رامز أنطاكي – بيروت

منذ مطلع العام الحالي وبطاقة الإقامة صارت هماً لمعظم السوريين في #لبنان، فعقب قرار المديرية العامة للأمن العام اللبنانية حينها بات شروط دخول السوريين إلى لبنان وتجديد أوراق إقامتهم فيه تزداد صعوبة يوماً بعد يوم، دون أن تبدو ملامح انفراج قريب لهذا المأزق الذي أودى بأعداد كبيرة من هؤلاء #اللاجئين إلى البقاء في لبنان دون أوراق اقامة رسمية صالحة في مخالفة صريحة لكن اضطرارية للقانون اللبناني.

 

هذه المخالفات المتزايدة تجعل من تفكير اللاجئين نحو الخوف من ترجيلهم القسري إلى #سوريا في حال تم كشف أمرهم، وهو الأمر الذي يعد كارثياً عليهم، إذ أن عدداً لا يستهان به منهم مطلوبون إما أمنياً بسبب توجهاتهم المعارضة للنظام في بلدهم، أو لأداء الخدمة العسكرية على جبهات مشتعلة يتساقط عليها جنود جيش النظام بالعشرات يومياً، بالإضافة إلى أن قسماً آخر من هؤلاء اللاجئين لم يبقى لديهم بيوت أو مساكن للعودة إليها بعد أن دمرت جراء القصف والعمليات العسكرية الجارية.

فيما هو أكيد ومعلن هناك حالتان فقط قامت فيها السلطات اللبنانية بتسليم أو ترحيل مواطنين سوريين إلى سوريا، الحالة الأولى في أيار 2011 كانت لجنود في جيش النظام وصلوا إلى الأراضي اللبنانية إما هرباً من مسلحي المعارضة، أو إثر انشقاقهم عن الجيش لرفضهم اطلاق النار تجاه المدنيين في منطقة #تل_كلخ الحدودية، إذ تتعدد الروايات حول سبب وصولهم إلى الأراضي اللبنانية وهم بالتحديد 3 جنود مصابين بالإضافة إلى جثة زميلهم الرابع، وقد أعلن #الجيش_اللبناني حينها أنهم أعيدوا إلى الأراضي السورية بعد التأكد من رغبتهم في ذلك بواسطة #الصليب_الأحمر الدولي.

الحالة الثانية في آب 2012 كانت بحسب بعض الروايات ترحيلاً لـ 14 ناشطاً سورياً إلى بلدهم 4 منهم على الأقل أبدوا خوفاً على حياتهم وحريتهم في حال عودتهم إلى سوريا، وقد لقي هذا الترحيل استنكاراً من دول عديدة على رأسها #الولايات_المتحدة حينها، لكن بياناً للمديرية العامة للأمن العام اللبناني إثر الترحيل قال “أن أي قرار يقضي بترحيل رعايا سوريين أو عرب أو أجانب، هو قرار مبني على ملفات قضائية وأمنية تلتزم المعايير التي نصت عليها اتفاقيات ومعاهدات إقليمية ودولية، ويستثنى من هؤلاء من يثبت أنه قد يتعرض للخطر في بلاده إذا تم ترحيله، وهذه الإجراءات الخاصة بالرعايا السوريين بوشر العمل بها منذ بدء الأحداث الأليمة في بلادهم”، مؤكداً أن الترحيل استند إلى أفعال جرمية ومخالفات قانونية ارتكبت على الأراضي اللبنانية.

يعتبر بعض المتابعين من حقوقيين لبنانيين وناشطين سوريين أن حادثة الترحيل هذه وما أثارته من ضجة إعلامية واستنكار أفرزت قراراً سياسياً بعدم جواز تسليم المواطنين السوريين إلى السلطات السورية، وحتى بعد قرار الأمن العام مطلع السنة صدر تصريح لوزير الداخلية والبلديات اللبناني نهاد المشنوق يؤكد فيه “عدم ترحيل أي سوري لاجئ أو مواطن سوري عن لبنان”، لكن واقع الحال كما يراه اللاجئون السوريون أنفسهم يقول أن لا قرار بالترحيل لكن هناك قرار بالـ “تطفيش” أي الدفع إلى المغادرة بحسب أحد هؤلاء اللاجئين، لكن بحسب مصدر في الأمن العام اللبناني لا يرحل أحد من السوريين المقيمين في لبنان ولو أوقف بسبب مخالفته لقانون الإقامة وعدم حيازته على بطاقة إقامة سارية الصلاحية، فيصار في هذه الحالة إلى اطلاق الشخص المعني ومنحه فرصة لتسوية أوضاعه القانونية لجهة الاقامة في لبنان.

ما يخيف السوريين المخالفين لقانون الإقامة عادة هو حواجز الجيش والقوى الأمنية اللبنانية التي تدقق في أوراق العابرين، وبحسب جلال نصر الدين فإن حواجز الجيش اللبناني لا تشكل قلقاً لديه رغم عدم حيازته على بطاقة اقامة، إذ يكتفي العناصر المولجين بمثل هذه الحواجز بإيقافه جانباً والتأكد من أنه غير مطلوب أمنياً لجرم ما، وثم اطلاقه مع إعلامه بضرورة تسوية أوضاعه القانونية، أما حواجز الأمن العام فهي التي يحاول نصر الدين تجنبها قدر الامكان إذ قد ينتهي به الأمر غالباً موقفاً لعدة أيام في ظروف كثيراً ما تكون غير مناسبة.

من جهة أخرى يضطر البعض إلى السفر عائدين إلى سوريا أو إلى بلد ثالث، بعد أن يكونوا قد أقاموا لفترة في لبناني على نحو مخالف لقانون الإقامة وهذا ما يعرضهم إلى منعهم من دخول الأراضي اللبنانية لمدة عادة ما تكون سنة واحدة، وفي حالات تبدو متزايدة هذا العام يتعرض أشخاص معينون يجمعهم نشاطهم غير المؤيد للنظام السوري إلى “طلب مغادرة” يعلمهم به الأمن العام يوجب مغادرتهم الأراضي اللبنانية خلال مهلة قد تصل إلى شهر، ويمكن طبعاً في هذه الحالة التمنع عن المغادرة لكن يصير من الضروري للشخص المعني العيش على نحو خاص لجهة تجنب حواجز الجيش والقوى الأمنية تجنباً تاماً، وتغيير عنوان السكن على نحو دوري كما إشراك الأصدقاء والمعارف في التستر على هذه الشخص خوفاً من كشف أمره.

أحد الشبان اللبنانيين المهتمين بحقوق الإنسان يقول أن ممارسة قديمة للأمن العام اللبناني كانت تقضي باحتجاز تعسفي طويل المدة لمواطنين من حملة الجنسية السودانية والعراقية وغيرها، بهدف دفعهم إلى طلب العودة إلى بلدانهم أو الضغط على مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة بهدف إعادة توطين هؤلاء المحتجزين، وبالتالي يبدو الأمر من الجهة القانونية رحيلاً طوعياً لا ترحيلاً قسرياً، وهذه الممارسة لا يبدو حتى الآن أنها قد طبقت بحق اللاجئين السوريين في لبنان، إذ لا دلائل جدية يعتد بها على حدوثها.

نعم لا ترحيل قسري للسورين من لبنان، لكن أوضاعهم القانونية تزداد سوء يوماً بعد يوم، وهو أمر يبدو أنه مستند لقرار غير معلن يهدف إلى تقليص عدد السوريين في لبنان عبر حرمانهم من حقهم في الحصول على أوراق إقامة رسمية صحيحة وما يستتبع هذه الاقامة من حقوق كالطبابة والتعلم وربما فتح حساب مصرفي أو غيره… في المحصلة يقول أنور الذي ينتظر دوره في محاولة أخيرة منه لتجديد بطاقة إقامته على مدخل أحد مراكز الأمن العام في بيروت: “نعم هم لن يصدروا قراراً بترحيلي، بل سيدفعونني دفعاً إلى اتخاذ قرار مماثل بنفسي”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.