فتحي أبو سهيل

رفعت وزارة الكهرباء بتاريخ 26/1/2016، تعرفة الكيلو واط الساعي على الصناعيين وأصحاب المحلات التجارية، وبقي الموضوع طي الكتمان حتى ظهر للعلن على شكل شائعات بداية الشهر الأول من 2017، ثم خرج مسؤولون من الوزارة  لتأكيد الخبر، علماً أن الصناعيين والتجار لم يبلّغوا بالقرار رسمياً، ولم يؤخذ برأيهم حتى في الاجتماعات التي عقدت بهذا الصدد.

عمدت وزارة الكهرباء عدم الإعلان عن قرارها عبر وسائل إعلام النظام دفعة واحدة، وقامت بتمرير شائعات لـ “جس النبض”، تفيد بنيتها رفع الأسعار على تلك الشريحة من المستهلكين. وفعلاً، تداولت بعض وسائل التواصل الاجتماعي الخبر على أن الوزارة تنوي رفع تعرفة الكهرباء 76%، وبعدها تناقلت المواقع الإلكترونية خبراً يقول إن الوزارة رفعت أسعار الكهرباء فعلاً بنسبة 76% على مشتركي 0.4 فولت بموجب القرار رقم 1670.

صدمة

ارتفع صوت الصناعيين وأصحاب المنشآت والمحال التجارية، لما في القرار من ضرر يعود عليهم على حد تعبير بعض منهم، وأخذت تصريحاتهم تذهب بمعنى التحذير من توقف عجلة الإنتاج والصناعة، مؤكدين أنهم “لم يعلموا بالقرار قبل صدوره ولم يؤخذ رأيهم، حتى أن الوزارة لم تبلغهم رسمياً بهذا الرفع”، على حد تعبيرهم.

بعد موجة من الاستياء عمت الأوساط الصناعية والتجارية، خرجت الوزارة لتنفي رفعها التعرفة إلى 76%، وتؤكد أن “الرفع كان بنسبة 15% فقط وأن الأرقام الأخرى ليست إلا شائعات”.

بالجريدة الرسمية

وأكدت مصادر في وزارة الكهرباء لموقع #الحل_السوري أن الوزارة نشرت خبر رفعها تعرفة الكهرباء على الصناعيين وأصحاب المنشآت والمحال التجارية في “الجريدة لرسمية”، وهي جريدة توزع على دائرة ضيقة من المشتركين بها، وتصدر عن رئاسة مجلس الوزراء، ولم يعلن عن هذا القرار سوى عبرها، بينما لم يبلغ المعنيون بالتسعيرة الجديدة (الصناعيون والتجار) لا قبل ولا بعد القرار، لكنه طبق عليهم مع بداية العام الجاري”.

وتبين من خلال المصدر، أن القرار الجديد والذي يحمل الرقم 1670 والصادر بتاريخ 26/12/2016 رفع التعرفة السابقة الصادرة بتاريخ 6/1/2016 بموجب القرار 349 حوالي 15%، فقد كان وسطي سعر الكيلو واط الساعي على المشتركين بتوتر 20 كيلو فولت حوالي 27 ليرة سورية، بينما حدد بالقرار الجديد بـ 31 ليرة، في حين كان سعر الكيلو واط لمشتركي  توتر 20.4 حوالي 28 ليرة، وارتفع إلى 32.5 بزيادة 15% أيضاً.

المصدر أكد أيضاً رفع سعر الكيلو واط على أصحاب المحلات التجارية من مشتركي 0.4 كيلو فولت، وليس فقط على الصناعيين، بنسبة  الـ 15 %، مشيراً إلى أن دعم حكومة النظام لهذه الشرائح بالكهرباء انحسر من 120% تقريباً إلى أقل من 99%، كون الكيلو واط الساعي يكلف حوالي  50 ليرة.

 

لم يبلغ أحد

بدوره أكد أحد الصناعيين لموقع الحل مفضلاً عدم ذكر اسمه، أن وزارة الكهرباء لم تبلغهم نهائياً بالقرار الذي “يعتبر توجهاً لرفع الدعم عن الصناعة المحلية، ودليل على عدم الاهتمام بها مقارنة بالاهتمام في زيادة واردات الخزينة”، مضيفاً “لم يتم التشاور معنا وهذا أمر مرفوض، وقد فرضت علينا  التعرفة فرضاً، ولو تمت مشاورتنا وشرحت الأسباب لربما قبلنا بالزيادة لكن تدريجياً وليس بشكل مباشر، فالصناعات السورية تعتمد على الكهرباء بشكل أساسي، والقرار الأخير يعود بالضرر على الصناعيين، وخاصة في ظل صعوبة تأمين المازوت”.

حكومة النظام “مازالت تتجه نحو زيادة عائدات الخزينة بشتى الوسائل، متخذة الكثير من الذرائع والتبريرات والتطمينات، وضمن القرار الأخير الذي رفعت به تعرفة الكهرباء على الصناعيين وأصحاب المنشآت والمحال التجارية، تذرعت بأن هذا الرفع لن يطال مشتركي الأغراض المنزلية، لكن الحقيقة كانت عكس ذلك”.

الضحية هو المستهلك

وأكد الصناعي إن “أي تكلفة تفرض على الصناعيين سيتحملها في النهاية المستهلك وبكل صراحة، فهو من سيدفع الضريبة، لكن ونظراً للقدرة الشرائية المنخفضة للمستهلكين، ستكون هناك صعوبة بالغة أمام الصناعيين لتصريف منتجاتهم نتيجة ارتفاع التكلفة الأولية والسعر النهائي، ما يعني شح في الإقبال، وهذا قد يؤدي في النهاية إلى انسحاب بعض الصناعيين وخاصة الصغار من السوق”.

المحلل الاقتصادي زاهر أبو فاضل، قال لموقع الحل إن “أي رفع بأي حامل من حوامل الطاقة، سيؤثر بالضرورة على كلفة المنتج النهائي، وكلفة المنتج الزائدة سيدفعها المستهلك بشكل أساسي، فالصناعيون لن يخسروا شيئاً، وبهذا يكون قرار رفع تعرفة الكيلو واط الساعي على الصناعيين والتجار يمس المواطنين العاديين بالدرجة الأولى والأخيرة مهما تشدقت حكومة النظام بأنها لم ترفع الكيلو واط الساعي المنزلي”.

وتابع “حكومة النظام والتجار والصناعيون سيرفعون أسعارهم، والضحية هم المستهلكون فقط، علماً أن دخلهم انخفض عن ما هو عليه قبل الأزمة، رغم الزيادات التي طرأت عليه، وهذا شيء معلوم ولا يمكن إنكاره وخاصة عند مقارنة الراتب والمدخول الشهري لهم مع سعر الصرف والأسعار قبل الحرب وخلال الحرب”.

تشجيع للتهريب

وأضاف “أي زيادة على سعر الخدمات المقدمة للتجار والصناعيين، لن يدفعها هؤلاء، لأنهم سيزيدون أسعار السلع والخدمات”، مضيفاً “بالتأكيد ستكون التكاليف الزائدة ذات ثقل على الصناعيين والتجار من ناحية صعوبة تصريف المنتجات، وهنا، سينشط سوق البضائع المهربة والمستوردة، ولن تقوى البضائع المحلية على المنافسة من ناحية السعر والجودة، وبالتالي تكون هذه الخطوة ضربة موجعة للصناعات المحلية”.

وأدرف “لو كانت حكومة النظام تهتم بالصناعة المحلية، لقامت بتأمين مستلزماتهم وشجعتهم، وزادت من دعمهم وليس العكس”، مشيراً إلى أن “حكومة النظام  تهتم برفع الأسعار وزيادة الضرائب بشتى الوسائل، لتزيد من واردات خزينتها، ولا تخجل عندما تبرر أن السبب هو ارتفاع سعر الصرف، أو ارتفاع أسعار شراء المواد الأولية والمستوردات كما هو الحال  بحوامل الطاقة، بينما تبقي مدخول المواطنين على حاله، وتزيد من استنزافه يوماً بعد يوم”.

وأكد أن “أثر قرار رفع تعرفة الكيلو واط الساعي على الصناعيين والتجار وأصحاب المحلات، سيظهر بعد 4 أشهر تقريباً، عند صدور فاتورة كهرباء الدورة التي بدأ تطبيق القرار خلال فترتها، عندها ستبدأ الأسعار بالارتفاع وستطال هذه الموجة كل شيء”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.