نشرت صحيفة الغارديان البريطانية مقالاً لكاتبته ديانا دارك، وهي مؤلفة كتاب “التاجر السوري”، الذي تتحدث فيه عما شاهدته خلال آخر رحلاتها إلى #سوريا، المغامرة التي خاضتها مع فريق ترعاه الكنسية الأرثوذكسية في رحلة إلى أهم المدن السورية فقط في سبيل الاطمئنان عن حال بيتها الدمشقي الذي حرمتها الحرب التمتع في الإقامة فيه. وألقت باللوم في مقالها على التقاعس الغربي وضرورة ممارستهم الضغط على الأسد بعد الضربة الأمريكية الأخيرة فكتبت:

راوغني القدر في اليوم الذي شن فيه التحالف الثلاثي غاراته الجوية على سوريا إثر استخدام الأسد للسلاح الكيميائي ضد شعبه، فقد كنت يومها على متن حافلة متجهة من #بيروت إلى #دمشق.

كانت الكاتبة تخوض تلك الرحلة السيريالية ( كما وصفتها ) مع زوجها إثر رفض الحكومة السورية منحها تأشيرة دخول في شهر شباط، بالرغم من امتلاكها عقاراً في دمشق لأكثر من عقد من الزمن.

تقول: بالرغم من اختيار الفريق حافلة تحمل اسم الشاعر “المعري” صاحب الأشعار المتشائمة بعض الشيء في وقته، إلا أنه تم التعامل مع الفريق بشكل ملوكي. برفقة رجال الدين في رحلة سيريالية، لم نضطر حتى للنزول من الحافلة على الحدود.. كنا كأننا من العائلة المالكة. ففي رحلتي السابقة أواخر الـ 2014 لإنقاذ بيتي في دمشق من منتهزي الحرب اضطررت للوقوف لساعات في طابور على الحدود وفي نقاط التفتيش، كما تضمنت رحلتي عبوات من السجائر التي تم تمريرها إلى الجنود الذين تركوا أثار أيديهم المتعرقة في حقائبي أثناء التفتيش.

تقول: اشترت البيت المتهدم في مدينة دمشق القديمة عام 2005، بدون أي تفضيل أو انتماء. عملت خلال ثلاث سنوات لاستكمال ترميم البيت وفي محاربة البيروقراطية لأجل ذلك.. مشيرةُ إلى أشخاص عاديين ساعدوها في ذلك، من ضمنهم مهندس معماري وفريقه ومحامٍ ومدير المصرف. البيت الذي ضم العديد من الأصدقاء الذين فقدوا منازلهم في ضواحي دمشق نتيجة القصف العشوائي منذ العام 2012، وضم خمس عائلات بعد الهجوم الكيميائي على الغوطة عام 2013، حيث كان مليئاً بالأثاث. أما اليوم، أسرة واحدة تعيش في البيت بناء على طلبها منذ عام 2015.

وعن تفاصيل رحلتها مع الفريق قالت: تم نقلنا إلى حافلة أصغر في الحي المسيحي من المدينة ليشق طريقه إلى قلعة دمشق ويقف أمام المسجد الأموي، القلب الروحي للمدينة. حيث تم إخلاء فناء المسجد من المصلين على شرفنا لندخل إلى قاعة للجمهور التي كنت أجهل وجودها بالرغم من عشرات زياراتي السابقة. هناك، ترأس المفتي الأعلى للجمهورية أحمد بدر الدين حسون الحديث في أجواء لطيفة تؤكد السرور بالعلاقات التي تجمع المسلمين والمسيحيين. وتشير الكاتبة إلى أن منظمة العفو الدولية أكدت أن موافقة المفتي كانت مطلوبة فيما يخص تنفيذ 5000 إلى 13000 حالة إعدام في سجن صيدنايا منذ العام 2011.

أما عن محطتها التالية في حمص، قالت: شاهدنا عدد لا يحصى من الملصقات المروّعة لـ #بشار_الأسد، خاصة تلك التي يظهر فيها بنظارته الداكنة وزيه العسكري والشعار الذي يؤكد لشعبه أنه يحمي سوريا من الإرهابيين، في حين كان يظهر في صوره قبل الحرب على دراجة يصحب ابنه إلى المدرسة، أو يزرع الأشجار برفق على جانب الطريق.

كانت #حمص خاوية بشكل مريع، الكثير من الدمار، حتى مسجد خالد بن الوليد الشهير الذي تمت تسويته على عجل من قبل قسم البناء العسكري لتتم مشاهدته من بعيد. إنه غلاف فارغ للعرض،  مثله مثل الكثير من الأشياء الأخرى.

أما زيارتهم إلى مدينة حلب، فكانت في اليوم الوطني لسوريا بتاريخ 17 نيسان. فقالت: وصلنا في الوقت المناسب لحضور حفل موسيقي أقيم في قلعة #حلب. وبينما كنا نصعد أحد أعظم القطع المعمارية العسكرية في العالم، نظرنا إلى الأسفل حيث الأسواق والمساجد المدمرة، رفعت أعلام صغيرة وبدأ الهتاف “حرية” ومن ثم “حلب” عندما طلب منا ذلك. بدا الأمر وكأنه صدى قاسٍ لأولى الأناشيد السلمية المطالبة بالحرية عام 2011. أما اليوم فالحرية بشروط النظام فقط.

أما عن الهدف من رحلتها لسوريا وزيارة منزلها قالت: بالعودة إلى دمشق في 19 نيسان، زرت منزلي وشاهدت بيأس المقاتلات المنطلقة من مطار المزة العسكري فوق دمشق لتلقي القنابل العنقودية على الضاحية الجنوبية من الحجر الأسود.

“محاصرون” كانت الكلمة التي سمعتها مراراً وتكراراً من أصدقائي السوريين، مسلمين ومسيحيين، في وصفهم لمأزقهم. ففي الوقت الذي يناقش فيه العالم شرعية الضربات الجوية على سوريا، لا تمثل الضربات لمن هم على أرض الواقع أكثر من كلام بلا جدوى.

وتضيف: لم يشير أحد من أصدقائي إلى الضربات، مع العلم بأن مصيرهم لم يتغير بعد، فهو الخضوع لإرادة الأسد أو القتل في حال التجرؤ والاحتجاج. لقد فات الأوان على تدخل الغرب والمجتمع الدولي عسكرياً في سوريا، فكان من الأولى أن يتم ذلك في العام 2011 أو 2013 على أبعد تقدير،قبل دخول الدولة الإسلامية أو #روسيا لملء الفراغ والفوضى التي أهملناها.

ومن وجهة نظر الكاتبة، فإن الخيار الوحيد المتاح الآن هو الحفاظ على كل أشكال الضغط على نظام الأسد وبوتين ليشعر كلاهما بالحمى. فقد خضع الأسد من قبل للضغوط السريعة مثلما حدث عندما سحب قواته من لبنان في غضون أسابيع بعد الغضب الدولي من اغتيال رئيس وزراء لبنان السابق رفيق الحريري في العام 2005. صلة الأسد وبوتين في الحاضر أشبه بالحبل السري، لكن إذا ما قطع هذا الحبل فإن الأسد يُعرّى من درعه الروسي، وحينها سوف يستسلم بسرعة أكبر من المتوقع. فإن كل ما نحتاجه لهذه الخطوة هو سياسة موحدة ومتماسكة، وهو الشيء الذي نفتقده حتى الآن بكل أسف.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.