مخيمات لاجئين

“من المخزي أن تُهدّد خطة تأمين فرص التعليم للأطفال اللاجئين والفقراء بسبب نقص الأموال”.

غوردن براون، الغارديان، 20 كانون الثاني 2014.

ترجمة موقع الحل السوري.

 

وادٍ بعد وادٍ مكونٍ من خيم الخيش المكسوّة بالثلوج. درجات الحرارة تنخفض إلى ما دون الصفر. المنظر العام يظهر وكأنه سيبيريا، لكن الحقيقة مختلفة كلياً. إنها لبنان، وآخر ما كانت تحتاجه هذه الأمّة هو فصل شتاء استثنائي.

تُبرز مأساة وفاة طفل بعمر ستة سنوات، والذي تجمّد حتى الموت في ثلوج الأسبوع الماضي الكثيفة، تبرز مأساة 465000 طفل سوري لاجئ، والذين فرّوا هاربين إلى لبنان، ولا يزالون معدمين في ظل الفشل السريع لخطط تزويدهم بالغذاء والتعليم، ذلك بسبب قلّة الموارد المالية.

الولد، الذي ينحدر من عائلة مكونة من ثلاثة أفراد، والذي مات مع والده بينما كانوا يعبرون من سوريا إلى لبنان، لم يتوفَّ بسبب الرصاص، إنما ببساطة لأنه كان ضعيفاً جداً لكي ينجو من العاصفة الثلجية التي ضربتهم خلال رحلتهم الجبلية المحفوفة بالمخاطر. وبعد مضي أربعة أيام فقط توفيت أم سورية لطفلتين، بعمر الـ 48، من البرد في داخل خيمتها غير المدفّأة في بعلبك. ووفق ما أُفيد، فإن ابنتيها اليافعتين اللتين نجتا من درجات الحرارة القصوى أُخِذتا بالفعل من قبل عائلة لبنانية. إن هذه العاصفة الشتوية، والمسمّاة زينة، اجتلبت شكلاً جديداً من الأسى إلى بلدٍ ألِفَ _جداً_ جميع أشكال المآسي والآلام الإنسانية.

“الأطفال متجمّدون وجياع”، أخبرني إياها لاجئ سوري يائس، والذي أوضح أنه قد تم قطع الحصص الغذائية، وأن المأوى هناك بقي مؤقّتاً، وأن الوعود بأماكن للمدرسة من أجل الأطفال قد تبخّرت. والأمر الذي لا يُصدق هو أنه وخلال هذه الثلوج الشتائية، لا يزال العديد من الأطفال يرتدون صنادل مفتوحة في أقدامهم، وليست لديهم ملابس دافئة ومناسبة. لا أحد كان يعتقد حقاً أن هذا سيكون آخر شتاء لهم يقضونه كلاجئين.

وزّعت اليونيسيف وشركائها في أربعة أسابيع فقط 70000 حقيبة تحتوي تجهيزات شتائية من ضمنها ملابس لمساعدة الأطفال على البقاء دافئين. ولكن نظراً للعاصفة الثلجية الأخيرة، شلّت الطرق الرئيسية والطرق السريعة، ما أدى لإعاقة وصول شاحنات النقل والوحدات الطبية المتنقّلة إلى المناطق المتضررة بشكل كبير. ولكن الحل طويل المدى والتمويل الآن في حالة حرجة.

وبالزيادة فقط 7 دولارات في الأسبوع لكل طفل، أي ما يعادل 163 مليون دولار بالمجمل، هو الحاجة الملحّة للصندوق لتزويده بالمال الذي سيؤكد أن كل واحد من اللاجئين السوريين والفلسطينيين قد أصبح لديهم أماكن للدراسة في لبنان بنظام الفترتين الدراسيتين، وخطة تعليم غير رسمية، مقبولة من قبل الحكومة اللبنانية والمدعومة من قبل المنظمات الدولية. لكن المشروع القائم بالعمل لم يستلم التمويل الكامل الذي يحتاجه حتى الآن.

سوف ألتقي اليوم وزير التربية اللبناني الذي عرضت حكومته بسخاء تقديم أماكن للدراسة من أجل اللاجئين السوريين، ذلك في حال وجد المال اللازم للتمويل وإيصالهم إلى المدرسة.

على الرغم من كرم العديد من هيئات الإغاثة الدولية، إلا أنه لم يُجمع حتى الآن سوى 100 مليون دولار من المبلغ الكلي المطلوب والبالغ 263 مليون دولار. قريباً جداً سنحتاج أكثر: يُخمّن بأن عدد أطفال سوريا اللاجئين الذين تتراوح أعمارهم بين 3 – 18 عاماً سوف يرتفع ليصل إلى 655000. وقد انضم إليهم أكثر من 50000 من اللاجئين الفلسطينيين الذين يبحثون عن أماكن للمدارس، بالإضافة إلى 40000 من الأطفال اللبنانيين الذين هم حالياً بدون تدريس.

عدة آلاف من الأطفال الآن قد ابتعدوا عن المدرسة لعدة سنوات _ ما يجعل الوضع أسوأ _ يعيشون في أشباه مساكن، ويعملون في الحقول، ويُجبرون من قبل الآباء والعائلة على التسوّل، وهم يواجهون خطر أسوأ شكل من أشكال عمالة الأطفال، يتم استغلالهم وجرّهم لينضموا إلى العصابات والنشاطات الفدائية.

تدخل مأساة اللاجئين، وبسرعة، قائمة أكبر الكوارث الإنسانية في العالم منذ عام 1945، ذلك بوجود ستة ملايين نازح سوري الآن، وإن أكثر المتأثرين بهذه المأساة وبشدّة هم الأطفال. نصف عدد اللاجئين السوريين المسجلين لدى المندوب السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR) هم تقريباً ما دون سن الـ 18 عاماً، وينبغي أن يحصلوا على حقّهم في الحصول على التعليم الذي تضمنه لهم اتفاقية حقوق الطفل.

غالباً ما يكون السبب في عدم توفير المساعدات وعدم تخفيف المعاناة أنه من المستحيل تسليم المساعدات الإنسانية في حالة الطوارئ، كما أن الفوضى تجعل التنسيق صعباً جداً. ولكن في حالة المساعدات الإنسانية المتعلقة بالتعليم، فكان هناك تقليل من شأن وأهمية الموضوع على المدى الطويل: وتشكل قيمته فقط 2 % من ميزانية المساعدات الدولية. ومن المخزي أنه توجد خطة من شأنها مساعدة كل الأطفال المغتربين _ في حالة الأزمة السورية الحالية في لبنان _ ولكننا لا نملك المساعدات الدولية الكافية لتنفيذ تلك الخطة.

تُلزم الخطة كل من الحكومة والأطراف المشتركة بتوفير فرصة الوصول إلى تعليم خاص في بيئة آمنة ومحمية بحلول عام 2016، ذلك من أجل 470000 طفل سوري في عمر المدرسة (الأعمار المتراوحة بين 3 أعوام و 18 عاماً ) المتأثرين بالأزمة السورية، بالإضافة إلى الأطفال اللبنانيين الفقراء.

ولكن، فإن فشلنا في تنفيذ هذه الخطة حتى الآن يعني أن الأطفال متواجدون في الشوارع، ضعفاء، غير آمنين، ويواجهون المخاطر، وليس لديهم أمل. ومن المحزن أن البعض منهم قد واجهوا عمالة الأطفال، وبعض الفتيات قد أصبحن عرائس وهنّ طفلات، والبعض وبشكل مؤسف جُنّدوا في منظمات تابعة لجماعات متشدّدة. لقد خضع الكثير منهم للاستغلال وسوء المعاملة.

خلال العام الدراسي 2013 – 2014، تلقى 229000 طفل الدعم للحصول على التعليم، ذلك من أصل 619100 طفل بحاجة لذلك الدعم. وبقي ما يقدر بـ 390100 طفل متخلفين عن المدارس، والذين يشكل 300000 منهم لاجئين سوريين مسجلين لدى UNHCR. تمّ _ بالإضافة إلى ذلك _ مساعدة 141000 طفل على الانخراط في التعليم الرسمي (تلقى 90000 من الأطفال السوريين المسجلين كلاجئين لدى UNHCR الدعم من خلال دفع رسوم التسجيل، ودُعِم 44700 من اللبنانيين الفقراء من خلال التبرع للوالدين، وحضر 6300 لاجئ فلسطيني من سوريا في مدارس تديرها الأونروا في لبنان). تم تجديد 99 مدرسة من أجل زيادة قدرة استيعاب القاعات الدراسية _ من خلال تحسين ظروف المدرسة وتوفير مرافق صحية للفتيات والفتيان _ استفاد 2500 من المدرّسين اللبنانيين من النمو المهني. وازداد الاهتمام بالدعم النفسي في المراكز التعليمية والمدارس ذلك من أجل الاهتمام بما يقارب 55000 طفل مصابين بالصدمة جراء النزاع.

والآن تُجرى إحصائية رسمية للأمم المتحدة لتظهر أن الجهود الدولية تعني أن يلتحق بنجاح 45000 طفل من سوريا بمدارس تعمل بنظام الفترتين الدراسيتين، ولكن 71 % من النازحين السوريين لم يذهبوا إلى المدارس أبداً، وهؤلاء الذين سُجّلوا هم في مرحلة التعليم الأساسي، والقليل جداً يذهبون لمدارس ثانوية (حوالي 3000 فقط). ما يزال الكثيرون بدون مدارس.

لذلك، من الضروري أن نحصل خلال الأيام القليلة القادمة وبسرعة على ضمان بـ 100 مليون دولار، ورفع الإضافي المقدر بـ 163 مليون دولار والذي يشكل حاجة مطلوبة. سوف نطلب من كل وكالات الإغاثة ومن دول الشرق الأوسط أن يبذلوا المزيد من الجهود. عندما ترى مأساة يمكن تجنبها يكون حينها قد حان الوقت لكي تتصرف.

 

 

 

 

 

 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.