«المرأة التي تخرج عن سياقات العشيرة تُرْجَم وكأنها زانية، فضلاً عن ذلك، فإن المرأة في معاناة مستدامة في مجتمع ذكوري بحت، فالكثير من يشغلن مناصب يتعرضن للابتزاز والتحرش، كل تلك الأمور أدّت إلى عدم وجود النسوة في سلطة القرار».

—————————————————-

علي الكرملي

في بلد كانت له الأسبقية بولوج أول امرأة إلى سدة المناصب التنفيذية على مستوى العرب قاطبة، هي الوزيرة ”نزيهة الدليمي“، وكذا أول قاضية في بقعة #الوطن_العربي ”زكية حقي“ قبل نحو  60 عاماً، تُعاني اليوم نسوته من قلَّة تمثيلهن في المناصب والوزارات التنفيذية والسيادية، إن لم يكن انعدام وجودهن وهذا ما هو جليٌّ في الحكومة الحالية التي لم تُدشّنها ولا امرأة واحدة حتى في وزارات رئيس الحكومة عبد المهدي.

في هذا #العراق الذي وصلت نسبة المرأة في التعداد السكاني إلى النصف تقريباً، بل وزادتها إلى الدرجتين فوق النصف في أعوام قليلة خلت، لم يُسمح لنسوته بأن يمسكن بزمام الحكم ولا حتى الوزارات والمناصب التنفيذية، بل وحتى #الجامعات لم يسمح لهن بتزعمها، يسمح لهن فقط في التمثيل البرلماني في #مجلس_النواب، أي في #السلطة_التشريعية لا غير، وهذه الأخيرة لولا وجود (#الكوتا) التي تُلزم الحكومة بوجوب وجود المرأة بنسبة الربع (25 ٪) لما سُمِحَ لها في دخوله أيضاً.

تقول الكاتبة والصحافية “آلاء جبار”: «لابد الإشارة إلى مسألة أساسية في موضوع عدم أو قلة تسنم المرأة للمؤسسات التنفيذية والقيادية، أَلا وهي تلقينها منذ الصغر بأنها غير قادرة على تحمل مسؤولية ذلك، وتخويفها من قضبان السلطة ووحوش الساسة أدى إلى إخفات الضوء في داخلها، وربما اختفائه، فـ للبيئة والأسرة تأثير كبير في صقل الذات».

الكاتبة والصحفية “آلاء جبار”- إنترنت

مؤكّدةً «إن #العرف و #التقاليد_البالية لا تزال تتخذ موقعاً متقدماً في مجتمعنا الذي أصابه الجهل عنوة من السياسات المتراكمة للدكتاتورية المقيتة، ناهيك عن تفاقم الحروب كلها أدت إلى جهل الكثير بالدور الذي تلعبه المرأة في المجتمع، حيث توهموا بأن دورها يقتصر على القيام بالواجبات المنزلية وأداة للإنجاب، ومُتفضّلين عليها في ارتيادها المدارس والجامعات من أجل إكمال تعليمها».

ماذا لو اجتمع هندام «العقل والجسد»؟

صحيح أنه لا يجب الغض عن تولي عدد من النساء مسؤولية عدد من الوزارات الحكومية في المُدَد السابقة، لكن حتى تلك كانت في وقت مجلس الحكم الانتقالي الذي شكّلته الولايات المتحدة فـ أُسندَت لهن 4 وزارات، أي ليس في الحكومات الثلاث السابقة التي بدأت فعلياً منذ (2006) ولا في الحكومة الرابعة (الحالية) إنّما في مدّة سبقت تلكم التواريخ، في (2004) بالتحديد.

أما ما تلاها وإلى اليوم؛ فلا يتعدى امرأتين اثنتين أو ثلاث في كل حكومة، وسارت بالهبوط، حتى دقَّت الأُمم المتحدة ناقوس الخطر، وعدّت وجود #المرأة_العراقية في السلطة ضعيف وغير لائق بحقها، فدفعها إلى طلاق حملة (واسعة) قبيل #الانتخابات الأخيرة تحت وسم (#شكوبيها) للتوعية بوجوب وجود المرأة في المكانات المهمّة في الحكومة، لأنها على اقتدار في تحمل المسؤولية، فما النتيجة، كانت النتيجة بـ (تصفير) وجودها في هذه الحكومة غير المكتملة حتى اليوم.

تقول “جبار”  لـ ”الحل العراق“، «إن عدم انخراط النسوة في المؤسسات الهامّة، وعدم توعيتهن بشكل كاف لتسنم مناصب تنفيذية ومهمة تحتاج إلى البديهة والفكر وقوة الشخصية، والحكم والعدل في ذلك، قد أضرَّ عليهن بشكل ملحوظ، وكل ما أشرت إليه لم نجده عند أغلبية النسوة اللائي جلسن فوق عرش المناصب، فالكثير منهن ذهبن إلى سمكرة الوجوه والجسد دون الفكر».

مُستدركَةً، «وهنا لا أشير إلى معاداتي للجمال والاهتمام بالهندام، فما أجمل هندام العقل والجسد في آن واحد».

مُشيرةً إلى قضية أُخرى حالت (وتحول) دون تمثيل المرأة في المناصب التنفيذية، وهي (#الطابع_العشائري) الذي «يُعد السلطان المتربع على عرش تكميم الأفواه» وفق رأيها.

فهو أدى إلى «تقييد المرأة بشكل أساس، بل هو يُقيد القانون أيضاً، ونظراً لما يعانيه البلد من ضعف في القانون، لم يعد قانونُنا قرآناً، ومازالت  الأزمة في تفاقم دون إدراك لذلك»، تقول جبّار.

رئيس لجنة المرأة النيابية “هيفاء الأمين”- إنترنت

مُبيّنةً، إن «المرأة التي تخرج عن سياقات العشيرة ترجم وكأنها زانية، فضلاً عن ذلك، فإن المرأة في معاناة مستدامة في مجتمع ذكوري بحت، فالكثير من يشغلن مناصب يتعرضن للابتزاز و #التحرش، كل تلك الأمور أدّت إلى عدم وجود النسوة في سلطة القرار».

سطوةٌ ذكوريّة:

«إن العملية الديمقراطية وُلدت حديثاً في العراق، وقادة الكتل من الرجال لديهم  سيطرة على المناصب السيادية التي توزع على شكل حصص لمكونات معينة، تلك هي إحدى أسباب عدم تمكن المرأة من حكم العراق»، تقول رئيس لجنة المرأة النيابية “هيفاء الأمين”.

لافتةً في حديثٍ لـ ”الحل العراق“.، أنه «بالرغم من وجود شخصيات نسوية عراقية قيادية، وعدم وجود فقرة بالدستور تمنع النساء من تبوأ منصب سيادي؛ إلا أن تهميش المرأة وعدم إشراكها  في المناقشات والاجتماعات والقرارات السياسية المفصلية، وسطوة الرجال، حالت بشكل كبير دون حيازتها أو وصولها لتلك المناصب».

وتعتقد الأمين، أن «#المجتمع_العراقي قد يتقبل فكرة أن يكون رئيسه امرأة في ظل هجمات التخلف والرجعية التي يتعرض لها البلد».

مُوضّحةً، «أن المناصب السيادية للنساء تحتاج إلى تحرك في البرلمان من قبلهن، لاسيما من لديهن تجربة وخبرة في العمل السياسي».

مُشيرةً إلى أن «الكثير من البرلمانيات الناشطات طالبن كتلهن بالسماح لهن بالترشيح لرئاسة الوزراء والجمهورية والبرلمان لكن لا حياة لمن تنادي».

أكبر التحديات هي:

«إن ضعف مشاركة المرأة في العملية السياسية يعود لذكورية صنع القرار، وغياب الوعي بماهيّة النوع الاجتماعي، مما يجعل من وجود المرأة مجرد شكل، هذا غير الاهتمام بالكم لا بالنوع، ما جعل وجودها استكمال لتطبيق شكل للديمقراطية بلا دور حقيقي للمرأة، ولا حتى تمثيلها لمصالح ومتطلبات المرأة العراقية»، تقول الناشطة النسوية والأكاديمية “نهلة نجاح”.

الناشطة النسوية والأكاديمية “نهلة نجاح”- إنترنت

وتُضيف، «أن وجود المرأة كان تمثيلاً لمصالح #الأحزاب و #التيارات_السياسية، وتمثيل لأجندات حزبية، ما أسهم في تحجيم فرص مشاركتها في العمل السياسي، فضلاً عن قلة خبراتها، وفي الوقت ذاته، هناك ثقافة اجتماعية تحصر المرأة في أدوار تقليدية؛  لِتضحى بذلك ثقافة سائدة للنساء على أن الرجال أقدر منهن على العمل السياسي».

«ثمّة أسباب أُخرى تتعلق بالمرأة ذاتها التي (لا تُعطي) صوتها للمرأة المُرشحة، واتكالية النساء على مبادرات الأحزاب، بخاصة بعد تطبيق نظام (الكوتا) الذي ساهم في ترشيح نساء غير مؤهلات، وهذا ما أرادته وتريده الأحزاب»، تستدركُ نجاح في حديثها مع ”الحل العراق“.

وتؤكّد «عدم التشجيع الحقيقي للنساء الكفء والتخوف من البيئة الانتخابية والابتزاز هذا ما يُشكل تحدٍ كبير للنساء الراغبات بدخول العمل السياسي».

مُوضحةً، «طالبنا كناشطات برفع نسبة (الكوتا) من (25 ٪) إلى (40 ٪) منذ سنوات، وذلك لزيادة وجود المرأة في المؤسسات التشريعية والتنفيذية، لكن الأيام والسنوات تمر دونما جديد يُذكر».


هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.