ليث ناطق

يخترق (تكتك) “حيدر علوان” الحشد البشري في #ساحة_التحرير بأقصى سرعته باتجاه #شارع_السعدون المؤدي إلى الساحة، يفسح المتظاهرون المجال لـ “حيدر” كي يعود إلى #جسر_الجمهورية، فيعيدُ الكرّة حاملاً مصاباً آخر من المتظاهرين نحو سيارات الإسعاف، لا شيء يوقف هذا المشهد الذي يلعب “حيدر” وبقية سائقي عجلات “التكتك” دور البطولة فيه، سوى نفاد وقود عجلاتهم الصغيرة أو تضررها.

يصف أحد متظاهري الجمعة 25 اكتوبر تشرين الأول، بعد تعافيه من الاختناق، التكتكَ بـ «مركبة النجاة».

وسط جموع المتظاهرين- عدسة الحل العراق

يستعيد نظره بعد أن تهافت شبابٌ بمشروب “الكولا” على وجهه وعينيه، ليزيلوا تأثير الدخان المسيل للدموع، ثم يكمل: «ببساطة لولا أبطال التكتك لمات الكثير من المتظاهرين خنقاً أو جراء إصاباتهم، كدتُ أموت لولاهم».

يعتمد أغلب سائقي “التكتك” عليه كمصدر وحيد لرزق عوائلهم. بعد نفاد وقوده، اتجه “حيدر” بالتكتك خاصته، إلى شارع السعدون، توقف هناك وآثار التعب واضحة عليه، يقول في حديثه لموقع الحل: «يتوقف عملنا في أيام التظاهرات، لكني وكثير من زملائي نخرج بالتكتك لإسعاف المصابين ونقل الناس إلى مركز التظاهرة».

في هذه الأثناء عرض أحد المتظاهرين المارّة على “حيدر” دفعَ تكلفة وقود التكتك، لكنه رفض قائلاً: «شكراً لك، لست هنا بهدف العمل، وأرسلت صديقاً سيجيء لي ببعض الوقود كي أعاود إسعاف الشباب».

كان “حيدر” بدأ بسلوكه هذا في 2تشرين الأول/أكتوبر ثاني أيام التظاهرات آنذاك، كان ينقل الناس مجاناً من أحياء مدينة الصدر/الثورة إلى #ساحة_الطيران القريبة من #ساحة_التحرير ثم تطور الأمر في ذلك اليوم حين سقط عدد من المتظاهرين قتلى ومصابين، إلى إسعافهم ونقلهم إلى المستشفيات أو دوريات الإسعاف القريبة.

«كنت قرب #مول_النخيل حين سقط أحد الشباب وسط الشارع قرب #مستشفى_الجملة_العصبية ولم يستطع أحد إسعافه بسبب القناص، توجّهت أنا وصديقي بالتكتك نحوه، وكان الناس يهتفون بي كي أعود، لكني وصلت للمصاب وحمله صديقي إلى التكتك، ثم عدت» يقول “حيدر”.

كان الحادث الذي يسرده “حيدر” قد وقع عصر يوم السبت 5 تشرين الأول/ أكتوبر.

ويكمل حديثه وهو يجلس على الرصيف قرب عجلته التكتك: «كنت متجهاً نحو مستشفى الصدر بأقصى سرعة، كان صديقي يصرخ بي على طول الطريق، وأنا أحسبه يشجعني، لكن حين وصلت بالمصاب إلى المستشفى، اكتشفت أنه ليس مصاباً فقط؛ بل كان ميتا إثر رصاصة قناص».

في ذات اليوم الذي يتحدث فيه “حيدر” عن مغامرته الانتحارية، كانت التظاهرات تعود بالقوة نحو #مدينة_الصدر، وفي مساء ذلك اليوم، تحوّل “حيدر علوان” ليسعف الناس في #ساحة_الحمزة التي استقرت فيها التظاهرة واستعر المشهد.

وفي الساحة ذاتها، كان ابن عم “حيدر” أحد المتظاهرين الذين تلقوا رصاصة وفارقوا الحياة.

ليس “حيدر” إلا واحداً من مئات سائقي التكتك اللذين كرّسوا عجلاتهم الصغيرة لخدمة وإسعاف المتظاهرين منذ الأول من أكتوبر وحتى الجمعة 25 منه، حين عادت حركة الاحتجاج.

يصف “مصطفى جلال” وهو أحد مسعفي الإسعاف الفوري دور سائقي “التكتك” بـ «البطولي».

ويقول لـ الحل: «هناك مئات الحالات التي لم يكن أصحابها ليبقوا على قيد الحياة لولا سائقي التكتك، إنهم فعلوا أشياء إعجازية، يذهبون للأماكن التي لا تستطيع سيارات الإسعاف الوصول إليها وسط الرصاص والدخان ويأتون لنا بالمصابين وأحياناً يكونون هم المصابون».


 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.