حمزة فراتي

بإمكانه أن يتحمل ألم الجلد؛ كعقوبة بسبب تدخين سيجارة واحدة، لكنه لن يستطيع تحمل ترك التدخين، فالشاب العشريني سامر كريم (اسم حركي)، يبتكر الكثير من الحيل لأجل التدخين؛ وذلك للنجاة من عيون #الحسبة (جهاز الأمن لدى #داعش) في مدينة #الميادين بريف #دير_الزور الشرقي الخاضعة لسيطرة تنظيم الدولة الإسلامية.

يعتبر تدخين السجائر من بين المحرمات التي يعاقب متعاطيها بالجلد وفق قانون التنظيم، أما بائعها فيعاقب بالجلد والغرامة المالية ومصادرة بضاعته من السجائر.

يضطر أصحاب سامر إلى أن يحيطوا به ليخفوه عن أعين عناصر الحسبة حين يدخن، حيث يصرّ سامر على تدخين سيجارة في أثناء وجوده في مكان عمله؛ ووفقاً لسعد عبدالرحمن الذي تمكن من الهروب إلى خارج مناطق سيطرة التنظيم بدير الزور مؤخراً، والذي روى مجموعة قصص من واقع مدينته لموقع #الحل_السوري فإن سامر “سبق أن ذاق الجَلد على أيدي عناصر الحسبة بسبب التدخين، وتم وضعه بداخل القفص الحديدي لأكثر من مرة، وأخذه للقيام بأعمال الحفر في نقاط تماس مع قوات النظام عند المطار العسكري، لكنه رغم ذلك ما يزال يجازف ويدخن في الأماكن العامة، ويبتكر دائماً حيلة ما تخفيه عن عيون رجال الحسبة”.

في إحدى المرات تسلق سامر شجرةً داخل الحديقة العامة بمدينة الميادين واختفى بين أغصانها وبقي نحو نصف ساعة؛ لأجل التدخين، علماً أنه لا تفصله بضعة أمتار عن مقر المكتب الدعوي التابع للتنظيم والمقابل للحديقة، ودورية أخرى لرجال الحسبة منتشرة بالقرب من المكان نفسه، إضافة لمرور عناصر من التنظيم بشكل دوري من وسط الحديقة.

كذلك الأمر كان بالنسبة لعبد الحميد خضر (اسم حركي) وهو أحد سكان مدينة الميادين والذي قام بالتدخين داخل مقر الحسبة الرئيسي في المدينة، أثناء قيامه بإصلاحات لديهم حيث كان صديقه يراقب له ويتناوبون على تدخين سيجارة في فترة الاستراحة لديهم.

رجال الحسبة المدخنين

بعض رجال الحسبة مدخنون، وجلّهم من أبناء المنطقة الذين انضموا إلى صفوف التنظيم “لغرض توفير لقمة العيش، لكنهم يدخنون خفية، والمدخن المحظوظ هو من تربطه صداقة بأحدهم، حيث يوفر رجل الحسبة المدخن الأمان والضمان، وكذلك السجائر المجانية لأصدقائه المدخنين” بحسب سعد الذي أضاف “مزارع الزيتون ببادية الميادين، المكان المناسب والأفضل للمدخنين وذلك لبعدها عن المدينة حيث يحلو للمدخنين النزهة هناك، والمحظوظ من يرافق صديقاً مدخناً من رجال الحسبة”.

ويواصل قائلاً: “لكن مدخناً خالفه الحظ ذات يوم، حيث قُبض عليه من قبل عنصرين من التنظيم كانوا بالقرب من المكان متلبساً بتدخين سيجارة، وكان لازماً جلده، وشاء القدر أن يُكلف صاحبه المدخن الذي ينتمي لرجال الحسبة بجلده، والذي علم أن صاحبه كان يدخن نوعاً فاخراً (مارلبورو) حين ألقي القبض عليه، فصار يضربه بالسوط وهو يقول له بصوت خافت تدخن مالبورو يا ظالم.. وأنا أدخن حمراء قصيرة “.

مصطلحات الخوف

 يتابع سعد.. “توجد مصطلحات خاصة يستخدمها المدخنون أثناء شرائهم السجائر من المحلات التي تبيعها بالخفاء (شوكلا، مسواك نعناع أو فريز أحمر)، فعندما يريد أحد الزبائن شراء السجائر يخاطب صاحب المحل قائلاً، هل عندكم شوكولا أو أحد المصطلحات الأخرى؟ خوفاً من الوشاية به لتنظيم الدولة”.

وفي ذلك يقول أبو عمران (صاحب محل تجاري في مدينة الميادين ) لموقع الحل: “هذه المصطلحات أصبحت معروفة في كافة أرجاء المحافظة الواقعة تحت سيطرة التنظيم”، لافتاً إلى أن “البائع رغم ذلك يحتاط، ولا يقوم ببيع السجائر لشخص لا يعرفه”.

وحول إمكانية كشف تنظيم الدولة لحقيقة هذا المصطلح، يرى سعد أن مسألة إيجاد مصطلح بديل أمر سهل المنال.

أسعار مضاعفة

السجائر التي يمنع التنظيم تدخينها وبيعها ضمن مناطق سيطرته، أصبحت تباع بأربعة أضعاف سعرها سابقاً ولكن في الخفاء، وبرغم ذلك لم يترك المدخنون في مناطق سيطرة التنظيم بدير الزور تدخين السجائر، بل زاد عدد المدخنين وفقاً لسعد عبدالرحمن وذلك بسبب الأوضاع المأساوية التي يعيشونها، التي ساءت من جرائها الأوضاع النفسية للمواطنين، فباتوا يبحثون عن أي شىء “ينفسون فيه عن همومهم”.

 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.