حمزة فراتي

تعامل تنظيم الدولة الإسلامية #داعش مع الملف الاقتصادي لمحافظة #دير_الزور أثناء سيطرته على كبرى المدن فيها (الميادين والبوكمال) مثلما تعامل مع مكونات الحياة في المنطقة، بأسلوب الاحتلال والتخريب ولاستحواذ وعدم الاكتراث بمصير السكان.

فرض التنظيم قائمة من المحرمات، ولكل واحدة منها أثر سيء في مجال قطاعات العمل، وخاصة قطاع التجارة، فبين يوم وليلة اضطر بعض التجار بسبب هذه المحرمات أن يشهروا إفلاسهم، وآخرون اضطروا إلى غلق محلاتهم بسبب تعاليم التنظيم الصارمة والخوف من العقاب لمن يخالف قواعده .

خسائر تجار رفضوا العمل مع التنظيم

“خسرت حوالي 50 ألف دولار، ولم يعد يسمح لي ولا لغيري من تجار الملابس إلا ببيع الألبسة التي يفرضونها هم” يقول محمد الحسن (تاجر ألبسة من مدينة الميادين بريف دير الزور الشرقي) لموقع الحل، مبيناً حجم خسارته نتيجة لمحرمات التنظيم “عناصر الحسبة قاموا بزيارة المخزن الذي أضع فيه بضائعي قبل توزيعها لتجار السوق في المدينة، حيث قاموا بإبلاغي بعدم بيع أي شيء أو استرجاعي لبضائعي من حيث أتيت بها والتي قد كلفتني مبالغ كبيرة حتى وصولها إلى المدينة، وإلا سوف تتم مصادرتها وإتلافها وسأتعرض للسجن والتغريم أيضاً”.

وأردف “المسؤول المغربي أخبرني، بأنه إن أردت أن أكمل عملي في تجارة الألبسة يتوجب علي الاقتصار على الألبسة التي فرضها التنظيم والتي لاتخاف شرع الله، على حد قوله، الأمر الذي دفعني إلى التوقف عن مهنتي لأن عائلتي تقطن في مناطق سيطرة النظام في #دمشق وأنا أذهب إليهم بشكل دائم ومعظم بضائعي أجلبها من هناك، فمجرد وصول خبر لعناصر أمن النظام إنني على تعامل مع عناصر التنظيم سيسبب ذلك لي ولعائلتي الكثير من المشاكل، فأكتفيت بخسارتي المادية على أن أخسر فرداً واحداً من عائلتي” على حد تعبيره.

حال طه الخليفة مشابه تماماً لحال الحسن، وهو صاحب مقاهي إنترنت في المدينة ذاتها، فقد خسر مبلغ 25 ألف دولار، نتيجة قيام التنظيم بإغلاق المقاهي الثلاث التي يمتلكها في المدينة، كون التنظيم حدد تعداد المقاهي في المنطقة، وأن تكون تابعة له، وإغلق البقية، كما منع “نواشر” شبكة الإنترنت الفضائي في المدينة (واي فاي)، التي تمكن المستخدمين من وصول الشبكة إلى منازلهم، وحصر استخدام الإنترنت في المقاهي الخاصة به.

يقول التاجر “خسارتي كبيرة بسبب ماقام به التنظيم من إيقاف عملي وخاصة منعه للنواشر، الأمر الذي ضرني كثيراً، فهم رفضوا شراء الأجهزة وكافة المعدات مني، وفي الوقت ذاته لا يمكن لشخص من أهالي المنطقة أن يشتري مني الأجهزة لأنه سيتعرض للعقوبة التي ستصل لحد القتل بتهمة التخابر مع جهات خارجية معادية للتنظيم، مادفعني لأبيعها بكسر كبير جداً لأحد الأشخاص المقربين، الذي توعد بتصريفها خارج مناطق سيطرتهم، وهذا شرطي له عند بيعها، لأن التنظيم إن علم بأنني بعتها لشخص مدني سأتعرض للمحاسبة الصارمة من قبل جهازه الأمني” على حد قوله.

تحطيم أنواع من البضائع

لم يختلف حال مؤيد العيسى تاجر آلات الموسيقا ومتعهد حفلات الأعراس والمناسبات الخاصة من مدينة ديرالزور عن حال سابقيه، حيث خسر تجارته وعقوب بالسجن نتيجة عمله أيضاً.

يقول العيسى في حديث لموقع الحل، إن التنظيم لم يمهلني حتى ولو فترة وجيزة لتصريف بضاعتي حيث قامت دورياته بالاستيلاء على كافة محتويات المحال لدي والتي تتجاوز قيمتها 65 ألف دولار، وقاموا بإتلاف قسم كبير منها أمام عيني، بحجة أنها أدواة لنشر الفسق والفجور، ولم يكتفوا بذلك فقد تم إيقافي في سجن الحسبة لمدة 6 أيام، والتهمة هي الترويج لأدوات تبث الموسيقا التي حرم الله سماعها.

تجار انضموا لداعش فخسورا حياتهم

قسم آخر من تجار المنطقة فضل العمل مع التنظيم فهو بنظرهم مصدر الرزق الأكبر كونه القوة المسيطرة على المنطقة، لكن بعضهم دفع حياته ثمناً للعمل معهم، وأهم أولئك هو محمد جبير فواز الرواي، من أغنى وأكبر التجار في المحافظة، والذي شغل منصب المسؤول المالي في التنيظيم، حيث قتل بصاروخ موجه من قبل طيران #التحالف_الدولي في السادس عشر من شهر حزيران 2017، أثناء تواجده أثناء أمام منزله في مدينة #البوكمال شرقي دير الزور، بحسب حسان السيد أحد سكان مدينة البوكمال.

كما ولاقى فوزي الرخيتة تاجر ألبسة من مدينة البوكمال أيضاً ، مصيراً مشابهاً لسابقه، حيث عمل الرخيته مع التنظيم على جلب الألبسة والأكسسوارات الخاصة سواء للتنظيم أو للمحال الألبسة التي فرض عليها بيع ماسمح به التنظيم فقط، فقد كان التاجر الأول في المنطقة، ولا أحد يستطيع منافسته فهو المفضل لدى عناصر التنظيم كونه أحد أقرباء المدعو صدام الرخيته الذي شغل مناصب كبيرة في التنظيم آخرها أمير الأمن العام في مدينة البوكمال.

استهدفت سيارت التاجر بصاروخ موجه من قبل طيران التحالف الدولي عند مدخل المدينة، ما أدى لمقتله على الفور وبرفته عنصرين من التنظيم، بحسب السيد

محرمات التنظيم لم تكن وحدها سبب التراجع الاقتصادي

لم تكن قائمة المحرمات التي وضعها التنظيم على كافة قطاعات العمل والحياة وحدها هي السبب في التراجع الاقتصادي للمنطقة والذي شل جميع مظاهر الحياة الاقتصادية بحسب عمران الفتيح (مهندس مدني من دير الزور) وانما يضم أيضاً خوف النساء من الخروج من دورهن للتبضع، وهروب أكثر من نصف سكان المنطقة إلى المناطق الآمنة خارج حدود المحافظة، و تدمير البنى التحتية والمشاريع الحكومية الإنتاجية، وخسارة موظفيها وعمالها رواتبهم الشهرية التي منعوا من استلامها، فتأثيرات سياسة تنظيم داعش الوحشية على أهالي المنطقة بدأت بعد ثلاثة أشهر فقط من سيطرتهم، حيث بدأت تبرز مظاهر الفقر والحرمان على الجميع، يختتم المصدر.

اليوم تبدو مختلف المناطق التي خرج منها داعش خارجة عن أي حراك اقتصادي، بفعل الدمار الكبير التي تعرضت له بفعل المعارك والقصف الجوي، ونزوح أهاليها منها، فيما بات غالبية تجارها الذين نزحوا سابقاً يعملون في أسواق خارج بلادهم أو في مدن أخرى مثمنين خسائرهم بالملايين.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.