حلب عطش

 

آنطوني ليك، الـ CNN 18 تشرين الثاني 2014.

ترجمة موقع الحل السوري.

 

ملاحظة المحرر: آنطوني ليك هو المدير التنفيذي لليونيسيف، وكان مستشاراً للأمن القومي في عهد الرئيس بيل كلينتون، ومديراً لتخطيط السياسات في حكومة الرئيس كارتر. والآراء التي أبدت في هذه المقاله هي وجهات نظرهِ.

 

(CNN) – يُراقب الأطفال الذين يعيشون في مدينة حلب السورية السماء، ليس لاقتراب بوادر حلول الشتاء، رغم أن الرياح الباردة تهبّ بالفعل، إنما من أجل البراميل المتفجّرة وقذائف الهاون التي يدركون أنها لن تميّز بين الأهداف العسكرية ومنازل عائلاتهم.

من الصعب أن تكون طفلاً – أو أن تكون قد عشت طفولتك – في حلب.

يطول الدعاء للحفظ من التشرّد والتعرض للخطر. فقد حوّلت الهجمات العشوائية كامل الأحياء إلى حطام. ويعيش – عبر المدينة – أكثر من نصف مليون نازح في ظروفٍ حياتيّة مروّعة، يكافحون بشكلٍ يومي لإيجاد مياه آمنة صالحة للشرب، أولإيجاد الطعام الكافي لتغذية أطفالهم، أوالوقود، أو حتى مكاناً دافئاً للنوم. معظم المستشفيات مغلقة، ومعظم الأطباء وممتهني الصحة إما قد قُتلوا أو أُجبروا على الفرار أو أنهم غير قادرين على الذهاب إلى العمل. وقد أدى انقطاع برامج التلقيح إلى ترك عشرات الآلاف من الأطفال أكثرعرضةً للإصابة بالأمراض.

أدّى خطر التعرّض للهجمات إلى دفع بعض الأطفال للاختفاء في قاعات الدروس المؤقّتة — بينما يتعلّم آخرون في دكاكين محوّلة، أو في المساجد، أو حتى في البنايات الفارغة __ هذا إذا ماكانوا محظوظين كفايةً في الذهاب إلى المدرسة.

أصبح الوضع في حلب على هذا الحال لأكثر من سنتين. وبينما تبقى بعض الأجزاء من المدينة تعيش هدوءً نسبياً، فإن العنف المتزايد في الأشهر الماضية أعطى نذير شؤمٍ بأن الأيام القادمة أسوأ.

رغم كل هذا، فإن حلب ليست مكاناً بدون أمل، حيث فيها استمرار. وصل جهد المجتمعات والسلطات المحلّية والعاملين في المجال الإنساني عبر المدينة إلى بعض الأطفال والعائلات المحتاجة. ففي الأشهر الأخيرة الماضية، أصبح بإمكان قوافل الأمم المتحدة، بما في ذلك تلك التي تقودها اليونيسيف، أن تعبر خطوط النزاع، حاملين معهم الإمدادات الحيوية لمساعدة الأطفال الذين يعانون من نقص التغذية والعمل على زيادة توفر الماء الآمن، وتحسين الصرف الصحي.

نحن نبذل كل ما بوسعنا للوصول _ في المناطق المتضرّرة بشكل شديد _ إلى أكثر المتضررين، للوصول بالأغذية العلاجية ومخزون مياه الشرب النقيّة والألبسة الدافئة والتجهيزات المدرسية والكتب الدراسية وتقديم المساعدات الحيوية الأخرى إلى الأطفال والعائلات في حلب، حمص ودير الزور، بينما يحل الشتاء.

نحن ندرك بشدّة، طبعاً، أن تلك المساعدات ليست كافية. ولا حتى قريبة من أن تكون كافية، عندما يكون هناك بحدود مليوني شخص في المدينة المضطربة، في حلب وحدها – من ضمنهم 250 ألفاً من الأطفال والعائلات الذين تُقطع عنهم المساعدات الإنسانية المنتظمة. وفي الوقت ذاته فإنه لا يمكننا الوصول إلى مئاتٍ من آلاف الأطفال في ريف دمشق بسبب القتال والحصار. وأصغر الأطفال في البلد لا يعرفون شيءً سوى الحرب، والمراهقون في سن الرشد يعيشون في حاضر النزاع.

الحقيقة هي أن جيل أطفال سوريا بأكمله في خطر، ليس فقط بسبب العنف بحد ذاته، إنما بسبب الحاجة للتعليم والحماية والدعم العاطفي لمساعدتهم بالتغلّب على الصدمة، حيث مضى عليهم وهم يعانون لمدة أربع سنوات تقريباً من الوحشيّة. كيف سيكون لديهم الرغبة والقدرة على إعادة بناء بلدهم في يومٍ من الأيام بدون هذه الضروريات الأساسية؟

يجب علينا الوصول لهؤلاء الأطفال، ليس فقط من أجل الدعم الخيري الذي يمكنه أن يحسن حالهم هذه الأيام، إنما من أجل الأمل أن الغد يمكن أن يساعدهم في البقاء أحياء. إنها رسالة تذكير من أجل الأطفال الذين سُرقوا من كل شيء تقريباً، لم ننساكم، مستقبلكم يهُمّنا.

وفي نهاية المطاف، إن الحلول السياسية هي الحلول الوحيدة لحلب، ولسوريا والمنطقة. ولكن في هذه الأثناء، يحتاج أطفال حلب للحماية الآن، ونحتاج الآن وبشكلٍ غير مشروط لوصول المساعدات الإنسانية بدون قيود ومن جميع الأطراف قبل سقوط برميل آخر أو قذيفة.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.