سارة العمر

أسباب كثيرة تجبر مبتوري الأطراف خاصة، وذوي الاحتياجات الخاصة عامة، لمغادرة  #سوريا  إلى الدول المجاورة، أو اللجوء إلى الدول الأوروبية في رحلة محفوفة بالمخاطر وتهدد حياتهم، على أمل الحصول على الرعاية والاهتمام.

 

منظمة “هيومن رايتس ووتش” قالت في تقرير أصدرته مؤخراً،  أن ذوي الاحتياجات الخاصة من السوريين، يواجهون مشاكل تتعلق بالإهمال وعدم المساواة في الحصول على الغذاء والرعاية الصحية بسبب النزاع والنزوح.

ينعدم الأمل

يعد ذوو الاحتياجات الخاصة الحلقة الأضعف في المجتمع السوري، ويعانون من ويلات الحرب أضعاف الأشخاص الأصحاء، فهم بحاجة لرعاية صحية وطبية خاصة، علاوة على المعدات والأجهزة الطبية اللازمة لتخفيف معاناتهم.

الأطراف الاصطناعية هي حلم لكل من  بترت إحدى أطرافه جراء إصابة ما، وتقدر كلفتها بحوالي 500 ألف ليرة سورية، ما يجعلها أمراً شبه مستحيل  بالنسبة للكثيرين ممن هم بحاجتها.

عبد الحي، 23عاماً، بترت ساقاه بعد سقوط قذيفة هاون بالقرب منه، يقول لموقع #الحل_السوري “مع إيماني بقضاء الله وقدره، لكنني تعبت حقاً من فكرة أنني بحاجة للآخرين لمساعدتي حتى في دخول الحمام، أخجل من نفسي عندما تغير والدتي لي ملابسي كأنني طفل صغير، لا أستطيع أن أشتري كرسياً أو أرجلاً صناعية، فنحن بالكاد نستطيع أن نؤمن قوت يومنا”.

من جانب آخر، يندر وجود الجمعيات التي تعنى بذوي الاحتياجات الخاصة في سورية، فلا يهتم لأمرهم غير عائلاتهم المنهكة.

زينب (١١عاماً) تعاني من شلل دماغي، بعد توقف الجمعية الخيرية التي كانت ترعاها، عن تقديم الدواء والغيارات والمعونة الشهرية لها، بائت كل محاولات عائلتها لإيجاد جمعية أخرى تعتنى بها، بالفشل.

ومع تزايد عدد الأطفال الذين تركت الحرب آثاراً دائمة على أجسادهم، ازدادت الحاجة لوجود مدارس خاصة تعنى بتدريسهم وإعادة تأهيلهم، إلا أن الواقع هو عكس ذلك.

سارة عموري والدة لطفل فقد بصره تقول “بعد سقوط صاروخ على حينا، أصيب ولدي بشظية تسببت له بالعمى، ترك المدرسة بعدها لأنه لم يعد قادراً على التعلم، الذهاب لمدرسته القديمه يتسبب له بضغط نفسي، لكن لم نجد البديل، سخّرت له كل حياتي، لكن وضعه لا يتحسن ليس لدينا خيار إلا السفر، كل ما  أريده هو أن يدخل مدرسة خاصة بالمكفوفين ويتابع تعليمه”.

إلى أوروبا

يضع السوريون ذوي الاحتياجات الخاصة، ممن اتخذوا قرارهم بالتوجه إلى أوروبا، نصب أعينهم المخاطر التي تعترض طريقهم، من ركوب البحر وقطع مسافات في غابات ومناطق خطرة، وأحياناً السجن، وبعد كل ذلك يصطدمون بواقع أسوأ مما توقعوا، عند الوصول.

سافرت هدى التي فقدت ساقها ويدها اليمنى، مع شقيقها عبر البحر إلى اليونان، عاشت رحلة قاسية على متن القارب المطاطي (البلم)، تقول عن التجربة “تخلصوا من كرسيي المتحرك حين وضعوني في البلم، ما إن ضربتنا أمواج قوية لم استطع التوازن فسقطت في منتصف القارب وابتلعت الكثير من الماء، كنت أسمع صراخاً وشعرت أني أختنق، كانت أكثر اللحظات التي شعرت فيها بالعجز إذ لم استطع انقاذ نفسي، غبت عن الوعي، وحين استفقت كنت على الشاطئ”.

أما حسام الذي فقد ساقه في قصف على شمالي إدلب، فقد افترق عن إخوته خلال الرحلة،  يقول “هاجمتنا الشرطة المقدونية،  واضطر أخي للهرب من دوني، بقيت في مركز احتجاز لمدة شهر تقريباً، لم يحسنوا خلالها معاملتي، ولم يراعوا وضع إعاقتي، تبرع لي أحد الصحفيين بكرسي متحرك ثم نقلني لإحدى مراكز المنظمات الخيرية ريثما يأتي أحد أخوتي”، ويضيف “خرجت من جحيم سوريا لأعيش جحيماً آخر هنا، بدون أهل أو أصدقاء”.

أما رؤيا التي تعيش الآن في هولندا، فترى في هذا البلد المستقبل الذي كانت تبحث عنه لطفلتها المصابة بمتلازمة داون (التثالث الصبغي)، والتي تحتاج لرعاية وأسلوب تعليم خاص حرمت منه في سورية، تقول “ابنتي هي سبب مجيئي إلى هنا، فأنا أريد لها أن تعيش حياة أقرب ما تكون للطبيعية، الدول الأوروبية تولي  اهتماماً كبيراً للأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة، فبعد عدة أشهر، باتت تذهب ابنتي يومياً إلى المدرسة وهي سعيدة جداً”.

إلى دول الجوار

يقصد ذوي الاحتياجات الخاصة العديد من المراكز المعنية بمساعدتهم والمتواجدة في دول الجوار، كلبنان والأردن وتركيا، بحثاً عن الأمان والرعاية الصحية.

قصد براء الذي فقد ساقه في إحدى الغارات على حلب، مركز خطوة أمل، لتركيب الأطراف الاصطناعية والذي تدعمه منظمة أطباء عبر القارات، يقول  “سمعت بالمركز عن طريق أحد أقربائي، تركت عائلتي في حلب وجئت إلى مدينة كيليس التركية، وتمكنت من تسجيل إسمي على لائحة الأطراف الصناعية، قاموا بأخذ القياسات، ثم قامت ورشة العمل بتصنيع الساق الخاصة بي، وأعلموني بعد فترة أنها جاهزة للتركيب، بعد مرور أشهر من المعاناة والتجريب، بت قادراً على التنقل وحدي، لكن شيئاً لم يعد كالسابق، إذ لم أستطع إيجاد عمل ولاأزال بحاجة لمساعدة الآخرين”.

أماعمار من درعا، والذي يعاني من شلل جزئي في إحدى ساقيه بسبب إصابة، فقصد مركزاً لإعادة تأهيل مصابي الحرب، يشرف  عليه الصليب الأحمر في مدينة عمان الأردنية، يقول “قاموا بفحصي، وسجلوا حالتي وقالوا أنهم سيعلمونني في حال سيتم استقبالي، بقيت بالأردن خلال هذه الفترة، كانت أصعب فترات حياتي، كنت أعيش على تبرعات الأصدقاء والغرباء،  تبرعوا لي بكرسي متحرك ومصاريف المعيشة، لم أعد إلى سورية أملاً بأن يتصلوا بي وأحصل على العلاج، وبالفعل تم استقبالي بالمركز بعد خمسة أشهر ونصف وبدأت علاجاً فيزيائياً آمل آن أتحسن في نهايته.”

بدوره يقول أحمد صهيب، أحد العاملين في مجال الإغاثة الطبية، إن أعداد المسجلين في مراكز تركيب الأطراف الصناعية، يفوق قدرة الأخيرةعلى التصنيع، حيث ينتج المركز الواحد مالا يزيد عن ٥٠ إلى ٦٠ طرفاً بين سفلي وعلوي، إلا أن متوسط أعداد المسجلين في هذه المراكز هو ٨٢ شخصاً”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.