تقارير (الحل) – ما يزال الحديث عن استعادة النظام السوري، لمقعده في #جامعة_الدول_العربية، محط اهتمامٍ إعلامي، وسط ظهور مقترحاتٍ ومؤشّرات عن إمكانية استعادة النظام لهذا المقعد.

في الثاني عشر من شهر نوفمبر ٢٠١١، قرر وزراء الخارجية العرب في ختام اجتماعاتهم، في القاهرة تعليق مشاركة وفود سوريا في اجتماعات مجلس الجامعة العربية وجميع المنظمات والأجهزة التابعة لها، إلى حين قيامها بالتنفيذ الكامل لتعهداتها وتوفير الحماية للمدنيين السوريين عبر التواصل بين المنظمات العربية والدولية المعنية. ودعا الوزراء في قرارهم جيش النظام السوري إلى عدم التورط في أعمال العنف ضد المدنيين.

كما قرر الوزراء التوقيع على عقوبات اقتصادية وسياسية ضد النظام السوري ودعوة الدول العربية إلى سحب سفرائها وإبقاء المجلس في حالة انعقاد.

ولكن بعد أكثر من سبع سنوات على هذا القرار، وعقب استعادة النظام السوري مساحات واسعة من الأراضي السورية على حساب المعارضة المسلّحة، بدأت بوادر ومؤشّرات عودة النظام لمقعده في الجامعة العربية.

ما أبرز هذه المؤشرات؟

رصد “موقع الحل” مجموعة مؤشّرات عن اقتراب عودة النظام لاستلام مقعده، ومن أبرز هذه المؤشّرات، زيارة الرئيس السوداني عمر البشير إلى دمشق، كأول رئيس عربي يلتقي رئيس النظام السوري #بشار_الأسد .

ويتّفق مراقبون على أن زيارة البشير لم تكن مجرّد زيارة عادية، بل مثلت عرضاً عربياً وتفاوضاً سياسياً، كون البشير هو الرئيس العربي الوحيد القادر على تحمّل أعباء هذه الزيارة لأنّه مطلوب دولياً بسبب قضايا جنائية تلاحقه، أي أنه قام بخطوةٍ لا يستطيع أي رئيس عربي القيام بها بشكلٍ مباشر.

وأعقب هذه الزيارة، افتتاح سفارة الإمارات العربية المتّحدة، ومن بعدها البحرين في دمشق، كمؤشّر على عودة العلاقات مع النظام.

بالتوازي مع ذلك عكفت تونس إلى إعادة تفعيل الرحلات الجوية المدنية بين دمشق وتونس العاصمة، ما يشير إلى ارتياح تونسي لعودة النظام للجامعة العربية.

وأظهر بعضٌ من الدول العربية، على الرغم من عدم إصدارها أي موقف يؤيّد عودة النظام، إشاراتٍ على أنها لا تمانع عودته.

نصر سياسي؟

تُعتبر عودة النظام إلى الجامعة العربية، نصراً سياسياً لنظام الأسد، كونها تُعطي إيحاءاً بالشرعية للنظام واستكمال النصر السياسي عقب التقدّم العسكري الواضع، ولا سيما أن من شأن هذه العودة أن تكسر العزلة الإقليمية العربية عن النظام السوري، والتي كانت مفروضة منذ نحو ثماني سنوات.

كما أن مقعد سوريا في الجامعة العربية، سبق أن شغلته المعارضة السورية، وعودة النظام السوري لشغله من جديد يعني أنّه استطاع كسب جزءاً من الشرعية.

ويبدو من خلال التطوّات السياسية التي تحدث باستمرار، أن الجامعة العربية مُتأثّرة بالصراع الخليجي، ما يعني وجود محورين رئيسيين في عودة النظام للجامعة العربية، الأول وتمثله الإمارات التي أعادت سفارتها في دمشق، والتي بدورها تتحالف مع البحرين والسعودية ومصر ودول عربية أخرى.

وبالمقابل ثمّة محور قطر والدول التي تتحالف معها وتعكف إلى دعمها ومساندتها في قراراتها الرافضة لعودة النظام السوري إلى الجامعة العربية.

كما أن خطوة استعادة النظام السوري لمقعده في الجامعة العربية، لن تتوقّف عند هذا الحد بل من المتوقّع أن تعقبها خطوات أكثر عمقاً في هذا التطبيع.

 

ما علاقة الانسحاب الأمريكي؟

لم يكن عزم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خارج حسابات رغبة بعض الدول العربية في إعادة النظام إلى الجامعة العربية. وكان الرئيس ترامب قد أعلن عن بدء سحب القوات الأمريكية من سوريا بشكلٍ كامل، وبما أن بعض الأطراف الخليجية تنسّق بشكلٍ رئيس مع الولايات المتحدة في سوريا من أجل التصدّي للنفوذ الإيراني، فإن الانسحاب الأمريكي، شكّل قطع هذا الطريق الوحيد للتنسيق، ما حصر خيارات هذه الدول بالتنسيق مع النظام ذاته ومع روسيا.

غير أن النفوذ الإيراني لا يشكّل الخوف الوحيد لبعض الدول الخليجية وعلى رأسها الإمارات والسعودية، إذ أن الوجود التركي الفاعل في الشمال السوري يثير مخاوف هذه الدول أيضاً.

وفي ظل عمق التحالف السياسي والعسكري والاستراتيجي بين النظام السوري وحليفته إيران، يظهر أن المحاولات الخليجية قد لا يُكتب لها النجاح في هذه الناحية، إذ أنّه من الصعب التأثير على العلاقة العميقة بين النظام السوري وإيران، ليبقى الوجود التركي هو الهدف الأكثر منطقية من عودة بعض الدول العربية للتطبيع مع النظام من بوّابة فتح السفارات وإعادة كرسي سوريا في الجامعة العربية للنظام السوري.

تقرير: منار حداد – إعداد: سارة اسماعيل

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.