سارة العمر – الحل السوري:

تتعدد أشكال المعاناة التي يعيشها الموظفون #السوريون في مؤسسات الدولة وقطاعاتها، من انخفاض قيمة رواتبهم إلى تقييد حريتهم ومنعهم من السفر وتسريحهم تعسفياً، في المناطق الخارجة عن سيطرته وإيقاف رواتبهم في حال تسرب أحد أبنائهم من أداء الخدمة الالزامية، هذا الحال دفع الكثير من الموظفين لاتّباع أساليب ملتوية تجنبهم جملة القرارات العشوائية التي تفرضها حكومة النظام بين الفينة والأخرى.

منع السفر

أحد أكثر القرارات التي ضيقت الخناق على الموظفين وحدّت من حريتهم هي قرار “منع السفر”، الذي فرضه عليهم، والذي يمنع بموجبه الموظف من السفر خارج #سوريا إلا بموافقة أمنية مسبقة.

اضطر هذا الكثير من الموظفين ممن لديهم دواعي للسفر لاتباع طرق غير نظامية ودفع مبالغ مالية طائلة ليخرجوا بواسطة مهربين عبر الحدود البرية ويتحملوا ما تحمله هذه الطرق من المعاناة والخطر.

تؤكد منار الحموي من مدينة #حلب، أن الحصول على الموافقة أمر صعب ويتطلب الكثير من الانتظار.

وتضيف “تحتاج لمراجعة الأمن عدّة مرات وتبيان سبب السفر وقد يسمح لك أو لا، ومن يحاول السفر دون هذا الإذن يتم اعتقاله كالمجرم.. توجب علي السفر إلى لبنان لاجراء عملية لابنتي المصابة بالسرطان، تقدمت بطلب إذن السفر إلى الوزارة مع كل الأوراق الطبية التي تثبت أن سفري هو للعلاج وليس لأسباب أخرى، انتظرت أكثر من شهرين ولم تأت الموافقة”.

وتستطرد “لم أجد بداً من السفر بطريقة غير نظامية عن طريق مهرب وذلك لتعميم اسمي على لائحة الموظفين في المعابر الحدودية، ودفعت مبلغ يتجاوز الـ2000 #دولار لتهريبي مع ابنتي من خلال الحدود السورية اللبنانية. بعد انتهاء فترة العلاج اضطررت للعودة إلى سوريا بشكل غير نظامي أيضاً ودفع المبلغ نفسه”.

ويجد الكثيرون أنّ التقدم بالاستقالة هو الحل الأمثل لتجنب هذه المصاعب والاجراءات.

لكن مع تناقص أعداد الموظفين في بعض المؤسسات الحكومية أمسى حتى هذا الحل صعب المنال.

تقول علياء، وهي موظفة في مديرية التربية في مدينة حلب “تجاوزت سنوات خدمتي الـ25 عاماً، أسكن لوحدي بعد سفر كل أبنائي إلى تركيا. لم يعد باستطاعتي تحمل مصاعب الحياة، وقررت السفر للعيش مع أبنائي. حاولت أن لا أتقدم بطلب استقالة وأن أحصل على تقاعد جزئي، ولكن بعد تناقص عدد الموظفين وتضاعف حجم العمل أصبح حتى طلب الإجازة ممنوعاً، قوبل طلب التقاعد بالرفض لعدم وجود بديل يغطي المهام التي أقوم بها. تقدمت بطلب للاستقالة ولم يوافق عليه”.

الأجور مقابل الأبناء

مع استنزاف النظام لقواه الاقتصادية والعسكرية، وتسرب عدد كبير من الشباب من الخدمة الالزامية، أصدر تعميماً على الموظفين بضرورة تقديم بيان وضع لأبنائهم الذكور عند استلام الراتب الشهري، وهدد بإيقاف الراتب في حال تخلف أحد الأبناء عن الخدمة الإلزامية.

يحكي أبو عبد الرحمن من حمص أن “أبناءه الثلاثة مسافرون إلى خارج البلاد ومتسربون من الخدمة العسكرية ولكنه استطاع أن يلتف على هذا البيان بالدفع للموظف المالي”. أما جمال موسى فقد “تخلى عن راتبه لأن لديه ابنا هرب بعد الحاقه قسراً بالخدمة العسكرية، وذهب ليعيش في مناطق المعارضة خوفاً من المساءلة والسجن في حال تم التحقيق في ذلك”.

ويرجع الكثيرون السبب في التضييقات التي يفرضها النظام على الموظفين إلى التهرب من المستحقات المالية التي يحق لهم الحصول عليها في في نهاية خدمتهم.

تسريح تعسفي

يعتبر التسريح التعسفي للموظفين في القطاع العام منذ اندلاع #الاحتجاجات وسيلة اتبعها النظام لانقاص عدد الموظفين وإخفاء العجز الاقتصادي الذي يعاني منه، ووسيلة أيضاً لمعاقبة المعارضين، إذ قام بتسريح آلاف الموظفين في مختلف مناطق سوريا لأسباب تعود لتأييدهم للحراك الشعبي أو عدم التزامهم بالدوام بسبب ظروف القصف وانقطاع الطرق.

هذا العام قامت حكومة النظام بحذف مناطق جغرافية كاملة من ميزانيتها الاقتصادية، لخروجها عن سيطرة النظام، كما حدث في الرقة والحسكة ومناطق أخرى .

زهرة محمود، موظفة في المؤسسة الاستهلاكية في مدينة حلب، تقول “كنت أسكن في حي الصاخور ومع استمرار القصف، اضطررت للتغيب عن العمل مدة أسبوع، لأفاجئ بقرار تسريحي من العمل، وأنا على وشك التقاعد بعد خدمة ثلاثين عاماً”.

وتضيف :”ترافق ذلك مع تسريح كثير من الموظفين، كما توقفوا عن تسديد مستحقات نهاية الخدمة لهم، وحرم الكثيرين من رواتبهم التقاعدية التي كانوا على وشك الحصول عليها”.

أبو محمد، مدير مدرسة ثانوية في مدينة إدلب يقول “سعيت جاهداً أن أحافظ على وظيفتي فهي مصدر رزقي الوحيد، كنت أخاطر في كثير من الأحيان لافتتاح المدرسة حتى في أوقات الضرب والقصف كي لا اعتبر متغيباً ويتم فصلي. بعد تحرير المدينة انحسر استلام رواتبنا بمدينة حماه، رغم مشقة الطريق، ذهبت الى حماه أكثر من مرة، في عدة مرات لم يجدوا اسمي في لوائح الموظفين وطلبوا مني مراجعة الأمن لاحضار موافقة الاستلام، ارادوا استجراري براتبي ليحققوا معي”.

أما بالنسبة ليحيى وهو موظف أيضاً فمنعته مشقة الطريق ومخاطر الاعتقال على الحواجز الأمنية التابعة للنظام من الحصول على رواتبه.

انخفاض الأجور

تسبب انخفاض قيمة الليرة السورية مقابل العملات الأجنبية بتدهور في أحوال موظفي القطاع العام بسبب تراجع القيمة الفعلية لدخولهم الشهرية، ورغم رفع الرواتب خلال السنوات الاربع الماضية الا أن هذا الرفع لم يتماشي مع ارتفاع #الأسعار الحاصل، و التي كانت تسجل قفزات عقب كل زيادة في الراتب يصدرها النظام فتتحول الزيادة إلى كابوس.

ليلى الكمال، موظفة في جامعة #دمشق، تقول “عند تعييني كان راتبي عشرة آلاف ليرة، والآن على الرغم من الزيادة الأخيرة البالغة 40% من قيمة الراتب، فقد بلغ راتبي 30 ليرة، لكنها لا تكفي عائلتي أكثر من عشرة أيام، ارتفعت الأسعار بشكل خيالي”.

وتضيف “مللنا الحديث عن هذه المعاناة ولا شيء يتغير، لم تتغير سياسة زيادة #الرواتب منذ عشرين عاماً. فارتفاع الأسعار يعقب كل زيادة “.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.