ريف دمشق (الحل) – يتقدّم عشرات الآلاف من الطلاب في مناطق سيطرة النظام، لامتحانات الشهادتين الإعدادية والثانوية، وسط إجراءات مشددة جديدة عملت وزارة التربية في حكومة النظام عليها، لإعادة أجواء الامتحانات إلى سابق عهدها، قبل عام 2011، حيث شهدت سنوات الحرب الأخيرة حالة من التسيب والاعتماد على الغش لتحصيل نتائج دراسية جيدة، وفق تصريحات إعلامية لوزير التربية في حكومة النظام عماد العزب.

وعلى الرغم من هذه الإجراءات والتصريحات الإعلامية إلّا أنّ حكومة النظام فشلت في مهمتها بإنجاح الامتحانات، وتأمين الأجواء المناسبة للطلاب، وتهيئتهم نفسياً وعلمياً بشكل صحيح، كما عجزت عن إيقاف الغش الذي أصبح ممكناً ومقبولاً في بعض المناطق.

اجراءات مشددة واستياء شعبي وطلابي
أعلنت وزارة التربية التابعة لحكومة النظام عن إجراءات مشددة ستتخذها خلال الامتحانات الحالية، وأوعزت لكوادرها العاملة في الإشراف والمراقبة والالتزام بالتعليمات التي عممتها، وأبرزها التزام الوقوف للمراقبين طيلة فترة الامتحان ولفترة قد تصل لثلاث ساعات، دون اعتبار أي ظرف صحي أو عامل سن عند بعض المراقبين، ومنع التجول بين الطلاب والتحدث إليهم أو إجابتهم على الأسئلة حتى وإن لم تتعلق الأسئلة بمادة الامتحان، ولم تنته التعليمات الصارمة عند هذا الحد بل تعدته إلى منع غياب المعلمين تحت أي ظرف أو عذر.

وتسببت هذه الإجراءات بحالة من الاستياء الشعبي والطلابي، حيث انتقد الأهالي أسلوب وزارة التربية المتبع في الامتحانات، كونهم اعتبروه لا يساعد الطلاب على تقديم أفضل ما لديهم، ويتسبب لهم بضغوط نفسية إضافةً للضغوط التي تواجههم بسبب الدراسة، وكاد الوضع أن ينفجر في إحدى مدارس اللاذقية بعد قيام مندوبة من الوزارة بتفتيش بعض الطالبات بطريقة “غير لائقة” حيث أجبرتهنّ على خلع ملابسهنّ في القاعة للتفتيش، ما أثار غضب الاهالي الذين حاولوا اقتحام المركز والتهجّم على المندوبة، التي قالت إنّ إحدى الطالبات أخفت قصاصة ورقية في ثيابها ولهذا أجبرتها على التفتيش.

تذمر كبير للمعلمين بسبب المعاملة السيئة
قالت المدرسة سهام. ق، إنّ الطريقة التي تتعامل بها وزارة التربية مع الكوادر التعليمية غير لائقة، حيث تم تهديدهم بالحسم من مرتباتهم والاستجواب والمحاكمة وصولاً إلى الفصل من السلك التعليمي، ومعاملتهم بشكل لا يليق، كأن تصرخ مندوبة من وزارة التربية على بعض الأساتذة لمجرد رؤيتهم يتحدثون مع الطلاب الذين يحتاجون في وقت الامتحان لبعض الأمور، كشرب الماء أو طلب ما يحتاجونه بشكل مباشر من المراقبين.
وأوضحت قبلان أنّ معظم المراقبين لا يلتزمون بتعليمات الوزارة، وذلك بسبب ما أسمته “المشقة” فيها، حيث من غير المعقول أن تقول لمعلم تجاوز عامه الخمسين أن يبقى واقفاً طيلة فترة الامتحان، دون أي اعتبار لمكانته بين الطلاب أو مراعاة لوضعه الصحي، وأضافت أنّه يجب على الوزارة العمل بمبدأ “إذا أردت أن تطاع فاطلب المستطاع”، دون محاولة تطبيق مثاليات بعيدة عن الواقع، لا سيما خلال فترة الحرب التي تعيشها البلاد.

الغش يجد طريقه رغم الاجراءات المشددة
لم تنجح إجراءات حكومة النظام في الحد من الغش على الرغم من صرامتها، حيث استطاع الكثير من الطلاب الحصول على معلومات وهم داخل الامتحان إما عبر القصاصات الورقية، أو التنقيل الشفهي، أو حتى عبر الاتصال بمكالمات من داخل القاعات إلى خارجها، وبحسب طلاب في أحد مراكز ريف دمشق فإنّ طالبين تمكنا من حل بعض الأسئلة عن طريق تصوير الورقة لأصدقائهم خارج القاعة والحصول على الإجابات عبر الاتصال الهاتفي.
وعلى الرغم من قطع الاتصالات لساعات قبيل بدء الامتحان فإنّ هذه الآلية لا تجدي نفعاً مع الغش، حيث يتم إعادة الاتصالات عند بدء الامتحان، ما يتيح الفرصة للاتصال من داخل القاعة إلى خارجها، وتسبب ذلك بانتقادات واسعة من السكان طالت إجراء إيقاف الاتصالات والانترنت في أيام الامتحانات، وتمت المطالبة بإيجاد طريقة أفضل لحل هذه المشكلة وليس الاستمرار بقطع الاتصالات فهناك حالات اضطرارية لاستخدامها قد تكون أهم من الامتحانات، التي وبطبيعة الحال لا يتم ضبطها كما يجب.

دروس الخصوصية ممنوعة وتعليمات حكومية مُهملة
هذه الامتحانات تأتي في ظل تذمر كبير من معظم المدرسين وخصوصاً أصحاب الاختصاصات اللغوية والرياضية، حيث منعت وزارة التربية إعطاء الدروس الخصوصية للطلاب، مهددةً بنقل المدرسين إلى محافظات أخرى، أو مسائلتهم وإخضاعهم للتحقيق، الأمر الذي دفع الكثيرين منهم لعدم الالتزام بهذا المنع، والمطالبة بتعويضات للمدرسين في حال التزامهم بذلك، لأنّ المرتبات الشهرية لهم لا تكفيهم، في ظل تردي الوضع المعيشي والغلاء الذي تشهده البلاد.

في حين اشتكى بعض الأهالي من تحكّم بعض المدرسين (الذين وجدوا طريقهم للدروس الخصوصية) بالطلاب في فترة الامتحانات، وطلبهم مبالغ أعلى من الاعتيادية لكل ساعة، مستغلين الضغوط على الطلاب في هذه الفترة، وحاجتهم للدروس لتمكين المعلومات التي درسوها خلال الفترة الماضية.
وتبقى العملية التعليمية في سوريا بحاجة لتصويب من ألفها إلى يائها كونها تعرضت لأزمات كبيرة على كافة المستويات طيلة السنوات الثمان الأخيرة، حيث تم إهمال ملف المعلمين وأصبح التدريس متاحاً لحملة الشهادة الثانوية وفي بعض المناطق الإعدادية، كما دُمرت مئات المدارس بفعل القصف العنيف الذي صاحب الحملات العسكرية، والأهم من ذلك كله يجب إعادة تهيئة الطلاب بحيث يتعاطون مع الدراسة بشكل إيجابي، بعيداً عن الضغوط الموجودة حالياً عليهم، والتي تسببت بأزمات صحية ونفسية لبعض الطلاب، أوصلت بعضهم للموت في مناطق مختلفة من سوريا.

إعداد: سليمان مطر – تحرير: رجا سليم

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.