حسام صالح

لم يكن مقطع الفيديو الذي تداوله السوريون قبل أيام والذي يظهر فيه رجل من قلب العاصمة دمشق في مراسم تشييع أحد القتلى للمليشيات الطائفية التي تقاتل بجانب النظام والذي يتوعد فيه “بحرق دمشق بمن فيها”، وخلفه يردد جموع المشيعين: “لبيك يازينب”، سوى واحداً من مئات الفيديوهات التي توثق مدى التغلغل الشيعي داخل العاصمة دمشق وأطرافها، منذ سني الثورة الأولى.

يقدر مركز الأبحاث العقائدية، وهو مشروع يهتم بنشر التشيع في العالم أعداد الشيعة السوريين في آخر إحصائية له عام 2013، بين 300 إلى 500 ألف نسمة من بين مجموع السكان، في حين تشير مصادر أخرى أنهم  يشكلون بين 4 و4.5% من السكان، وهذا الرقم هو الأقرب للتداول في الشارع السوري، لكن هذه الأرقام لم تعد تعبر عن الأعداد الحقيقية خصوصاً مع عمليات التهجير الأخيرة، في أرياف العاصمة وبعض أحيائها على حساب التمدد الشيعي، الذي تقوده إيران وأذرعها في سوريا وأعمهم #حزب_الله اللبناني.

توسيع للمقامات وكليات تعليمية

تعمل إيران على توسيع المقامات الشيعية في سوريا بشكل علني، ونستدل على ذلك من إعلان رئيس مايسمى “لجنة إعمار العتبات المقدسة في إيران” حسن بلاك، حيث نقلت عنه وكالة “فارس” في آذار الماضي قوله “تم إعداد مشروع لتوسيع مجمع مرقد السيدة زينب جنوب العاصمة دمشق، وتوسيع مرقد السيدة رقية بنت الحسين في دمشق القديمة، وسيشمل المشروع تشييد مبنى لضيافة الزوار في مرقد السيدة زينب”.

كما أعلنت إيران العام الماضي عن تأسيس كلية إيرانية للمذاهب الإسلامية في دمشق، حيث أكد حينها رئيس مجلس أمناء الجامعة ومديرها المالي إنها “ستضم 5 كليات للعلوم التجريبية، الإنسانية والإسلامية، ومن المقرر أن تشمل المرحلة الأولى للمشروع بناء كليات الآداب، الفقه والقانون”، وبالفعل أصبحت هذه الكلية قيد التشغيل وتحدثت مصادر عن وجود حوالي 5 آلاف طالب وطالبة فيها.

ولم تكتف إيران بذلك، فيقول أحد سكان “حي الأمين” داخل العاصمة دمشق ذو الأغلبية الشيعية لموقع الحل إنه تم إنشاء “مكتب تنسيق” يضم عدداً من المؤسسات الإسلامية أبرزها معهد الشام للدراسات الشرعية، وشيوخ من الجامع الأموي ومندوبون عن الحوزات الشيعية في دمشق، ومقره في حي الأمين، حيث يتم من خلاله صياغة الخطب الدينية التي تتوافق مع سياسة إيران، والإملاء حول طريقة وضع خطب الجمعة وغيرها من الفعاليات التي تتم بإشرافها.

وهنا لايمكن نسيان دور الملحقية الثقافية الإيرانية التابعة للسفارة، والمعروفة بنشاطها قبيل انطلاق الثورة السورية، حيث تتلخص مهمتها في تصدير أفكار ولاية الفقيه وإقامة المعارض ونشر المذهب الشيعي، والتي لوحظ ازدياد نشاطها في الآونة الأخيرة، وأصبحت أشبه بمركز العمليات التي تنطلق منها لجميع المناطق السورية.

شراء عقارات

تحاول إيران ومن خلال مخططها في تغيير ديموغرافية العاصمة دمشق وريفها، إلى جعل ماتقوم به شرعياً وقانونياً، من خلال عمليات شراء المنازل والمحلات التجارية القريبة من المراقد الشيعية، حيث أصبحت هذه المناطق داخل العاصمة أشبه بالثكنات العسكرية، التي لايستطيع أحد الدخول إليها إلا بعد عمليات تدقيق حتى للسكان الأصليين.

تحدثنا إلى “أبو ياسر” وهو صاحب لأحد المنازل في منطقة “العمارة” داخل العاصمة دمشق والمسيطر عليها من قبل المليشيات التابعة لإيران، فأكد أن “هناك تواصل دائم من قبل أشخاص سوريين ينوبون عن تجار وأصحاب نفوذ شيعة إيرانيين مع أصحاب الأملاك في منطقة دمشق القديمة لشراء المنازل والعقارات، فالأمر أصبح معروفاً لدينا”، مبيناً أن “المبلغ التي تطلبه يتم دفعه في العقار المراد شراؤه، لكن هناك شبه حظر على البيع لغير الشيعة”.

وذكر أبو ياسر حادثةً حصلت قبل أشهر مع أحد جيرانه الذي قرر بيع منزله القريب من المسجد الأموي، وكان لايرغب في بيعه للإيرانيين، لكن بعد بحثه في جميع المكاتب العقارية كان التأكيد من قبلهم أنه لا أحد يرغب بالشراء في هذه المناطق سواهم، مرجحاً أن يكون السبب في التعليمات لأصحاب المكاتب بعدم بيع العقارات في تلك المنطقة سوى للإيرانيين أو عن طريقهم.

في حين يقول أحد العاملين في منطقة البحصة المعروفة بكثرة الفنادق فيها، أن إيران اشترت معظم الفنادق في تلك المنطقة، بحجة تأمين المنامة للحجاج الإيرانيين، وأضاف أن “المنطقة بكاملها تقريباً أصبحت ملكاً لإيران وهي المسيطرة أمنياً عليها، وفي بعض الأحيان يتم منع عناصر النظام المسلحين من الدخول إليها بحجة الدواعي الأمنية، من خلال الحواجز المنتشرة هناك.

مظاهر تشيع على العلن

سابقاً، كانت الطقوس الشيعية مرتبطة بأوقات معينة في السنة كـ “ذكرى عاشوراء” وكانت هذه المظاهر محصورة في بعض الأماكن والأحياء كحي الأمين ومقام السيدة رقية والسيدة زينب، أما حالياً ومع توافد المليشات التي تقاتل إلى جانب النظام اتسعت الرقعة ولم تعد ترتبط بمناسبة معينة أو وقت معين في السنة.

وبحسب الفيديوهات ومشاهدات سكان العاصمة دمشق، أصبحت اللطميات ومظاهر التشيع منتشرة في جميع أنحاء العاصمة والأماكن التي لم يستطع الشيعة الدخول إليها وإقامة طقوسهم كالجامع الأموي وسوق الحميدية وأطراف العاصمة دمشق، حيث باتت العاصمة تتشح بالسواء وسط الأغاني والأهازيج الطائفية بحماية من المليشيات اللبنانية والعراقية والإيرانية.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.