آذار/مارس الماضي، إن المؤسسة ستطرح الدخان قريبا في المراكز التابعة لها، “وسيتم بيعه عبر البطاقة الذكية وبأسعاره الحقيقية“، حسب متابعة “الحل نت”.

ويرى سوريون أن تدخل السورية للتجارة في تسعيرة الدخان، يعني أن هناك ارتفاع قريب في أسعاره، ونقل “الحل نت”، في وقت سابق عن أصحاب بقالات قولهم، أن جميع المواد التي تدخلت في تسعيرها الحكومة، ارتفعت أسعارها مؤخرا.

وأضاف أحد أصحاب محلات البقالة في حديث سابق لـ”الحل نت”،” طالما تدخلت السورية للتجارة في أسعار الدخان، حتما سترتفع أسعاره، للأسف التدخل ما عم يكون إيجابي بكل المواد، الوزارة ما عم تقدر تنهي الاحتكار وتأمن المواد بشكل مستمر”.

وتبيع “مؤسسة التبغ” دخانها في صالات “المؤسسة السورية للتجارة” بمعدل علبتين في اليوم فقط لكل شخص، إضافة إلى مراكز توزيع التبغ المرخصة. ويشهد سوق بيع التبغ في سوريا تقلبات في الأشهر الأخيرة بسبب عدم ثبات الدخان الأجنبي الذي ينقطع ويعود بين مدة وأخرى.

ووفق تقارير محلية، يُقدر عدد المدخنين في سوريا بنحو 6 مليون إنسان تتراوح أعمار أغلبهم بين 45-20 عاما. ويغيب عن المشهد منذ سنوات التوعية الحكومية لمخاطر التدخين.

وعلى الرغم من أن زراعة التبغ في جبال الساحل السوري تعتبر قديمة وشعبية وتعتمد عليها حكومة دمشق في التصدير وتحصيل قطع أجنبي، إلا أن هذه الزراعة كما غيرها تعاني من صعوبات كبيرة لاستمرارها، وسط تدهور الخدمات العامة من الكهرباء والمحروقات وتفاقم الأسعار لجميع السلع في البلاد.

قد يهمك: خلال عام.. السوريون ينفقون 190 مليار ليرة على الدخان

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.