فتحي أبو سهيل

يزداد إقبال السوريين داخل سوريا على الأدوية النفسية والمهدئة بشكل عام تبعاً للأوضاع الصعبة التي يمرون بها على مختلف الأصعدة، والصدمات المختلفة التي يتلقاها السوريون سواء على الصعيد الشخصي أو الأسري أو المجتمعي أو الاقتصادي والسياسي.

ووفقاً لصيدلاني يعمل في دمشق اليوم، فإن الأدوية التي تحوي مواد مخدرة بنسب معينة، كانت من أكثر الأصناف طلباً في السوق السورية اليوم،  لكن ليس للأغراض الطبية التي وجدت لأجلها، إنما ازداد عدد المدمنين عليها حوالي “ضعفين.. وبات هؤلاء يكتشفون أصنافاً جديدة يمكن أن تؤدي لنوع من التخدير، كلما تم منع بيع أصناف معينة، علماً أن تجارة جميع هذه الأصناف مزدهرة في السوق السوداء”.

طرق الوصول

يعتمد المدمنون على الأدوية المخدرة وهم غالباً من فئة الشباب بين 17 و25 عاماً، على عدة أساليب للحصول عليها، كالتعامل مع صيدلي في الحي، يقوم بتأمين الأنواع المطلوبة وبيعها بأسعار مرتفعة، وغالباً ما يتم البيع وفقاً لهذا الأسلوب بـ “المشط” أي الظرف الواحد الذي قد يتراوح سعره بين 1500 ليرة سورية و 3000 ليرة، وعندما تشح الأصناف الرائجة من السوق قد يصل سعر “المشط” إلى 5000 #ليرة_سورية أياً كان نوعه.

رفض بعض الصيادلة بيع الحبوب المخدرة إلا بوصفة طبية، يدفع بعض المدمنين للتعامل مع أحد الأطباء وشراء الوصفات بهذا الأسلوب، وقد يكون الحصول على “المشط” مكلفاً للغاية، وهنا يبدأ المدمن بالغوص في السوق السوداء أكثر ليصل إلى موزع الأدوية.

بمقاطعة المعلومات ببعضها يتبين أن عمل الموزع في تجارة الأدوية المخدرة أسهل بكثير من عمل الصيدلي بها، حيث تفرض وزارة الصحة في حكومة النظام على الصيدلي دفتر فواتير للأدوية النفسية والتي تسبب الإدمان، وكلما طلب الصيدلي هذه الأدوية تسجل على الدفتر الكمية والتاريخ واسم المستودع مع الأختام، وعند بيع كل عبوة لزبون، يفرض عليه كتابة رقم هويته ومرضه وعنوانه مع الختم مرفقاً بـ “راشيتة” من الطبيب.

بدون رقابة

لا يعمل الصيادلة وفق هذا النظام، فانعدام الرقابة على كل القطاعات في سوريا، وخاصة قطاع الأدوية، شجع الصيادلة والمستودعات على حد سواء على عدم اتباع هذه الشروط، وتحقيق أرباح خيالية، تبدأ برفع السعر من المستودع وانتهاءً بالصيدلي، فالكل رابح بهذه العملية.

يستطيع الصيدلي المتاجرة بهذه الأدوية أيضاً، دون الرجوع للدفاتر بالاعتماد على بعض الأنواع المهربة، كالنوع المماثل لـ “الرتامادول” ويدعى “ترامال”.

أما الموزع فله أسلوب آخر، حيث يحصي عدداً من الصيدليات التي أغلقت أو خرجت عن الخدمة، ويزوّر أختامها، أو قد لا يحتاج للتزوير من أساسه، ليقوم فقط بتسجيل الطلبات في المستودع بأسماء هذه الصيدليات وأصحابها، وبعد ذلك يوزعها إما على صيادلة أخرين للمتاجرة بها، أو يتاجر بها هو نفسه بشكل مباشر أو عبر مروجين، إضافة إلى وجود الكثير من المستودعات التي تبيع الأدوية المخدرة بالمفرق أو الجملة، دون أي رقيب أو حسيب.

بالأرقام

وفي لقاء مطول مع أحد الصيادلة، أكد بأن دواء “الترامادول” هو الأكثر طلباً حالياً من قبل المدمنين، وهو مسكن ألم مركزي، واسم الدواء التجاري المطلوب بكثرة هو “نيودول”، ويبلغ سعره الرسمي حوالي 180 ليرة سورية فقط، وتبيعه المستودعات بـ 400 ليرة، وتتم المتاجرة به بالظرف الواحد الذي يحوي 10 حبات علماً أن كل علبة تضم شريحتين، ويصل سعر الشريحة الواحدة في السوق السوداء إلى 1500 ليرة سورية.

وأيضاً، هناك دواء بإسم “زولام”، ويبلغ سعره الرسمي لعيار ¼ حوالي 95 ليرة فقط، والـ 1/5 حوالي 145 وعيار 1 حوالي 215 ليرة سورية، بينما يباع الظرف بين 1200 ليرة و1500 حسب التاجر أو الصيدلي.

ومن ضمن هذه الأدوية “البالتان”، وهو دواء يوصف لمرضى انفصام الشخصية وأمراض نفسية وعصبية أخرى، ويباع أيضاً تبعاً للتاجر وحالة المتعاطي، وكذلك الحال “هيكزول” وهو مهدئ يباع بحوالي 3000 ليرة سورية علماً أن سعره الرسمي 200 ليرة فقط.

وأيضاً، هناك شراب السعال المشهور “سيمو” الأخضر، وهو يحوي على نسبة كودائين تسبب الإدمان لدى البعض، وسعره الرسمي 130 ليرة سورية فقط، بينما يصل سعره في السوق السوداء إلى 500 ليرة حيث لايزال رخيص نسبياً.

حلول بديلة

وبما أن الحصول على الأدوية التي اشتهرت بأنها مطلوبة من المدمنين بات صعباً بعض الشيء، لجأ بعض المدمنين إلى أنواع لم يعلم الصيادلة جميعاً بعد أنها جيدة بالنسبة لهم، حيث بدأ الإقبال على دواء يدعى “بايو غابالين” أو “بريغابالين” ويوصف بشكل اعتيادي لمرضى السكري الذين يعانون من اعتلال أعصاب، وكونه لا يحتاج لإجراءات خاصة أو وصفة طبيب، فقد انتشر كثيراً في الآونة الأخيرة وتفوق على “الترامادول” من ناحية عدد المدمنين عليه ويبلغ سعره الرسمي 1140 ليرة لعيار 150، و950 ليرة لعيار 100، و540 ليرة لعيار 50، والعلبة الواحدة تحوي 30 حبة.

وهناك مدمنون لجؤوا إلى “السيتاكودائين” علماً أن الحصول عليه سهل جداً، لكن تعاطيه بنسب مفرطة قد يسبب تسمم نتيجة دخول “السيتامول” بتركيبته، حيث يستطيع جسم الإنسان تحمل 8 ملغ من السيتامول يومياً، وأي زيادة تهدد بالإصابة “بتسمم السيتامول”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.