أكراد

هشام سراج الدين

لا تختلف حياة الأكراد تحت ظل سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) عن حياة بقية السوريين المقيمين في مناطق سيطرته، فهم يعيشون  التفاصيل التي يعيشها السوريون جميعاً، لكنّ الأحداث الأخيرة في كوباني (عين العرب)، واتجاه بعض التيارات السياسية و العسكرية الكردية نحو مشروع الحكم الذاتي للمناطق ذات الغالبية الكردية أدى لتغير “المزاج الشعبي” من قبل أبناء المناطق الشمالية من العرب نوعاً ما، “وخلق نوعاً من الحساسية، واستثمر التنظيم هذا الوضع” وفق ناشطين من المنطقة.

استغل تنظيم الدولة ذلك أثناء اقتحامه تل حاصل قرب السفيرة وكذلك قباسين قرب الباب في منتصف عام 2013م، حيث قام بمصادرة السلاح الموجود مع مقاتلين أكراد هناك،  كما ساعدت فصائل من قوات المعارضة تنظيم الدولة الإسلامية على حصار عفرين وقراها، من منطلق أن هناك حالة “تلاقي بين بعض التنظيمات الكردية وبين النظام”، وانطلاقاً أيضاً من مقولة تسود في بعض مناطق الشمال مفادها أن عفرين “لم تشهد حراكاً ثورياً كالذي شهدته المناطق الكردية الأخرى كالقامشلي وكوباني”، يقول الناشط المدني جوان من عفرين: “لم تشهد عفرين مظاهرات منددة بالنظام ومؤيدة للثورة كبقية المناطق الكردية بسبب سيطرة حزب العمال عليها، حيث لاحق الناشطين منذ الأيام الأولى”.

وولد توجه بعض الأحزاب الكردية القومي عداوةً أخرى مع تنظيم الدولة الإسلامية، والذي يحارب أي توجه لا ديني، فالتنظيم “لا يؤمن بالحالة الوطنية السورية أو العراقية أو العربية أو الكردية”، يقول المحامي محمود ح من ريف حلب الشرقي “التنظيم لا يختلف عن البعث شيئاً في تهميش الكرد، فالبعث حاول محوهم عبر صهرهم بالقومية العربية، وداعش يحاول محوهم باسم الدين”.

يختلط المكونان القوميان العربي والكردي في الشمال السوري، فتضم معظم القرى مواطنين من القوميتين، لكن تلعرن وتل حاصل كانتا أول المناطق التي فيها مكون كردي تخضع لسيطرة التنظيم، ثم جرابلس تليها قباسين وبعض القرى المجاورة لمدينة الباب، وكلها تقريباً مناطق خضعت لسيطرة التنظيم بشكل مبكر عند انتقال حكم تلك المناطق من جبهة النصرة إلى تنظيم الدولة الإسلامية.

وكانت المعارك الأوضح بين تنظيم الدولة الإسلامية والفصائل الكردية في كوباني، والتي خضعت بعض المناطق المحيطة بها لسيطرة التنظيم، في حين ولم يستطع حتى الآن السيطرة على المناطق الكردية في ريف الحسكة.

يجد تنظيم الدولة الإسلامية في حربه على كوباني بأنه يواجه مجموعة من الأعداء متمثلين في “التحالف، الأسد، حزب العمال، الجيش الحر” فالتنظيم يتهم القوات الكردية بالإلحاد والكفر، ويتهم الجيش الحر بالردة، ويعامل التنظيم الأكراد الموجودين في المناطق التي يسيطر عليها على قدم المساواة مع العرب، فالولاء والانتماء عند التنظيم يقوم على أساس الدين الإسلامي، ويصرّح قادة التنظيم أنّ حربهم ضد الأحزاب وليس الشعب، فقال خطيب التنظيم عندما دخل مدينة أخترين “الدولة الإسلامية اليوم تقاتل البشمركة في العراق ليس لأنهم أكراد، وإنما نقاتلهم لأنهم كفار، مرقوا عن دين الله عز وجل، وارتدوا عن دينه بدعوتهم العلمانية الديمقراطية، ودعوا إلي حزب علماني يكفر بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد صلي الله عليه وسلم نبيا”.

ودفعت مسألة الولاء والبراء (الانتماء والحب والموالاة على أساس الإسلام ) عدداً من الكرد لمبايعة التنظيم أسوةً بالعرب المبايعين، ورغم ذلك فإنَّ نسبة الكرد المنتسبين لصفوف التنظيم ما زالت قليلة جداً مقارنة بالمكون العربي، وخاصة بعد أحداث عين العرب التي انعكست سلباً على علاقة التنظيم بالكرد، فقد قام التنظيم بحملة اعتقالات بحق الأكراد في المناطق الخاضعة لسيطرته، ففي مدينة منبج مثلا اعتقل التنظيم أكثر من 200 كردي مع بداية معارك كوباني (عين العرب) كما أعتقل 140 طالباً كردياً كانوا متجهين إلى مدينة حلب لتقديم امتحان شهادة التعليم الأساسي.

وعمل التنظيم على إثبات حسن نيته نحو المكون الكردي من خلال سماحه للأكراد النازحين عن قراهم بالعودة إليها، حيث ادعى أنّ قوات الحماية الكردية خدعتهم وكذبت عليهم لاستثمار نزوحهم إعلامياً، يقول أبو همام من التنظيم “الدولة الإسلامية لا تفرّق بين عربي وكردي وشركسي، وقتالنا لحزب العمال الملحد كقتالنا للجيش الحر المرتد، فنحن نقاتل كل من يعادي الإسلام، ومشروع الخلافة الإسلامية سواء أكان كردياً أو عربياً”.

 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.