“الواتس آب” وسيلة تواصل المقاتلين في جوبر مع ذويهم في الخارج .. والأمان بـ”الزواج المبكر”

“الواتس آب” وسيلة تواصل المقاتلين في جوبر مع ذويهم في الخارج .. والأمان بـ”الزواج المبكر”

Attack in Aleppo

سمر مهنا

أعمارهم بين التسعة عشر عاماً والخامسة والعشرين، منهم من لم يرى عائلته منذ ثلاث سنوات، والأكثر حظاً منهم كان آخر لقاء له مع ذويه منذ سبعة أشهر، يرابطون في جوبر فهم “مقاتلون”، هذه المهنة أو القضية التي لم يتوقعوا قبل 3 سنوات ونيف امتهانها أو اعتناقها، هم خمسة مقاتلين استطعنا التواصل معهم عبر برنامج “واتس آب”، وهم في إحدى جلساتهم المسائية التي يخصّصونها كل يوم للتواصل مع الأهل أو الحياة عبر.

محمود هو أحدهم، يبلغ من العمر تسعة عشر عاماً، يرابط في جوبر وحيداً بعيداً عن أهله الذين نزحوا من المنطقة قبل عام نتيجة القصف والعمليات العسكرية التي تشهدها، وهو الآن يغسل ملابسه بمفرده، ويتقاسم مع أصدقائه القليل من الطعام بسبب الحصار المطبق على المنطقة من قبل قوات النظام.

المجموعة التي أنشأها محمود وعائلته المقيمة في لبنان على برنامج “الواتس آب” في الجوال لتبادل الاخبار والأحاديث فيما بينهم مساءً، هي الخيط الوحيد الذي يربطه مع العالم الخارجي والذي يجعله يشعر بدفئ العائلة التي يفتقدها من زمن طويل، لكنه على حد قوله مازال يشعر بالفراغ في داخله والذي دفعه للتفكير بالزواج على الرغم من صغر سنه، لكن عائلته وقفت في وجه هذا القرار.

كل مايلزم محمود وأصدقائه لسماع صوت أهلهم هو الضغط على زر التسجيل في الجوال وإرسال مقطع صوتي صغير ليستقبلوا مقطعاً آخرَ من ذويهم، بما يشبه الأحاديث اليومية التي كانت تقوم بينهم وجهاً لوجه سابقاً، إلا أنها الآن يتخللها الكثير من مشاعر القلق والحنين والأخبار المتوترة.

أصغر مقاتل “متزوج” بينهم بعمر العشرين، تزوج من فتاة بعمر الـ14 عاماً قبل خروج أهله من المنطقة، وهو الآن يتدبر أمور حياته بصعوبة بمساعدة الحوالات المالية التي يرسلها أخوته له كل شهر، “ولولا هذه الحوالات لكانت أموره بالويل” كما يقول، وعندما سألناهم فيما إذا كانت فكرة الزواج تعوض عن الأهل قالوا لنا “لاشيء يعوض عن العائلة”.

يقول محمود على الرغم من انتشار الزواج المبكر في منطقتنا قبل الثور، لكن لم يكن عمر “العشرين” هو المناسب لزواج الشاب بل كان “الخامسة والعشرين” وما فوق، أما الآن فأصبحنا نفكر بهذا الموضوع لأجل الإحساس بالأمان العائلي وللحصول على شريك في الحياة.

أما التسلية التي يقومون بها عندما لا يكونون على الجبهة فهي شرب كأس من الشاي مساءً، وتبادل الأحاديث التي تكون غالباً بحسب محمود عن الأوضاع في الجبهات وعن الشهداء، وما يحصل من سرقات وتجاوزات من قبل بعض القادة.

لمحمود وأصدقائه موعد شبه يومي مع تشييع شهيد دون أن يعرفوا من سيكون دوره فيما بعد، لكنهم يأملون بـ”النصر” وأن يعودوا إلى حياتهم السابقة التي فقدوها بعد الثورة.

يقول محمود عندما خرجت المظاهرات في منطقتنا في بدياة الثورة أخبروا أهلي أن شاباً مزق صورة بشار الأسد في المظاهرة ليتفاجأوا فيما بعد أنني كنت هذا الشخص، وجن جنونهم.

ينتهي حديث محمود وأصدقائه مع ذويهم بشكل مفاجئ دائماً عندما يتعطل الاتصال عبر الإنترنت بعد ساعتين فقط، “ليستا كافيتين للتعويض عن وجود العائلة الحقيقي.. لكن الواتس آب أفضل الموجود”، وذلك بحسب محمود الذي لم يلق بالاً لإماكانية أن يكون النظام يراقب هذه المحادثات.

 

 

 

 

 

 

 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.