اعتمد تنظيم «داعش» منذ بداية ظهوره وانتشاره سواء في #العراق أو #سوريا على ماكينة إعلامية ضخمة للتسويق لنفسه ونشر أفكاره وجذب مجندين وأنصار له من كافة أنحاء العالم، وذلك عبر الأناشيد الجهادية المحفزة والإصدارات «الهوليودية» التي كان ينتجها باستمرار خلال ذروة سيطرته في الفترة الممتدة من 2014 وحتى 2016، والتي تحث على قضايا الجهاد والتوسع والانتشار والتمدد، وإظهار تنامي قوة التنظيم الميدانية والعسكرية.

رحل القادة
وبدت معالم الارتباك تظهر على منظومته الإعلامية حيث خف زخم إصدارتها تدريجياً بالتزامن مع الخسارات المتتالية التي بدت تعصف بأركانه بدءاً من هزيمته في العراق (كانون الأول/ ديسمبر2017 ) وصولاً إلى خسارته في سوريا في مارس/2019 وتحوله إلى فلول وخلايا نائمة، إذ عمد إلى تحويل سياسته الإعلامية هنا إلى تصدير خطابات الصبر على الفتن والابتلاء والثبات وعدم الفرار من الميدان.
ووفقاً تقارير دولية، فإن التنظيم أنتج في سبتمبر 2017 ثلث ما أنتجه في أغسطس 2015.
إلا أن الضربة القاصمة التي مني بها «داعش» مؤخراً، تمثلت بمقتل زعيمه «أبي بكر البغدادي» مع عدد من مساعديه إلى جانب وزير إعلامه المدعو «أبو حسن المهاجر» وأربعة من مرافقيه محدثة شللاً في أطرافه المختلفة، بعملية عسكرية نفذتها واشنطن أواخر الشهر الماضي.
وكان المهاجر قد استلم منصب المتحدث الرسمي للتنظيم خلفاً لـ «أبي محمد العدناني» والذي قتل بدوره بغارة جوية من قبل #التحالف_الدولي في #حلب أغسطس 2016. وكان العدناني المسؤول العام عن إعلام «داعش»، لخبرته الكبيرة في هذا المجال.. كما قام بالتعليق الصوتي على معظم الإصدارات والمواد الصوتية التي أصدرتها مؤسسات التنظيم كافة على اختلاف مسمياتها.

محتوى رديء وغياب الحرفية
تواجه منصات «داعش» الإعلامية صعوبات في نشر موادها على مواقع التواصل الاجتماعي وإغلاق مستمر لحساباتها، بسبب حجبها من قبل شركات الشبكة العنكبوتية، وتعد «مؤسسة الفرقان للإنتاج الإعلامي» الذراع الأساسي للتنظيم تليها وكالة «أعماق» الإخبارية، إلى جانب جريدة «النبأ» الأسبوعية و«البيان» ومجلة «دابق»، وغيرها من المنصات الأخرى التي لا تتبع رسمياً للتنظيم لكنها تقوم بنشر جميع بياناته وإصداراته مثل وكالة «مؤتة».
وتقوم معظم هذه المنصات، بالنشر من خلال تطبيق «التليغرام» لما يتمتع به هذا التطبيق من حماية وأمان أكثر من غيره من التطبيقات الأخرى، ومن خلاله يتم النشر في مختلف وسائل الإعلام الأخرى.
ولا تقتصر الصعوبات التي تواجها تلك المنصات على حجب مواقعها فحسب، بل التغير الكبير الذي طرأ على المحتوى الذي تنشره، من حيث الانخفاض الكبير في حجم المحتوى، ورداءة جودة الفيديوهات والصور، وغلبة النغمة الدفاعية على الإصدارات الأخيرة، والتأخر في إصدار البيانات التي يتبنى فيها «داعش» مسؤوليته عن الهجمات التي يُنفذها، والمبالغة في الأسلوب، فضلاً عن سقطات الترجمة من العربية للغات الأجنبية.

صمت إعلامي قبل ترتيب الصفوف
ووفقاً لتقارير دولية، فإن القضاء على شخصيات إعلامية لـ«داعش» كان ضربة قاسمة لترسانته الإعلامية، إذ فشل التنظيم حتى الآن في العثور على شخصيات يمكن أن تحل محل تلك القيادات.
وعلى الرغم من الترنح الذي تعيشه ترسانة التنظيم الإعلامية، فإن أي تغيّر واضح لم يطرأ عليها بشكل فوري بعد مقتل البغدادي ووزير إعلام التنظيم، فلم يُسجّل حتى الآن بعد مقتلهما أي إصدار جديد سوى النشرات الإخبارية التي استمرت دون تغيير.
ويبدو أن الصمت الإعلامي هو مرحلة مؤقتة بانتظار ترتيب الصفوف الداخلية لدى التنظيم. لكن متابعين للشأن السوري يرجحون أن هذه العملية تزداد صعوبة، مع تحييد القيادات والكفاءات الموجودة لدى داعش، الذين كانوا يوماً على استطاعة لفرض «خلافة» على 50% من الأراضي السورية.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.