لا يختلف فصل #الشتاء الحالي عن سابقه فيما يخص أزمة #التدفئة في معظم مناطق سوريا، فالوقود (المازوت والغاز) ما يزال باهظ الثمن، وغير متوفّر باستمرار، الأمر الذي أخرجه من حسابات معظم الأسر السورية، التي لجأت إلى بدائل “غريبة” للحصول على التدفئة، مقابل تكلفة مناسبة.

قبل 2011 كان معظم السوريين يعتمدون على #المازوت والغاز في التدفئة، إذ كان سعر ليتر المازوت الواحد 7.5 ليرة سورية، ثم ارتفع في عام 2009 ليصبح 25 ليرة سورية.

في العام الماضي 2018، بلغ سعر برميل المازوت في شمال سوريا 60 ألف ليرة، أما اليوم فوصل إلى 95 ألف ليرة، وكذلك #الحطب ارتفع سعر الطن الواحد منه إلى 70 ألف بعدما كان 40 ألفاً، في حين تضاعف سعر عبوة الغاز غير المتوفّرة أصلاً، ما دفع الأهالي للاعتماد على بدائل جديدة هذا العام.

الـ “بيرين” وقود جديد منخفض الثمن!

تُصنع مادة الـ “بيرين” من خلاصة عصارة الزيتون، وطالما أن الزيتون ومعاصره متوفّرين في الشمال السوري فإن البيرين متوفّرٌ أيضاً.

يستخرج العمّال مادة “البيرين” بعد عصر الزيتون، ويضيفون له مواد قابلة للاشتعال في تركيبته ليكون سريع الاشتعال.

يتميّز “البيرين” بسعره المنخفض مقارنةً مع المازوت والحطب، كما أنّه يدوم لفترة أطول من الحطب والفحم داخل المدفأة، رغم احتوائه على عدّة مخاطر منها انبعاث رائحة كريهة منه خلال الاشتعال، تسبّب أمراضاً تنفّسية.

بعد استخراجه يتم كبسه بمكابس مخصّصة لتحويله إلى قطع مستطيلة الشكل، ثم تعريضها للحرارة لمدّة عشر أيام، ليصبح جاهزاً للبيع بمبلغ يتراوح بين 35 – 40 ألف ليرة للطن الواحد.

وتم ابتكار هذه الفكرة في الشمال السوري انطلاقاً من زيت #البيرين، الذي يخرج من عصارة الزيتون بعد عصره، والذي كان يعتبر المادة الأساسية في صناعة صابون الغار المشهورة، حيث عمد بعض الصناع إلى أخذ هذه العصارة وتجفيفها ثم بدء تصنيعها لتصبح على شكل قوالب جاهزة للاشتعال والاستخدام للتدفئة.

تدفئة على نار الجلديات والألبسة

على الرغم من أنّها طريقة غريبة، إلّا أن الكثير من الأسر السورية وتحديدًا داخل المخيّمات اتجهت نحو استخدامها.

وتنتشر في الشمال السوري عدّة أسواق تحمل اسم “بازار” تفتح بشكلٍ أسبوعي وتعرض منتجات مختلفة، من بينها ألبسة مستعملة “بالة” مُصنّفة لعدّة أصناف، منها الجديد القابل للاستخدام، وآخر غير صالح للارتداء، ويُباع بـ “الكيلو” بأسعار منخفضة جدّاً.

هذا الأمر، دفع عدداً من النازحين داخل #المخيّمات في العام الماضي، إلى اللجوء لهذه الأسواق وشراء كميات من الألبسة القماشية والقطنية والصوفية، وحتّى الأحذية والحقائب الجلدية، من أجل استخدامها داخل خيمهم في التدفئة انطلاقًا من سعرها المنخفض.

غير أن هذه الطريقة تسبّب أمراضاً تنفّسية مزمنة، وخصوصاً عند الاستمرار بحفر الجلديات، حيث تنبعث أدخنة لها رائحة كريهة وتنتشر في هواء المخيّمات وداخل الخيم ما يؤدّي لإصابة النازحين وتحديداً الأطفال منهم.

الحطب أباد معظم الثروة الحراجية

منذ عام 2012 بات الحطب بديلاً “استراتيجياً” عن المازوت في التدفئة، في ذلك الوقت كان سعره منخفضاً إضافةً إلى كثافة #الأشجار وسهولة قطعها وتحطيبها.

ولكن على الرغم من أن الحطب ما يزال خيار كثير من الأسر السورية للتدفئة اليوم، ولكن سعره لا يقل عن المازوت أو الغاز، وخصوصاً بعد انتشار مدافئ الحطب والاعتماد عليه بشكلٍ كبير خلال السنوات الماضية.

وأدّى الاستخدام المفرط في الحطب للتدفئة، إلى خسارة #سوريا نسبةً كبيرةً من الغطاء الحراجي، حيث تقدّر كمية الحراج في إدلب بنحو 45 ألف هكتار، وأصبحت 80% من هذه الحراج جرداء، عدا عن الخسائر في الحراج، التي وقعت في أرياف حماة واللاذقية وطرطوس ودرعا.

الأثاث المستعمل بات وقوداً بثمن!

ويعتمد جزء من السوريين على استخدام الأثاث القديم في منازلهم، أو شراء الأثاث غير الصالح للاستخدام، من أجل تحطيمه إلى قطعٍ صغيرة واستخدامه كحطب في التدفئة.

وتقوم هذه الطريقة على شراء الأثاث المستعمل غير القابل للاستخدام إطلاقاً، من متاجر وأسواق خاصة تنتشر في مدن بينها، دمشق وحلب وإدلب، ثم تحطيم هذا الأساس وتحويله إلى حطب.

ولا تُعتبر هذه الطريقة مكلفة مقارنةً مع المازوت والحطب الجاهز والغاز، غير أنّها غير شائعة في سوريا بشكلٍ كافٍ، بسبب عدم توفّر الأثاث الرخيص الصالح للتدفئة دائماً، وإنما يعتمد على توفّره بالأسواق المستعملة بشكلٍ متواتر.

إعداد: أحمد حاج حمدو – تحرير: مهدي الناصر

الصورة من الأرشيف

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.