الحكومة تعرقل الاستيراد لتصريف الحمضيات… هل يعيد النظام أسلوب الثمانينيات؟

الحكومة تعرقل الاستيراد لتصريف الحمضيات… هل يعيد النظام أسلوب الثمانينيات؟

فتحي أبو سهيل – دمشق:

الشهر الماضي، أصدرت #حكومة_النظام عدة قرارات تتعلق بالاستيراد، وعدلت قائمة المواد المسموح استيرادها، وتناول حينها موقع “الحل السوري” قضية منع استيراد اللحوم المجمدة مقابل السماح باستيراد أغذية الكلاب والقطط، لكن جلسة الحكومة حينها وتحديداً يوم الأحد 27 /11/2016، تضمنت عدة نقاط هامة “أضرت بعملية الاستيراد” بحسب تجار، وأهمها “ربط الاستيراد بالتصدير”.

 

وردت عبارة ضمن تقرير جلسة الحكومة حينها، تقول “ومن المواد التي لم تحظ بالموافقة لاستيرادها، مكعبات الماجي والأندومي والتمر إلا إذا تمت دراسة آلية مقابل الحمضيات كما الموز اللبناني”، ليعود  معاون وزير الإقتصاد لشؤون التجارة الخارجية، بسام حيدر ويعلن ضمن حديث صحفي أن “الوزارة ستمنح استيراد كل ماهو ليس على قائمة المسموحات، إن تم تأمين تصدير الحمضيات إلى ذات البلد التي سيتم الاستيراد منها”، مشيراً إلى “دول مثل #السعودية و #لبنان، التي فرض النظام قيوداً على الاستيراد منها مقابل تشجيع الاستيراد من #ايران و #روسيا”.

صدمة

وبحسب مصادر في غرفة التجارة، فإن التوجه الفعلي لربط #الاستيراد بالتصدير، بدأت من جلسة رسمية للحكومة بتاريخ 2/11/2016، تحت عنوان تعزيز العلاقات الإقتصادية مع لبنان، لبحث مقترح من #وزارة_الإقتصاد_والتجارة_الخارجية، المتضمن استيراد واحد كيلوغرام من “الموز اللبناني” مقابل تصدير خمسة كيلوغرامات من الحمضيات السورية، اعتباراً من أول شهر تشرين الثاني الجاري ولغاية نيسان من العام القادم.

هذا القرار، كان صادماً بالنسبة للسوريين، خاصة وأن لبنان كانت قد منعت إدخال شاحنات الخضار والفواكه ذات المنشأ السوري من شهر حزيران 2016 حتى بداية شباط 2017، حينها قللت #غرفة_الزراعة_بدمشق من تبعات القرار اللبناني، مشيرةً إلى “مشكلة قد تحدث في موسم الموز هناك”، وقالت إن “الضرر من قرار منع لبنان إدخال شحنات الخضار والفواكه السورية، قد تكون نتائجه سلبية على الجانب اللبناني أكثر من السوري، كونهم يعتمدون على السوق السوري في تصريف عدة محاصيل منها الموز”.

مصادر غرفة التجارة أكدت لـ موقع “الحل السوري” إن “لبنان هو المنفذ الوحيد للمحاصيل السورية، والقرار حينها كان بمثابة ضربة موجعة للحكومة، واليوم، اضطر النظام لإعادة التعامل مع لبنان بهدف تصريف محصول الحمضيات الذي تكدس بموجب القرار اللبناني، مقابل تصريف الموز في #سوريا”.

دخل الموز ولم تصدر الحمضيات

وتابع “لكن حتى ذلك لم يكن نافعاً، فحجم التبادل التجاري بين الطرفين المتعلق بالموز والحمضيات محصور بكميات معينة إن تم التبادل بالأساس، وبهذا سيبقى هناك فائض من محصول الحمضيات لدى سوريا يجب تصريفه، وخاصة إن علمنا أن الموز اللبناني دخل مؤخراً إلى سوريا عبر #التهريب دون أي مقابل من الحمضيات”.

وأردف “وزارة الإقتصاد لم تتلق أي طلبات تصدير #حمضيات لقاء استيراد مادة الموز من لبنان حتى اليوم، وذلك بإعتراف بعض صحف النظام الرسمية، مايعني أن الموز اللبناني في الأسواق مهرب ودخل دون أي مقابل من الحمضيات، وهذا يكشف عن وجود فائض كبير من محصول الحمضيات لم يجد له طريق للتصدير، مادفع الحكومة لمنع التجار من استيراد بعض المواد وإجبارهم على تصدير هذا المحصول”.

هذا الربط بين الاستيراد والتصدير، أصاب التجار بالغضب لأن الحكومة لم تكتف فقط بما أعلنته، حيث أكد أحد التجار لموقع “الحل السوري” أن “الحكومة باتت تمنع استيراد الكثير من المواد المهمة للبناء والغذاء المدرجة ضمن قائمة المواد المسموح استيرادها، في سبيل الضغط على التجار لتصدير الحمضيات”.

وتابع “لا تقوم الحكومة بتوضيح سبب رفض استيراد هذه المواد علناً، لكن المبطن بالرفض هو الإجبار على تصدير الحمضيات، وهذا التوجه خاطئ، فلايجوز ربط المواد المستوردة بتصدير نوع معين”.

هل سيعود النظام للـثمانينيات؟

وعبر التاجر عن خشيته من “إعادة الأسلوب الذي كان متبعاً قبل أكثر من عشرين عاماً، وهو حصر شراء المستوردين للقطع ممايجنيه المصدرون، مايعني تدهور الاستيراد إن تدهور التصدير المتعثر حالياً”.

وتابع “حكومة النظام ذاتها غير قادرة على تصدير الحمضيات للدول الصديقة بها، فكيف يطلب من التجار حل هذه المعضلة”، مشيراً إلى أنه “في الخارج، هناك نوع معين من الحمضيات مطلوب، ومن غير الممكن إجبار المستوردين على تصدير البرتقال الشموطي مثلاً وهو غير مطلوب”.

حكومة عاجزة

حكومة النظام مصابة في عجز بتمويل الصادرات، وربما هذا العجز يدفعها إلى ربط الاستيراد بالتصدير شيئاً فشيئاً، حيث كشف عبد الغني الحسيني عضو #إتحاد_المصدرين في شهر حزيران الماضي، عن وجود عجز في تمويل الصادرات يصل إلى نحو 5 ملايين #دولار يومياً، مشيراً إلى أن “حاجة سوريا على صعيد تمويل الصادرات في القطاع الخاص تصل إلى 7 ملايين دولار يومياً، في حين أن الممول من الصادرات يصل حوالي 2 مليون دولار يومياً فقط”.

وفي العام الماضي، إعتبر مدير عام هيئة تنمية وترويج الصادرات إيهاب اسمندر أن “طرح فكرة ربط الاستيراد بالتصدير غير مجدٍ في ظل الظروف الراهنة، خاصة وأنه ليس من الضرورة أن تكون جميع المنتجات الموجودة في الأسواق قد دخلت بالطرق النظامية، فالتهريب لا يمكن ضبطه وفق الصيغ المطروحة من ربط الاستيراد بالتصدير، وهو يرتبط بحاجات السوق ومدى السيطرة على المعابر التي تربط سورية بالدول المجاورة”.

ويرى المحلل الإقتصادي زاهر أبو فاضل في حديث لموقع الحل، أن “هناك عدة أسئلة يجب أن يتم طرحها في حال كانت نوايا النظام بربط الاستيراد بالتصدير جدية، فهل سيقوم المستورد باستيراد بضائع تساوي قيمتها قيمة ماصدره أحد التجار؟، وإن تم ربط الاستيراد بتصدير الحمضيات، كيف سيشتري المستورد الحمضيات من المزارعين؟، ومن سيمول هذه العملية؟ أم أن التاجر سيكون مضطراً لدفع ثمن محصول الحمضيات وثمن مستورداته؟، وإن كانت هناك نية لعودة أسلوب الثمانينيات، فكيف سيتم إجبار المصدر على تقديم القطع الأجنبي الذي حصل عليه لأحد المستوردين؟.”

وتابع “هذا الأسلوب فشل في الماضي، ولن ينجح حالياً نتيجة الظروف الحالية التي يعيشها #الاقتصاد_السوري، فلا توجد منتجات سورية مشجعة يمكن تصديرها، وإن وجدت الحمضيات حالياً، فبعد إنتهاء الموسم لن يكون هناك شيء قيّم لتصديره”.

ولفت إلى أن “السوق السورية مستهلكة وليست منتجة، وحكومة النظام تعلم جيداً أنها عاجزة عن تحقيق أرباح من التصدير، وربط الاستيراد بالتصدير سيصيب السوق بعجز أكبر، ومن الأفضل فتح باب الاستيراد لكل شيء، ومن المؤكد أن التجار لن يستوردوا شيئاً غير مطلوب في السوق وإلا سيخسرون بتجارتهم”.

 

 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.