دون بيان توضيح أو أي تصريح لتبرير الواقعة، تنسحب فصائل «الجيش الوطني» لصالح الجيش السوري الذي دخل دون قتال إلى مناطق سيطرت عليها الجماعة المقاتلة الموالية لأنقرة والقوّات التركيّة خلال معركة «نبع السلام» التي أطلقتها تركيا في تشرين الأول/أكتوبر الماضي شمال شرق سوريا.

التطورات الميدانيّة المتسارعة في المنطقة جاءت عبر اتفاق بين روسيا و تركيا، واتفاق آخر بين قوات سوريا الديمقراطية «قسد» وروسيا، حيث كشف تفاصيل الاتفاق الأخير مظلوم عبدي (قائد قسد) في تغريدة أكد فيها أن التفاهم مع موسكو يقضي بنشر قوات روسية في مدينة عامودا وبلدتيّ (تل تمر، وعين عيسى)، شمال سوريا.

الجيش الوطني «معارض» حصراً على وسائل التواصل
ونفت الفصائل السورية، التي تحارب ضمن #الحملة_التركية بدايةً، وجود تفاهمات بين أنقرة وموسكو، حول تسليم الجنود الروس مواقع جديدة في سوريا، رغم إثبات الوقائع الميدانية عكس ذلك.

وقال القائد في #الجيش_الوطني (#مصطفى_سيجري) في تغريدة إن «الحديث عن تفاهمات روسية تركية وصفقة سرية لتسليم #روسيا الطرق الدولية والانسحاب من بعض المدن والبلدات لمصلحة النظام إشاعات كاذبة»، وفق قوله.

وبعد أن تحقق الانسحاب، تجاهل #الجيش_الوطني التعليق على خسارته مواقع لصالح الجيش السوري، لا سيما وأنه يقدم نفسه على أنه قوة محتفظة بهويتها المعارضة لقوّات الأسد، امتداداً لعمل «الجيش الحر».

وكالة سانا الرسمية سارعت بالطبع لتغطية توسيع الجيش السوري سيطرته في المنطقة، وبثت صوراً أظهرت دخول القوّات النظامية إلى قرية السوسة الغربيّة ومنشأة صوامع الحبوب العالية بريف رأس العين قرب الطريق الدولي m4، بعد انسحاب «الجيش الوطني» والقوّات التركيّة.

«انضموا للجندرما أشرفلكم»
وأثارت عمليّة تسليم «الجيش الوطني» مناطق للجيش السوري موجات غضب واسعة في أوساط السوريين، الذين شنّوا حملة لاذعة ضد الجيش على مواقع التواصل الاجتماعي خلال اليومين الماضيين، حتى أولئك الموالون للجيش ويتبنون وجهة نظره وشعاراته وأهدافه المعلنة منذ تأسيسه عام ٢٠١٧، ويؤيدون حملته ضد «قسد».

ويقول الناشط الميداني أحمد عزيزي من مدينة اعزاز، إنه «عندما تأسس الجيش الوطني، تأسس لغرض الدفاع عن الثورة وأهدافها، اليوم نرى هذا الجيش يقدم التنازلات للجميع وللجيش السوري لصالح الأتراك. الجيش الوطني لا يملك القرار الوطني وهو بعيد كل البعد عن تلك التسمية، فهو لا يمثل تطلعات السوريين حتى الذين يعيشون ضمن مناطق سيطرته، لو يعلنوا انضمامهم للجندرما التركية أو الدفاع الوطني أشرفلهم».

أما الصحفي المعارض أحمد بريمو فنشر عبر صفحته في فيس بوك «لما قوّات سوريا الديمقراطية انسحبت لصالح الأسد بالجزيرة، ما تركنا ستر مغطى عليهم، وقبلها جبهة النصرة وغيرها نفس الأمر، البعض قدم مبررات وأسباب بغض النظر عن مدى اقتناعنا بها، وبعضهم كمان قدم مقاتلين ككبش فداء ليوهموا جمهورهم بالصمود والقتال قبل التسليم».

وأضاف بريمو قائلاً: «اليوم ميليشيات (الجيش الوطني) سلّمت الأسد صوامع استراتيجية ومهمة بتل تمر، بصمت وهدوء وعلى الهسي، دون تقديم أي مبررات أو حجج».

وتجاهل «الجيش الوطني» لانتقادات السوريين لم يشوبها سوى تصريحات لبعض الناطقين باسمه، الذين تحدثوا عن أن الاتفاق الروسي التركي الأخير، يقضي بتسليم المناطق الواقعة جنوب الطريق الدولي m4 للجانب الروسي، «فيما ستشرف القوّات التركيّة على المناطق الواقعة شمال الطريق قرب الشريط الحدودي السوري، على أن تكون الدوريات الروسيّة التركيّة المشتركة مسيّرة على الطريق الدولي الحسكة – حلب».

«الجيش اللا وطني»
وحادثة انسحاب الفصائل لصالح الجيش السوري أعادت إلى أذهان السوريين، عمليّة تسليم أسرى الجيش السوري لقيادتهم بوساطة تركيّة، التي عرضت «الجيش الوطني» لموجات انتقادات وهجوم واسعة.

وأقدم «الجيش الوطني» مؤخراً على إعادة ١٨ أسيراً من الجيش السوري إلى قيادتهم، بصفقة روسية تركية، كان الفصيل السوري أداة تنفيذها، ولو على حساب شعاراته التي يقدم نفسه من خلالها للسوريين.

ولقي الفعل موجة غضب كبيرة، حيث قال (اتحاد الإعلاميين السوريين) إن ما حدث «مخالفة لمبادئ ثورة الحرية والكرامة التي خرج بها السوريين والسوريات».

واتهم الاتحاد «الجيش الوطني» المدعوم من أنقرة بـ «خيانة دماء مئات الآلاف من الشهداء والمعتقلين»، وقال إنه يجب «إسقاط صفة الوطنية» عن هذا الجيش.

جرائم وتبريرات على نهج الأسد
واختتم «الجيش الوطني» والقوات التركية يوم أمس بتنفيذ هجوم على تل رفعت، في قصف وقع قرب مدرسة، ما أدى إلى مقتل 10 أشخاص، بينهم 8 أطفال، في جريمة جديدة تضاف إلى سجل القوات.

وأغضبت الضربات على تل رفعت جمهور المعارضة، حيث كتب عبيدة الشامي معلقاً «مبارح سلموا الصوامع واليوم قصف عالأهالي، ومافي نخوة عالناس والأطفال اللي عم تتهجر وتموت بادلب… خلص يسموا حالهم دفاع وطني وخلصت القصة»، وفق تعبيره.

القيادي في الحملة التركية مصطفى سيجري ردّ على الاتهامات بشأن تل رفعت على طريقة بشار الأسد، بالقول «نحمل الجهات الداعمة للمجموعات الإرهابية في -تل رفعت المحتلة- كامل المسؤولية عن جريمة قتل وتصفية الأطفال والمدنيين بهدف خداع الرأي العام واتهام الجيش الوطني»، وهو ما زاد الغضب الشعبي ضد الفصيل المقاتل.

تحرير: سامي صلاح

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.