ترجمة (الحل) – نشرت صحيفة «ليبراسيون» تقريراً كشفت فيه أنه، وعلى الرغم من انهيار دولة «الخلافة» فإن مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية، ما يزالون أحراراً، وأن هناك خطراً من أن يتمكنوا من الفرار إلى مناطق أخرى؛ أو إلى دول إقليمية أخرى. وإن كان استسلام ما تبقى من مقاتلي تنظيم «داعش», الذين تراجعوا إلى آخر كيلو متر مربع المتبقي لهم من أرض «الخلافة» على الحدود العراقية السورية قد بات وشيكاً؛ فإن الحقيقة الأخرى أن هناك الآلاف من مقاتلي التنظيم ما يزالون طلقاء.

وقد أكدت تقارير إعلامية من منطقة دير الزور صباح الجمعة الماضي، أن المفاوضات التي تجريها قوات سوريا الديمقراطية «قسد», التي تقود الهجمات ضد التنظيم بدعمٍ من التحالف الدولي بقيادة واشنطن, تكاد أن تأتي أُكلها. وبحسب الاتفاق الوشيك, فإن المئات القليلة من مقاتلي التنظيم والمتحصنين في ملجأهم الأخير سوف يسلمون أنفسهم إلى «قسد» بما في ذلك الأسرى الذين يحتجزونهم كذلك الأسلحة وكميات «الذهب» الذي بحوزتهم, وفق مصادر محلية.

ويبين التقرير، بأنه إذا ما تم الاستيلاء على آخر قريتين سوريتين بيد تنظيم الدولة الإسلامية, فإن أراضي «الخلافة» التي بلغت ذروتها عام 2014 ووصلت إلى حجم بريطانيا العظمى ما بين سوريا والعراق, تكون قد أزيلت تماماً عن الخارطة. لكن ووفقاً لـ«أورسولا فون» وزيرة الدفاع الألمانية, فإن «الخلافة» وإن تم تدميرها مادياً, إلا أن تنظيم الدولة الإسلامية في طور تغيير وجهه، وهو يعيد تنظيم نفسه في السر، ويعمل على بناء شبكات مع تنظيمات إرهابية أخرى بما في ذلك تشكيل شبكة عالمية. وهذا الرأي الذي صرحت به الوزيرة الألمانية يوم الجمعة الماضية في ميونخ, قد شاركها فيه نظرائها الثلاثة عشر في التحالف ضد الإرهاب والمجتمعين على هامش المؤتمر السنوي للأمن.

لقد كان الوضع في سوريا، في صلب محادثاتهم لاسيما أن الاختفاء الإقليمي لدولة «الخلافة» قد بات وشيكاً. خاصةً وأن انسحاب القوات الأمريكية, الذي أعلنه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في شهر كانون الأول الماضي, يترك الحلفاء على الأرض في مواجهة المجهول. ففي ميونخ, فشل وزير الدفاع الأمريكي المؤقت باتريك شانهان في توضيح موقف الولايات المتحدة الأمريكية. حيث وصف رحيل قواته بأوامر من ترامب بأنه «تغيير تكتيكي» ووعد بالحفاظ على «القدرات الكافية لمكافحة الإرهاب في المنطقة» دون أن يعطي مزيداً من التفاصيل.

وبالنسبة لفرنسا, فإن كل ما تريده هو التأكد من عدم عودة ظهور «داعش» بشكله الحالي؛ أو تحوّله لشكل جديد لا في سوريا، ولا في أي مكانٍ آخر! إذ أن باريس تخشى من أن يؤدي الانسحاب الأمريكي إلى تشتت المقاتلين الأجانب في صفوف تنظيم «داعش» وعودة ظهور الخلايا في سوريا.

وتكشف «ليبراسيون» كيف أن مصير المقاتلين السابقين في صفوف تنظيم «داعش» لاسيما الأجانب منهم وتشتتهم في المنطقة، وربما في ما هو أبعد من ذلك, قد بات كابوساً يقضّ مضاجع دول التحالف- فالتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة- يعتبر أن الآلاف من هؤلاء الجهاديين قد لقوا حتفهم في المعارك المختلفة التي وقعت منذ عام 2015، في سوريا والعراق. بينما قدّر فلاديمير فورونكوف, قائد عمليات مكافحة الإرهاب في الأمم المتحدة, عدد مقاتليّ «داعش» الذين ما يزالون ناشطين في المنطقة بـ 18 ألف مقاتل، بما في ذلك ثلاثة آلاف أجنبي. ومن بين هؤلاء الجهاديين هناك حوالي 800 منهم اليوم في قبضة «قسد» في سجون داخل مخيمات شمال وشمال شرق سوريا. وقد أعلنت «قسد» بعد إعلان الانسحاب الأمريكي من المنطقة بعدم رغبتها؛ أو عدم قدرتها على إبقائهم في سجونها. وفي الأيام القادمة, سيلتحق الجهاديون الذين سيغادرون آخر معاقل التنظيم في سوريا، بأولئك المعتقلون اليوم لدى قوات سوريا الديمقراطية. وبذلك سيصل عددهم إلى مئات عدّة من الجهاديين المحليين والأجانب.

وفي انتظار حل معضلة مرحلة ما بعد «الخلافة» والشبكات المرتبطة بهذا التنظيم الإرهابي في إفريقيا والشرق الأوسط وآسيا، والذي يشكل «تهديداً شاملاً» على حد وصف الأمم المتحدة, يستعد دونالد ترامب لإعلان في غضون 24 ساعة هزيمة «الخلافة» وذلك لدعم قراره بالانسحاب أمام الرأي العام الأمريكي. كما أن الاستعدادات لتغطية هذا الحدث جارية على قدمٍ وساق, حيث شهدت المنطقة خلال الأيام الأخيرة تدفق غير مسبوق لوسائل الإعلام العالمية.

إعداد: معتصم الطويل

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.