(دمشق) – بقي #المكدوس واحداً من المكوّنات #الغذائية التي تجمع السوريين بشتى أنواع اختلافاتهم، وظلّ راسخاً في ثقافة السوريين أينما حلّوا، من دمشق إلى برلين ومن اسطنبول إلى استوكهولم، وجاء شهر أيلول الذي تتفرّغ فيه ربّات المنازل لموسم المونة، ولا سيما مونة المكدوس.. فهل حضرتموه لهذا العام؟

ينحدر المكدوس من بلاد الشام، وتتنافس سوريا ولبنان وفلسطين في تثبيت هويته الأصلية، لكنه عموماً صنفٌ أنه دائم على الموائد، ويتكون من الباذنجان المحشو بالجوز والثوم والفليفلة، والموضوع داخل أوعية زجاجية تسمى قطرميزات، تُملئ بالزيت والملح كي تحفظ الباذنجان طيلة أيام السنة، كي يبقى

المكدوس صالحاً للاستهلاك حتى موسم المونة المقبل.

ويُتناول بشكل رئيسي ضمن وجبتي الفطور والعشاء، وإلى جانبه كأس من الشاي، بحيث يُخصص لكل فرد من أفراد العائلة الجالسين حول الطاولة، مكدوسة واحدة أو أكثر. لكن ذلك كان في الماضي، أما اليوم، فيُعاني المواطن السوري مع المكدوس جراء غلاء المعيشة، وارتفاع ثمن مكوّناته، إذ بلغ سعر كيلو الجوز حوالي 5 آلاف ليرة سورية، بينما يتراوح سعر كيلو الباذنجان بين 200 و300 ليرة سورية، ويبقى زيت الزيتون هو المكوّن الأغلى، إذ يبلغ سعر تنكة الزيت حوالي 30 ألف ليرة سورية، وانخفضت الكميات التي تنتجها كل عائلة من أربعين أو خمسين كيلو من المكدوس سنوياً إلى أقل من 10 كيلو، بحسب إمكانيات كل عائلة ووضعها المادي.

ويحتاج 5 كيلو من الباذنجان حوالي كيلو ونصف من #الفليفلة ونصف كيلو من الجوز، ولتر من الزيت، وبالتالي فإن العائلة المؤلفة من خمسة أشخاص، تحتاج وسطياً إلى حوالي خمسين كيلو على الأقل، في وقت وصل فيه سعر صرف #الليرة مقابل الدولار إلى 650 ليرة سورية، إذ سجلت أدنى قيمة لها في تاريخها!

ويتزامن موسم المكدوس مع موسم بداية المدارس واقتراب فصل الشتاء، إذ تنشغل العائلات بتأمين حاجيات الطلاب، أو تعبئة المازوت والمحروقات قبل أن تأتي ليالي الشتاء القارسة. كما يتزامن المكدوس مع مونة البامية والملوخية والفليفلة وغيرها من المنتجات الغذائية التي تغذّي المائدة السورية طيلة العام.

واقتصرت موائد المكدوس هذه السنة أيضاً على حبات قليلة توضع مرة أو مرتين في الأسبوع على المائدة، أو تقدّم حسب طلب العائلة لكن ليس بشكل يومي، كما اشتهر بعض السوريين بإرسال المكدوس من بلد إلى آخر، فمثلاً حين تكون الأم في سوريا أو #تركيا، ويكون الابن في ألمانيا أو فرنسا، تُرسل الوالدة لابنها قطرميز من المكدوس، كواحدة من أجمل الهدايا التي يُمكن أن يتلقاها مغترب سوري في غربته!

إعداد: رحاب عنجوري – تحرير: سامي صلاح

الصورة من الأرشيف

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.