في جامعة دمشق: تراجع بالتصنيف العالمي والمقولة السائدة “ادفع تنجح”

في جامعة دمشق: تراجع بالتصنيف العالمي والمقولة السائدة “ادفع تنجح”

حسام صالح

لم يكن تصريح رئيس مجلس الوزراء في حكومة النظام “عماد خميس” مطلع الشهر الحالي في اجتماعه مع رؤساء الجامعات الحكومية والخاصة، والذي تركز على “ضرورة إبعاد الفاسدين وضعاف النفوس عن منظومة التعليم العالي” سوى كلمات لوضع “الملح على الجرح”، ومواساة لمنظومة التعليم التي تراجعت لمستويات متدنية، ومثالها جامعة دمشق، فليس غريباً أن يظهر طلاب من وسط الجامعة وفي مقابلة مصورة انتشرت بكثرة على مواقع التواصل الاجتماعي يتحدثون عن “أسعار” النجاح في المواد، كأنها تعرفة رسمية، معتبرين أن مقياس النجاح بالجامعة يعتمد على أمرين أساسيين إما “الواسطة” أو “المال”.
لم تكن جامعة دمشق قبل الحرب أنموذجاً يحتذى به، فالرشوى والمحسوبيات كانت موجودة، لكن على نطاق ضيق، ومايجري اليوم داخل أروقة الجامعة ارتقى لمستويات غير عادية، مستغلين فيها الحرب، وباسم “الدفاع عن الوطن” هناك طلاب تخرجوا من الجامعة ولايعرفون حتى أسماء المقررات الدراسية.

ادفع لتنجح!
أصبحت “الرشاوى والمحسوبيات” الصفة السائدة في العلاقة بين الطلبة وأساتذتهم بجامعة دمشق، وبات في أغلب الاحيان لكل أستاذ “تسعيرة” خاصة بالمادة التي يقوم بتدريسها، هذا ما أكده عدد من الطلاب الذين تواصل معهم موقع الحل، وتختلف هذه “التسعيرة” بحسب نوع الكلية وأهمية المادة، والسنة الدراسية التي يكون بها الطالب، والتي يتراوح سعر المادة الواحدة بين 25 و 150 ألف ليرة سورية.
“سامي” وهو طالب في سنة التخرج بكلية الاقتصاد في جامعة دمشق توقف تخرجه على مادة واحدة، وامتحن فيها لعدة مرات دون جدوى، فأخبره أحد أصدقاءه أن “مفتاح” المادة بيده، لكن عليه أن يدفع مبلغ 75 ألف ليرة للنجاح، بعد الاتفاق مع أستاذ المادة بوضع علامة معينة على ورقة الإجابة، وبالفعل نجح سامي بهذه الطريقة، كما غيره من عشرات الطلاب، بحسب تعبيره.
في حين، ينجح عدد آخر من الطلاب “لصفاتهم الأمنية”، دون أن يعرفوا شيئاً عن المقررات الدراسية، وذلك واقع فرضته
الحرب الدائرة، فبحسب العديد من الشهادات التي وصلت إلينا، فإن هناك طلاب دخلوا إلى الجامعة وتخرجوا منها دون أي عناء، و “الدفاع عن الوطن” هو المبرر في ذلك، والمقصود من ذلك إما الطالب متطوع في مليشيا أو يحمل صفة أمنية، أو أحد أقربائه من المحسوبين على النظام وبرتب عالية.
ولا يقتصر الفساد على أساتذة الجامعات فقط، بل موظفو الامتحانات والمراقبين، ورؤساء القاعات، كلهم يتبعون نفس الطريقة، “المال مقابل النجاح”، وأنه بالإمكان شراء فصل كامل بموادهن مقابل مبالغ تصل للمليون ليرة.
وتعكس ظاهرة الرشاوى في جامعة دمشق، حالة من الفوضى، والتأثير سلباً على العملية التعليمية، فنسبة كبيرة من الطلاب باتوا يعتمدون على “العمل” في مهن أخرى إلى جانب مواصلة التعليم، وهذا ما صرحت عنه عميد كلية الآداب بجامعة دمشق “فاتنة الشعال” التي أكدت أن ” جامعة دمشق باتت تعاني وبشكل ملحوظ من قلة حضور الطلاب”، مبررة ذلك بأن “تكاليف الطريق والظروف المادية للطلاب لاتسمح لهم بالمجيء للجامعة”.
لكن الواقع وحديث الطلاب لايعكس ذلك السبب فحسب، بل إن “النجاح في المواد له تكلفة مالية، وهذه الأموال لايستطيع الأهالي تأمينها نظراً للظروف المادية، فيكون العمل لتامين النجاح هو الغاية.

تراجع على المستوى العالمي
شهدت الجامعات السورية وجامعة دمشق على وجه الخصوص تراجعاً كبيراً في مؤشر التصنيف العالمي، فبحسب تصنيف موقع (webomtrics)العالمي للجامعات، وهو التصنيف الوحيد الذي يحوي الجامعات السورية، احتلت جامعة دمشق احتلت جامعة دمشق المرتبة 10902 على مستوى العالم، والمرتبة السابعة على مستوى سوريا، وهذا يعني تراجعاً كبيراً، بالمقارنة بالتصنيف الصادر مع بداية العام الحالي، حيث كانت جامعة دمشق تحتل المرتبة الثانية على مستوى سوريا والمرتبة 4526 عالميًا.
وزارة التعليم العالي بررت الموضوع بدورها، وقالت إن “التراجع الملفت للجامعات السورية وجامعة دمشق يعود لعدم نشر الأبحاث العلمية من الجامعات وتوثيقها على مواقعها الإلكترونية، ومن ضمنها رسائل الماجستير والدكتوراه، إضافة إلى عدم تحديث البيانات بشكل دوري، وعدم تطوير اللغة الانكليزية والاعتماد فقط على اللغة العربية، وبطئ الانترنت وصعوبة الوصول إلى عدد من المواقع الالكترونية”.

هنا لابد للإشارة إلى نقص الكادر التدريسي وهجرته خارج البلاد، والذي انعكس بشكل كبير على العملية التعليمية، وبحسب أرقام وزارة التعليم العالي فإن “20% من الكادر التدريسي هاجر خارج البلاد بسبب ظروف الحرب، إضافة إلى عدم عودة الطلاب الموفدين لدراسة الماجستير والدكتوراه خارج سوريا وبقائهم في الدول التي درسوا فيها”.
في مقابل ذلك يقول دكتور في كلية الإعلام بجامعة دمشق (فضل عدم ذكر) اسمه إن “التراجع التصنيف العالمي، يعود للاعتماد على طلاب مرحلتي الماجستير والدكتوراه لسد النقص والتدريس في الجامعات، وهذا بدروه انعكس سلباً من حيث جودة التعليم، وعدم إنجاز الطلاب لأبحاثهم وبالتالي تراجع ترتيب الجامعة على مستوى العالم”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.