الفارون من الخدمة في جيش النظام إلى الخارج: كيف يخوضون معركة تحصيل الوثائق؟

الفارون من الخدمة في جيش النظام إلى الخارج: كيف يخوضون معركة تحصيل الوثائق؟

منار حداد – الحل

منذ عدّة سنوات وحتّى الآن، يواجه الشبّان السوريون الفارون من الخدمة العسكرية، معركةً حقيقية في سبيل الحصول على وثائقهم، التي تمكّنهم من مواصلة حياتهم بعد أن يقطعوا الحدود السورية إلى دولٍ أخرى، بحثاً عن فرصٍ جديدة للحياة.

تمكن أهمّية الوثائق الخاص بهؤلاء السوريين، بأنّها الوسيلة الوحيدة التي تمكّنهم من استكمال حياتهم، سواء تقديم اللجوء في دولة أخرى، أو البحث عن عمل جديد، أو استلام حوالات مالية أو حتّى إيجاد بعد قانوني للدولة التي يصل إليها.

ويندرج حلم “استكمال الدراسة الجامعية” ضمن خيارات اللاجئ الشاب الفار من الخدمة في جيش النظام، بحثاً عن حلمٍ فقده بسبب ملاحقته للخدمة.

وتتنوّع أساليب الشبّان السوريين الفارين من الخدمة في جيش النظام للحصول على وثائقهم، بين اللجوء إلى سماسرة متخصّصين بتحصيل الوثائق، ودفع أموال طائلة لهم، أو اللجوء إلى قنصليات النظام التي على الرغم من عدم تأمينها جميع الثبوتيات، إلّا أنّها تتطلّب أموالاً كبيرة أيضاً، في حين يكون التزوير الحل الأخير لمن تعذّر عليهم الوصول إلى وثائقهم.

سماسرة بأسعار كاوية

اضطر أحمد عزيز، الشاب السوري البالغ من العم 26 عاماً، إلى دفع مبلغ 900 دولار أمريكي بهدف الحصول على شهادته الجامعية وذلك بعد أن بقيت في أرشيف جامعة حلب لمدّة ثلاث سنوات.

يقول أحمد لموقع الحل: “خرجت من سوريا بشكلٍ مفاجئ في عام 2015 بعد أن أنهيت دراستي الجامعية وطُلبت للخدمة الإلزامية، فما كان منّي إلّا التوجّه نحو تركيا دون أي حسابات أخرى خوفاً من اعتقالي”.

وأضاف أن استخراج الأوراق الجامعية يتطلّب ستة أشهر للحصول على “مصدّقة التخرّج وكشف العلامات والحياة الجامعية، مع ترجمتها للغة أجنبية وتصديقها من العدلية والخارجية.. واستخراج الشهادة الجامعية (الكرتون) يحتاج إلى نحو سنة بعد التخرّج كونها تستغرق وقتاً طويلاً”. لافتاً إلى أن حالته “لم تكن تسمح له بالبقاء لفترات طويلة في سوريا”.

بعد خروجه، لم يأبه أحمد لشهادته الجامعية، وبدأ حياته بشكلٍ عادي، غير أن الشاب يشير إلى أنّه قرر أن يحاول الحصول على منحة دراسية في إحدى الدول الأوروبية لاستكمال دراسته فبدأ رحتله مع استعادة الشهادة التي بقيت ثلاث سنوات في أروقة جامعة حلب.

يتطلّب الحصول على الشهادة بشكلٍ نظامي أن يتم التوجّه للقنصلية السورية وإجراء معاملة “وكالة” لشخص موجود في حلب ليقوم الأخير بدوره بتصديقها من العدلية واستخراج الشهادة بشكلٍ قانوني، إلّا أن هذه العملية تصطدم بالمنع كون أحمد مطلوباً ولا يقبل توكيله، فما كان منه إلّا أن بدأ بالبحث عن وسطاء وسماسرة لديهم معارفهم داخل الجامعة وبإمكانهم سحبها بمبالغ مالية كبيرة، حيث تواصل أحمد مع أحد السماسرة وتمكّن من استخراج الشهادة وتصديقها بـ 900 دولار.

يشير أحمد إلى أن معظم أصدقائه أجروا عملية التوكيل قبل أن يغادروا سوريا. لافتاً إلى أن هذا الأمر “كان متاحاً لأنه عندما كان في سوريا لم يكن مطلوباً وبإمكانه توكيل أحد أقاربه أو أصدقائه لاستخراج الشهادة”.

القنصليات

بعيداً عن الشهادات الجامعية، فإن الوثائق الأخرى كالهوية وجواز السفر وتسجيل المولود والمتوفي، هي خدمات توفّرها القنصليات السورية المنتشرة في الخارج، حيث تنشط هذه القنصليات في الدول المجاورة والخليج العربي وبعض الدول الأوروبية لتسيير أمور السوريين هناك، ولكن مقابل مبالغ خيالية لم يسبق لأي دولة في العالم أن طلبتها من مواطنيها مقابل الوثائق.

يبلغ ثمن جواز السفر العادي الذي يتطلّب مدة خمس أشهر، 300 دولار أمريكي ويُضاف إليه 200 دولار من أجل حجز موعد في القنصلية كون المواعيد الالكترونية معطّلة، أما الجواز المستعجل فتبلغ تكلفته 800 دولار ويُضاف إليها 200 دولار إجرة حجز الموعد.

أما تصديق الشهادات فيبلغ ثمنها 50 دولار للختم الواحد، أي أن تصديق شهادة جامعية وملحقاتها يكلّف نحو 400 دولار أمريكي، ويُضاف إليها 100 دولار للسمسار الذي يؤمّن موعد التصديق.

تزوير

يُعتبر التزوير أحد الحلول النهائية للشاب السوري الفار من الخدمة الإلزامية، قبل أن يفقد الأمل بجميع القنوات الأخرى التي تساعده على استرجاع وثائقه.

ومنذ بدء اللجوء السوري، انتشرت مكاتب متخصّصة في تزوير جميع الوثائق السورية (شهادات جامعية، جوازات سفر، هويات شخصية، بيانات ولادة، شهادات قيادة سيارة..الخ)، حيث تزوّر جميع الوثائق مقابل مبالغ تتراوح بين 100 إلى 400 دولار أمريكي.

ولجأ ابراهيم (اسم مستعار) إلى تزوير شهادة جامعية في قسم الهندسة المدنية بجامعة دمشق، بعد أن فشلت كل محاولاته بتحصيل شهادته المحتجزة بجامعة دمشق.

ويوضّح ابراهيم خلال حديثه مع موقع الحل أن تحصيل الشهادة من الجامعات الأخرى “سهل لكنه ليس كذلك في جامعة دمشق.. دفعت مبالغ طائلة للسماسرة بغرض استعادتها دون فائدة، فاضطررت في نهاية المطاف إلى تزوير واحدة مشابهة لها”.

ولكن خطوة ابراهيم قد تكون نهايتها غير سليمة، حيث هرعت معظم الشركات والجامعات العالمية إلى التحقّق من الشهادة الجامعية السورية عبر التواصل مع وزارة التعليم العالي السورية بسبب كثرة عمليات التزوير.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.