أحرار الشام ليست المجموعة المعارضة المعتدلة كما تدّعي

ألكسندر دِسينا، The National Interest، 30 تموز 2015.

 

كانت قيادة #أحرار_الشام – على أية حال – أكثر نجاحاً من نظيرتها #النُصرة في تقديم الوجه الودود للغرب، ففي وقتٍ سابق من هذا الشهر، طَلَبَ لبيب النحّاس _ مسؤول العلاقات السياسية للحركة _ من #واشنطن أن “توجّه أنظارها ” نحو أحرار الشام كخيار ، ذلك من خلال آرائه التي نشرت على الواشنطن بوست والتلغراف، فقد قدّم صورة ملمّعة للحركة: إنهم يؤمنون بضرورة مواجهة #داعش بـ ” بديل سنّي محلّي” ووضع حد لنظام #الأسد المسؤول عن الطائفية في #سوريا. إنهم مؤمنون بـ “مشروع الوحدة الوطنية”، لتمثيل كل السكان في البلاد، وليس فقط السنّة، ومن أجل حماية الأقليات وتطلّعاتهم أيضاً.

يبدو كل هذا جيداً وحسناً، حيث صيغت الخطابات بعناية من أجل الجمهور الغربي، لكن التصريحات لا تمثل أعمال المجموعة التي تقوم بها، والتي ادّعت القيام بغيرها.

إن حركة أحرار الشام كانت وما تزال جماعة متعددة الوجوه منذ تأسيسها عام 2011، وقد نفت الحركة بشكل مستمر أي ارتباط لها بتنظيم #القاعدة، إلا أن العديد من كبار قادتها هم على صلة بالتنظيم، ومن ضمنهم أيمن #الظواهري الذي كان في الوقت ذاته يعمل ضمن جماعة أحرار الشام، إضافة إلى كونه زعيماً للقاعدة وممثلاً لها في المشرق.

صرّحت الجماعة عن نفسها بأنها قوّة سورية محليّة لم تدعُ للنفوذ الأجنبي كما فعل نظام الأسد، ومع ذلك فهي _ بشكل رئيسي _ تدير أعمالها بأموال الخليج، كما ربطت نفسها بمنظمات مثل النُصرة وداعش ومنظمات أخرى تعتمد بشكلٍ كبير على المقاتلين الأجانب. قامت أحرار الشام _ في بعض الأحيان _ بتقديم نفسها كمجرّد حركة إسلامية محافظة وليست متطرفة، تدعو إلى #سوريا المبنية على الوحدة، وحماية أٌقلّيّاتها، في حين تستند على المبادئ الإسلامية. واستخدم قياديّوها في أحيان أخرى خطابات انقسامية موجّهة بشكل خاص إلى الشيعة.

قامت #هيومن_رايتس_ووتش _ علاوة على ذلك _ بتوثيق جماعة أحرار الشام إلى جانب جماعات سلفيّة أخرى اشتركت في الإبادة الجماعية لسكان القرى العلوية التابعة لريف #اللاذقية.. تقول أحرار الشام إنها سوف تقف ضدّ داعش وتحاربها، في حين أعلنت وسائل الإعلام العربية الأسبوع الماضي أن عشرات من محاربي أحرار الشام قاتلوا إلى جانب داعش في مخيم اليرموك للاجئين. لذا فالمجموعة تشكل تجسيداً للازدواجية في الخطابات.

لم يُخطئ النحّاس بل كان على صواب في رواية واحدة، وهي رؤية سوريا تتحلى بنوع من الاستقرار _ وهو الأمر الذي يبدو بعيد المنال _ حيث تحتاج غالبية سوريا السنية أن يكون لديها صوت في دمشق لتتمكن من مواجهة داعش بشكلٍ مجدي.

في الحقيقة، إن استبعاد هذا المجتمع من قبل الأسد في سوريا (وذات الأمر بالنسبة للسنة العراقيين من قبل نوري المالكي) أجّج الطائفية وسهّل صعود داعش إلى المقام الأول. رغم ذلك، فإن دعم جماعة أحرار الشام أو أية جماعات مشابهة ليس هو الحل. فأعمال مثل هذه لا تخفف التوترات الطائفية في البلاد، إنما تؤججها.

ترسّخت تأثيرات التنافس الإيراني الخليجي بعمق في سوريا، ولسوء الحظ لن يتم التخلص منها في وقت قريب. ولا ينبغي على واشنطن أن تأرجح المسألة كرقّاص الساعة، وتحولها من طرف أجنبي إلى آخر. فإذا ما قامت الولايات المتحدة بتهيئة منطقة آمنة _ بشكل واقعي _ مع تركيا، فإنها بذلك سوف تدفع بالرقّاص نحو نهاية دور الخليج، وبالتأكيد نهاية المجموعات غير المعتدلة المدعومة من قبلهم.

المرونة في إظهار أحرار الشام كشريك مقبول، وتدريب مقاتليه وتجييشهم ليس إلا تهوّر وقصر نظر، يجب على الولايات المتحدة أن تسعى لإيجاد طرق تشجّع بها التعاون _ بدلاً من التنافس _ بين إيران ودول الخليج العربي. ويجب على القوات المدعومة من قبل إيران في سوريا أن تُحفّز أو تٌضغط من أجل أن تصبح شاملة للمجتمع السنّي الذي قاموا بإهماله ونبذه. ويجب على دول الخليج بدورها أن تكون محفّزة أو ضاغطة لوقف دعم القوات التي سوف لن تتفاوض مع النظام أبداً، كما يتوجب عليها الحد من دعمها للمجموعات التي لها سيطرة أقل عليها مما تفعله إيران مع حلفائها في سوريا. سوف يكون هذا إنجازاً عظيماً، وأما إمكانية إنجازه على الإطلاق فهذا يتطلّب مناقشة مفصّلة. أما عن الولايات المتحدة في هذه الأثناء فلا ينبغي أن تقوم بسكب البنزين على النار المتأججة.

 

ألكسندر دِسينا  هو باحث في سياسات الولايات المتحدة الأمريكية الخارجية و مشارك في مجلس العلاقات الخارجية.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.