هيو نايلور، صحيفة الواشنطن بوست، 26 كانون الأول / ديسمبر 2015.

ترجمة موقع الحل السوري

 

بيروت – قامت #الدولة_الإسلامية بخطف الأضواء من الأب المبجّل (تنظيم القاعدة)، ولكن صعّدت الجماعات المرتبطة بالقاعدة والموالية لها من حدة القتال لاستعادة مكانتها.

صعّدت المجموعات الفرعية التابعة للتنظيم الأقدم من هجماتها على الغرب، ووسّعت من سيطرتها على أراضٍ في البلدان التي مزقتها الحرب، كما استخدمت الدعاية وحالات القتل الانتقامي من أجل إضعاف خصومها. بحسب ما قاله محللون.

تعكس الحركات أن التهديد العالمي للقاعدة ما يزال مستمراً، وتشير إلى احتداد التنافس مع الدولة الإسلامية التي تثير النزاعات وتغذي التطرّف من جنوب آسيا وإفريقيا إلى أوربا الغربية.

كما يقول المحللون أن تلك المنافسات قد ساعدت على زعزعة بلدان أخرى مثل #اليمن و #سوريا، حيث استغلت المنظمات السنية المتطرفة الاضطرابات، لتقوم بأسر أقاليم كبيرة من الأراضي بهدف تلقين أهالي تلك مناطق دروساً وتعليمات في العقائد المتطرفة، ومن المحتمل أن تعمل على تنظيم الهجمات ضد الغرب.

وقال ثيودور كاراسيك من #دبي _ وهو خبير في القضايا الأمنية في الشرق الأوسط _ “إنه سباق الدمار، ومن الواضح أن معركة الجهاديين تتوسع بشكل كبير “.

بعد انشقاقها عن تنظيم القاعدة في مطلع عام الـ 2014، استمرت الدولة الإسلامية المعروفة بـ ISIS & ISIL  بخطف قلوب وعقول الجهاديين المنتظرين للانضمام إليها.

أُعلنت الخلافة من قبل الجماعة في العام الماضي بعد فرض سيطرتها على مناطق واسعة في #العراق وسوريا. أبهرت مؤيديها بالدعاية البارعة التي قدمتها من خلال هجماتها المريعة، ومن ضمنهم عمليات الإعدام الجماعية وزعم الجماعة إسقاطها لطائرة ركاب روسية في مصر في تشرين الأول / أكتوبر. وقد انضم بعض متشددي تنظيم القاعدة _ منذ ذلك الحين _ إلى الدولة الإسلامية، التي تشكل تنظيمات فرعية إلى ما بعد معاقلها في سوريا والعراق.

ولكن القاعدة ومجموعاتها الموالية والمرتبطة بها كانت تحاول الاستجابة لتحدي الدولة الإسلامية بقوة أكبر في محاولةٍ منها لإظهار حسن النية العسكرية الخاصة بهم، بحسب ما قاله فواز جرجس، أستاذ سياسات الشرق الأوسط في كلية الاقتصاد في لندن.

وأحد الأمثلة على ذلك _ بحسب ما قاله جرجس _ كان الهجوم الذي وقع على فندق راديسون بلو في عاصمة مالي باماكو في 20 تشرين الثاني / نوفمبر، حيث تم احتجاز 170 رهينة، 20 منهم قتلوا.

وأكد تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي _ فرع تنظيم القاعدة في الشمال الإفريقي _ مسؤوليته عن الهجوم الذي استهدف بالتنسيق مع الفدائيين المتحالفين رمزاً غربياً، بعد أيام من ادعاء الدولة الإسلامية مسؤوليتها عن هجوم باريس الذي قتل فيه 130 شخصاً.

أثار هجوم مالي موجة من الإشادة على مواقع التواصل الاجتماعي بين مؤيدي تنظيم القاعدة. . “ما قام به تنظيم القاعدة هو محاولة لتنفيذ هجمات مذهلة تظهر من خلالها إمكانياتها وقدراتها “، قال جرجس.

وأسوةً بما قامت به الدولة الإسلامية، قام تنظيم القاعدة بتبني استراتيجية السيطرة على أقاليم في الدول الشرق أوسطية التي تمزقت بفعل الحرب. ففي اليمن، حقق تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية ( AQAP )  تقدماً شاملاً وسط الاضطرابات التي تسببت بها تسعة أشهر من الحرب بين القوات الثائرة والتحالف العسكري الذي تقوده المملكة العربية السعودية.

ينظر مسؤولون أمريكيون إلى  AQAP  على أنه تنظيم خطير بشكل خاص، ويربطونه بمحاولات شن الهجمات على الأهداف الغربية. حيث أكدت الجماعة مسؤوليتها عن هجوم باريس الذي أودى بحياة 17 شخصاً في كانون الثاني / يناير الماضي، بما فيهم الصحفيون الذين يعملون في الصحيفة الفرنسية الأسبوعية الساخرة.

بالرغم من أن الطائرات الأمريكية التي تعمل بدون طيار استطاعت قتل معظم زعمائها، إلا أن AQAP استطاعت السيطرة على معظم حضرموت، المحافظة اليمنية الأكبر. استولت الجماعة أيضاً _ في الأسابيع الأخيرة _ على محافظة أبين الجنوبية، حيث أسست إمارة إسلامية في فترة وجيزة من العام 2011 وتتمتع بتأييد قوي.

إن التقدم في أبين هو محاولة للحد من تأثير المنافسة من قبل تنظيم الدولة الإسلامية الذي قد كسب قوة في بلاد شبه الجزيرة العربية، هذا وفقاً لمسؤولين وصحفيين يمنيين. ويقولون بأن تلك المنظمة الفرعية قد حاولت تجنيد أعضاء موالين لـ AQAP  ، مما يظهر قوتهم المتزايدة ومواردهم الوفيرة بالهجمات الأخيرة على المساجد المكتظة و المسؤولين اليمنيين المرتبطين بالتحالف الذي ترأسه المملكة العربية السعودية.

“هناك شعور يتخلل تنظيم القاعدة بأن عليهم التصرف الآن لإحباط أي محاولات من الدولة الإسلامية للاستيلاء على المنطقة” قال صحفي تحدّث شريطة عدم الإفصاح عن هويته بسبب القلق على سلامته.

وقال صحفي آخر أن AQAP كانت تبتغي السيطرة على المؤسسات في أبين، من ضمنها أجهزة الأمن والمساجد لمواجهة تهديد الدولة الإسلامية.

“يخرج أعضاء من AQAP   إلى المساجد في حملة لتحذير الناس بعدم الانضمام إلى الدولة الإسلامية “، قال صحفي آخر تحدث أيضاً شريطة عدم الكشف عن هويته بسبب مخاوف تتعلق بسلامته.

في سوريا واليمن، تجنّبت فروع تنظيم القاعدة فرض الوسائل المتشددة للدولة الإسلامية _ مثل القتل واسع النطاق لإخوانهم وزملائهم المسلمين وفرض تطبيقات قاسية للشريعة الإسلامية _ التي تجعل الكثير من الناس ينفرون من العيش تحت سيطرتهم، بحسب ما يقوله المحللون.

استنكر زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري _ مراراً وتكراراً _ القتل العشوائي الذي تنفذه الدولة الإسلامية بحق المسلمين. وفي رسالة صوتية صدرت في شهر أيلول / سبتمبر، كرّر وحثّ الدولة الإسلامية على الانضمام لتنظيم القاعدة بهدف ترميز الهجمات على الأعداء مثل “الصليبيون “، التعبير الذي استخدم للإشارة إلى الغربيين.

حتى أنها قامت هذا الشهر بإصدار تسجيل فيديو مدته 17 دقيقة يُظهر فيها أعضائهم يقدمون المساعدات إلى الأشخاص المتضررين نتيجة الإعصار الذي ضرب اليمن في شهر تشرين الثاني / نوفمبر.

“يبدو أن القاعدة تلعب اللعبة الطويلة، متبعةً نهجاً ليناً نسبياً في فرض عقيدتها باعتبارها وسيلة لدمج المجموعة مع السكان المحليين” قال آرون زيلين، وهو زميل في معهد #واشنطن لسياسة الشرق الأدنى بخبرته في المجموعات الفدائية.

وقال: “إن نموذج تنظيم القاعدة هو باقٍ، وأعتقد أن الكثير من الناس يقللون من أهمية ذلك”، وأضاف: “القضية هنا أنه وبسبب تنامي وجود ( الدولة الإسلامية )، فإن تنظيم القاعدة، بالمقابل، يمكن أن يصبح مقبولاً أكثر بالنسبة للسكان وحتى بالنسبة للحكومات إذا ما تمت المقارنة بينهما “.

ولكن يبدو أن المجموعة تظهر شيئاً من الرحمة والرأفة نحو فدائيي الدولة الإسلامية. لقد صعّد تنظيم القاعدة وحلفائه من حالات القتل الانتقامي بحق منافسيهم المتطرفين، قال سيث جونز، خبير إرهاب في مؤسسة راند كورب، وهي مؤسسة فكرية.

في ليبيا، التي تسيطر جماعة الدولة الإسلامية الفرعية على أجزاء كبيرة منها، أعلن ناشطون منحازون لتنظيم القاعدة الحرب المقدسة في شهر تشرين الأول / اكتوبر، وصعّدوا من حدة الهجمات على أعضاء المجموعة المنافسة..المجوعة العسكرية التي أطلقت على نفسها اسم حركة الشباب الصومالية، والتي أعلنت ولاءها لتنظيم القاعدة، تنفذّ أيضاً حملة تطهير كاسحة، مهددة بقتل الأعضاء الذين يُشتبه بارتدادهم وانضمامهم إلى الدولة الإسلامية.

قال جونز: “هذا النوع من الهجمات يحدث على كلا المستويين العسكري والعقائدي”، وأضاف: “لا يُنظر إلى تنظيم القاعدة على اعتباره الجواد المثير الفائز، ولكن هذا لا يعني أنه مهزوم “.

 

ساهم في هذا التقرير علي المجاهد في صنعاء، اليمن.

هيو نايلور، مراسل لـ ذا بوست من بيروت. لقد أعطى تقاريراً من عشرات الدول في الشرق الأوسط لمثل هذه المنشورات كصحيفة ذا ناشيونال، وصحيفة مقرها في أبو ظبي، والنيويورك تايمز.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.