منار حدّاد

بات مفروضاً على مُنذر تلجبّيني (موظف في دمشق) أن يفكّر جيّداً قبل ممارسة عادته اليومية بتناول صحنٍ من الفول صباحاً قبل التوجه إلى العمل، لأن استمراره بتناول #الفول يومياً سيؤدّي لنفاد راتبه كاملاً مع نهاية الشهر، ولا سيما بعد أن ارتفع أسعار المأكولات الشعبية والسندويشات في #سوريا بشكل لم يكن متوقعاً، حيث بات صحن الفول وسندويشة الفلافل رفاهية ولا سيما العاصمة #دمشق.. منذر يقول بأته كان مضطراً للإقلاع عن هذه العادة.. “سقالله الأكلات الشعبية”.

أسعار خيالية

خلال جولة في أسواق دمشق ورصد لارتفاع أسعار الوجبات الشعبية تبين أن هذه القفزة في الأسعار جاءت جرّاء سلسلة من قرارات اتخذتها محافظة دمشق ووزارة السياحة التابعتين للنظام، برفع أسعار الوجبات أكثر من مرّة.

بلغ ثمن سندويشة الفلافل 250 #ليرة _سورية في المّزة و300 ليرة بدمشق القديمة والشعلان، بعد أن كان ثمنها لا يزيد عن 25 ليرة قبل 2012، في حين بلغ سعر صحن الفول مع توابعه 400 ليرة، والمسبّحة 150 ليرة، بعد أن كان سعر الأول 35 ليرة والثاني 15 ليرة، وبلغ سعر وجبة الفتّة مع التوابع 350 ليرة، وسعر قرص الفلافل الواحد 10 ليرات في المزّة و13 ليرة في الصالحية والشعلان ومناطق وسط العاصمة، فيما كان سعر القرص لا يتجاوز ليرة واحدة.

ووفقاً لآخر رفع بالأسعار فرضته محافظة دمشق في أواخر عام 2016 الماضي، ارتفع سعر كيلو المسبّحة إلى 800 ليرة، وكيلو الفول إلى 550 ليرة.

الارتفاع طال أيضاً كل ما هو شعبي من مشروبات كالمياه المعدنية والعيران والشاي والقهوة أيضاً.

لا التزام بالتسعيرة المرتفعة أصلاً

من خلال استغراض الأسعار في دمشق بالإمكان ملاحظة أنه حتى لائحة الأسعار المرتفعة التي فرضتها محافظة دمشق لم يتم التقيّد بها، حيث زادت الأسعار في الأسواق والمطاعم عن السعر الحقيقي بنسبة تتراوح بين 10 – 20%، وبهذا الواقع بات صحن الفول وسندويشة الفلافل في صف وجبات الرفاهية.

وفي وقتٍ بلغت فيه تسعيرة قرص الفلافل تسع ليرات، ثمّة من يبيعه ما بين 10 – 13 ليرة، وبينما وضعت المحافظة تسعيرة صحن الفول بـ 225 ليرة، ازداد سعره الحقيقي عن 350 ليرة، وانسحب الأمر على جميع الوجبات الأخرى.

هذا الواقع دفع صحيفة “الوطن” المقربة من النظام السوري للاستياء من أسعار الوجبات الشعبية في الأسواق ووصفها بالـ “مزاجية”، وأن سلطات النظام تقف عاجزة عن فعل أي شيء.

كان علاء ياسين، الطالب الجامعي، يعتمد على هذه الوجبات بشكلٍ رئيسي، يقول لـ “الحل”: “أعيش وحيداً في دمشق، وليس لديَّ القدرة على طبخ الوجبات المنزلية، لذلك كنت أعتمد بشكلٍ رئيسي على المعلّبات وأكياس الأندومي والوجبات السريعة”.

وأضاف أنه في المرّة الأخيرة اشترى سندويشة فلافل بـ 300 ليرة، فلم يكرّرها نهائياً، لافتاً إلى أنها باتت من “الوجبات المخملية” حسب تعبيره.

“لا غنى عن الفول والفتّة والتسقية في صباح يوم الجمعة” هكذا كانت تقول العادة السورية القديمة، أما اليوم، فإن أبو مصطفى وعدد كبير من محدودي الدخل أمثاله اضطروا لكسر هذه القاعدة، حيث يقول الخمسيني للحل “إن الفطور المعتاد يوم الجمعة لعائلته، بات يكلّفه خلال الفترة الأخيرة أكثر من 2500 ليرة، ثمن الفول والمسبّحة والتسقية والمقبّلات الخاصة بها”، مضيفاً أنه اعتزم خلال الفترة الأخيرة عدم شرائها، لافتاً إلى أن الميزانية الشهرية لعائلته باتت على المحك بسبب هذه الوجبات.

وتابع ساخراً: “الفول والفلافل والمسبّحة لم تعد وجبات الدرويش بل وجبات أمراء الحرب”.

ثلثا الراتب ثمن الوجبات “غير الشعبية”

في حسبةٍ أجراها “الحل السوري”، تبيّن أن المواطن السوري العادي، يدفع ثلثي راتبه خلال الشهر فيما لو اعتمد على تناول الوجبات الشعبية وحدها.

واعتمدت الحسبة على أن متوسّط الرواتب في سوريا 40 ألف ليرة، ليظهر أن الشخص العادي يدفع 25 ألف ليرة منها ثمن هذه الوجبات.

وإذا تناول الشخص العادي وجبتين يومياً، وهما “سندويشة فلافل وصحن مسبّحة وصحن فول مع المقبّلات” فإنه سوف يدفع حوالي 800 ليرة، أي ما يُعادل 24 ألف ليرة بشكلٍ شهري، وهذا الرقم يشمل بشكلٍ تقريبي ثلثي الراتب إن لم يكن أكثر في بعض الأحيان.

لجأ معظم السوريين إلى طرقٍ بديلة تخفّف من أسعار هذه المأكولات، يأتي على رأسها شراء الفول وسلقه وصنعه منزلياً، وشراء توابل الفلافل وإعدادها في المنزل، وطحن الحمّص وصنع المسبّحة منزلياً أيضاً.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.