مياه العاصمة

لانا جبر

تتفاقم أزمة المياه في مدينة دمشق وريفها، وهي المشكلة التي بدأت تظهر ملامحها بشكل جلي بداية العام الجاري، حيث عانت المحافظة منذ بداية العام انقطاعات متكررة لمياه الشرب وصلت خلال الأشهر الماضية إلى أسابيع متتالية، وهو ما جعل السكان يتوجهون لتعبئة خزاناتهم عن طريق صهاريج المياه التي أصبحت ظاهرة تملأ شوارع العاصمة.

ولعل ما يزيد من المشكلة تعقيداً خلال الآونة الأخيرة يرتبط بشكل أساسي بانقطاع التيار الكهربائي المسؤول عن تشغيل مضخات المياه الرئيسية التي تعمل عن طريق الطاقة الكهربائية، وهو ما أكده  خبير في مجال الطاقة والذي فضل عدم ذكر اسمه حيث قال إنّهناك عدّة عوامل تضافرت، وخلفت “مشكلة كبيرة” في توفير مياه الشرب للمنازل، أولها الطاقة الكهربائية التي تنقطع في العاصمة لما يصل 15 ساعة يومياً في حين ترتفع ساعات التقنين في الأرياف الخاضعة لسيطرة النظام لتصل إلى 18 ساعة يومياً، وهو ما أثر على ضخ المياه، ووصولها إلى المنازل حيث تعمل المضخات على الطاقة الكهربائية.

وتابع الخبير بأنّ تلك المضخات من الممكن أن تعمل أيضاً عن طريق تشغيلها بمادة المازوت، إلا أن “عجزاً حكومياً واضحاً” في تامين الوقود اللازم جعل هذا البديل غير متاح خلال هذه الفترة.

ولم يخف الخبير أنّ هناك جفافاً وشحاً في الأمطار مرت به سوريا بشكل خاص والمنطقة بشكل عام خلال السنوات الأخيرة أدّى إلى قلة في الموارد المائية، واتجه سكان دمشق ريفها إلى  تعبئة خزاناتهم عن طريق صهاريج المياه كما بيّن المصدر وهو ما أدى إلى ارتفاع واضح في أسعار مياه الشرب التي باتت تتحكم فيها “مافيات قائمة بحد ذاتها”.

المياه وأزمة تأمينها

ومن جانبها، دقت حكومة النظام ناقوس الخطر، واعترفت بأنّ تأمين المياه تحول إلى أزمة على لسان المدير العام للمؤسسة العامة للمياه والصرف الصحي بدمشق وريفها حيث قال لإحدى الصحف المرتبطة بالنظام “إنّ هنالك مشكلة حقيقية في تأمين المياه لدمشق وريفها، مع اختلاف الوضع بين منطقة وأخرى”، مشيراً إلى أنَّ المؤسسة في تواصل دائم مع وزارة الموارد المائية لحل هذه المشكلات، وأرجع السبب إلى انقطاع التيار الكهربائي المتكرر.

وبيّن المدير العام أنّ ما يقارب 70-80% من مدينة دمشق تشرب مياه بالإسالة من نبع الفيجة دون عملية ضخ نظراً للانقطاعات الطويلة في الكهرباء وعدم توفر الوقود لتشغيل تلك المضخات.

مشكلة تؤرق أهالي دمشق

 

أما السكان فقد ضاقوا ذرعاً بهذه المشكلة، وهو ما ترافق مع ازدياد خوفهم من تفاقمها، حيث أكدت أم فادي القاطنة في حي القصور أنّ مشكلة المياه باتت تؤرق أهالي المدينة، ولجأ معظمهم إلى تزويد منزلهم بخزانات إضافية من أجل تخزين أكبر كمية من المياه عند وصولها إلى المنازل.

ولفتت أم فادي بأنّ ضخ المياه للمنازل بات ضعيفاً جداً لدرجة أنها لاتصل في كثير من الأحيان إلى الطوابق العلوية، وهو ما جعل السكان يلجؤون إلى تركيب “موتورات” كهربائية لضخ المياه.

وهو ما أكده أيضاً عدنان القاطن في حي التجارة، والذي بيّن بأنه بات كثيراً ما يلجأ لتعبئة خزان منزله بواسطة صهاريج المياه التي تتجول بكثافة في العاصمة، مشيراً إلى أن هذه الأزمة رفعت من أسعار المياه حيث تجاوزت تسعيرة تعبئة المياه من الصهريج 125 ل.س للبرميل الواحد الذي يعادل 200 ليتر مياه.

وللريف وضع أسوأ

أما بالنسبة لريف دمشق فأوضاعها أصعب من دمشق، على اعتبار أن المياه ممكن أن تصل إلى المدينة ساعات قليلة في اليوم الواحد، إلا أنها تنقطع عدّة أيام متتالية في الريف كمناطق جرمانا والدويلعة وقدسيا.

وهنا بينت غادة القاطنة في بلدة جرمانا بأن المياه تصل إلى المنازل ثلاثة مرات أو مرتين في الأسبوع فقط، حيث استمر هذا الوضع منذ عدة أشهر، ولفتت أن مياه الصهاريج باتت الملجأ الوحيد لهم.

ويصل سعر برميل المياه من الصهريج في جرمانا كما تابعت غادة إلى 135 ل.س، وهي مياه غير صالحة للشرب طبعاً، أي أنّ الخزان الذي تصل سعته إلى 10 براميل باتت تكلفة تعبئته تصل إلى 1350 ل.س، مشيرة إلى ضرورة التدخل الفوري من قبل للجهات المعنية من أجل هذه الأزمة سريعاً.

ولعل تداعيات انقطاع المياه في محافظة دمشق كان له آثاره الواضحة على ارتفاع أسعار المياه المعبئة الصالحة في الشرب، التي ارتفع ثمنها بشكل واضح.

وأوضح أحد المواطنين في هذا الإطار بأنّ سعر صندوق مياه الشرب الذي يضم ستة عبوات سعة الواحدة ليتر كان يترواح سابقاً بين 190 إلى 200 ل.س، في حين أنه سعره وصل اليوم ما بين 260 إلى 280 ل.س.

أما بالنسبة لسعر ذات الصندوق من باعة الجملة فكان يباع حسب المصدر بـ 70 ل.س ليصل اليوم إلى 100 ل.س.

وعود الحكومة

ولعل هذه الأزمة التي أرخت بظلالها على حياة المواطنين اليومية، إنما تقابلها حكومة النظام بإطلاق الوعود، حيث أشار مدير المؤسسة العامة لمياه الشرب في دمشق وريفها إلى  أنّ المؤسسة ستبذل قصارى جهدها لتأمين مياه الشرب في شبكة دمشق وريفها على مدار الساعة خلال شهر رمضان المبارك، وبين بأنّ المؤسسة ستتخذ الإجراءات الكفيلة لعدم انقطاع المياه عن الاحياء بسبب الكهرباء، “والتي تشكل العائق الوحيد في سبيل ايصال المياه للمشتركين”.

يذكر أن الهطل المطري لهذا العام وحسب مصادر من حكومة النظام اعتبر الأسوأ منذ 96 عاماً، حيث أشار المصدر إلى أنّ  العام الحالي يعتبر الأسوأ للهطل المطري على حوض الفيجة منذ 1996 وهو ما وصفه بالكارثة المائية الحقيقية التي تهدد دمشق.

 

 

 

 

 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.