في الوقت الذي يعاني فيه أغلبية السوريين في الداخل أزمات خدمية ومعيشية متتالية، وضعفاً في القوة الشرائية تجعلهم بالكاد يستطيعون تأمين احتياجاتهم اليومية، تظهر مجموعة من المطاعم والمنشآت السياحية الفخمة داخل العاصمة دمشق.
ويبلغ ثمن وجبة لشخص واحد في تلك المنشآت، ما يعادل راتب موظف حكومي لمدة شهر كامل.
واستهجن سوريون كثر افتتاح هذه #المطاعم والفنادق الفاخرة، على اعتبار أن معظم الشعب لا يستطيع حتى التفكير في دخولها وشرب فنجان من القهوة، وقال سوريون إن “هذه الأماكن لا يدخلها ابن البلد، وإنما من نهب البلد”.
“أم شريف” ليست الأغلى في دمشق!
شكَّل خبر افتتاح مطعم “أم شريف” في فندق “الفورسيزنز” بدمشق قبل نحو شهرين، بحضور وزير السياحة السوري (محمد مرتيني) برفقة عدد من رجال الأعمال والفنانين، ضجة على مواقع التواصل الاجتماعي.
باعتبار أن #دمشق لا تحتاج إلى مطاعم فاخرة “سياحية” لا يستطيع المواطن العادي دخولها، وإنما التوجه نحو تأمين الخدمات الأساسية للمواطن.
وهو ما كان قد تحدث به (#بشار_الأسد) في مقابلة له في نفس توقيت افتتاح المطعم مع قناة (الإخبارية السورية)، حينما قال “إن #السياحة متوقفة في سوريا، ولا نحقق عائدات من ورائها، وبالتالي تركيزنا على توفير البنية التحتية والخدمات للمواطنين بالدرجة الأولى”.
لكن لوزير السياحة رأي آخر حينما قال في حفل افتتاح المطعم إن “إطلاق هذه المنشأة والعديد من المنشآت مختلفة السوية تشكل رسالة لعودة الألق السياحي وبداية التعافي، إضافة لكونها رسالة تشجيعية لكافة #المستثمرين، لا سيما المغتربين السوريين للعودة والاستثمار في #سوريا وتوظيف إمكاناتهم وطاقاتهم في بلدهم”.
ولم تمض سوى أيام قليلة على افتتاح مطعم “أم شريف”، إلا وافتتح وزير السياحة فندق (جوليا دومنا) الذي يقع في شارع 29 أيار قرب ساحة السبع بحرات بدمشق، ويضم مطعم (أراندا) ومقهى (موسكو) من سلسلة مقاهٍ عالمية.
ويقع الفندق أيضاً قرب مبنى #المصرف المركزي، الذي يعيش حالياً أصعب أيامه في مواجهة أزمة انهيار #الليرة السورية، أمام #الدولار الأميركي، إذ تجاوز سعر صرف الدولار عتبة الـ 1200 ليرة.
وخلال الشهر الحالي، كشف مدير عام مؤسسة الخط الحديدي الحجازي (حسنين علي) في تصريحات صحفية أن المؤسسة تتحضر بإشراف وزارة النقل والتنسيق مع وزارة السياحة لفض العروض المقدمة لاستثمار فندق 5 نجوم في منطقة القنوات بالقرب من محطة الحجاز على مساحة 5 آلاف متر مربع على ارتفاع 11 طابقاً، إضافة إلى مطعم بانورامي.
وأكد أن “سوريا المقبلة على مرحلة #إعادة_الإعمار بحاجة إلى مثل هذه المشاريع التي ستحقق إيرادات جيدة للمؤسسة”، بحسب وصفه.
“فتح الطاولة” براتب موظف!
لم يتأثر ما بقي من المطاعم الكبرى في دمشق بتداعيات الحرب، بل طوّرت من مستواها وخدماتها ما ساعدها في الحفاظ على زبائنها، واستقطاب مرتادين من الأغنياء الجدد، وهو ما تحدث عنه أحد العاملين في مطعم “خمس نجوم” في حي باب توما في العاصمة دمشق.
وأضاف (محمد القزاز) ويعمل في مطعم 5 نجوم، لموقع (الحل نت) أنه “رغم ضعف الوضع #الاقتصادي لغالبية السوريين، إلا أن هذا لم يؤثر على المطاعم الضخمة في دمشق القديمة، حيث يأتي أشخاص وفنانون وتجار كزبائن دائمين ويشكلون مصدر دخل دائم للمطعم”.
ولفت إلى أنه “هناك فواتير لطاولات تصل 300 ألف ليرة، والبعض منهم يقوم باستئجار المطعم كاملاً لإقامة حفلة أو مناسبة معينة وتصل الفاتورة لأكثر من مليون ونصف ليرة في ليلة واحدة، وهذا يعني أن مطعم أم شريف الذي افتتح مؤخراً ليس الأغلى على الإطلاق”.
وفي سؤاله عن الحد الأدنى لفاتورة طعام شخصين في تلك المطاعم، أجاب “هذا الأمر يختلف بحسب سعر الدولار، قبل شهرين مثلاً كانت أقل فاتورة 25 ألف ليرة، وحالياً تضاعف الرقم”.
من جهته، قال (أبو زكي) وهو أحد سكان منطقة (البزورية) في دمشق القديمة والتي تعتبر مركزاً لمطاعم الخمس نجوم لموقع (الحل نت) إن “غالبية أصحاب المطاعم إما ممثلين مشهورين لهم علاقات مع النظام كعلي كريم وأيمن رضا ويزن السيد وزوجته، أو لرجال أعمال متنفذين كطلال قلعجي ومحمد حمشو ورامي مخلوف”.
وأضاف أن “أولئك اشتروا المنازل بأثمان بخسة ومن ثم حولوها لمطاعم فاخرة لا يدخلها سوى المتنفذين في السلطة”.
وأكد أنه “في كل نهاية أسبوع يتم إغلاق سوق البزورية وينتشر الأمن ويأتي مسؤولي النظام للسهر، ومن بينهم #ماهر_الأسد، الذي يعتبر من أحد الرواد الدائمين لمطعم البرجيس الذي كان يملكه محمود العنزروتي صاحب شركة كتاكيت، بعد أن استولى النظام على أمواله وممتلكاته”.
ولفت إلى “أنهم بدأوا يستثمرون في خان أسعد باشا الأثري ويقيموا فيه الحفلات الخاصة”.
بدوره، كشف (صبحي) الذي كان يعمل محاسباً في مطعم “بابليون” في دمشق القديمة أن “معظم المطاعم والبارات لا تلتزم بالتسعيرة التي تضعها وزارة السياحة، حتى التموين وهيئة حماية المستهلك يخشون التدقيق في فواتير تلك المطاعم كون أصحابها من المتنفذين في السلطة”.
وختم حديثه لموقع (الحل نت) بقوله “غالباً ما نظهر #فواتير وهمية لحجم المبيعات بحيث لا تتعدى مبلغ 10 آلاف ليرة في اليوم الواحد، وهو رقم غير منطقي، لا يغطي تكلفة المطعم اليومية من أجور وكهرباء وباقي المواد، لكن في الحقيقة في أيام نهاية الأسبوع على سبيل المثال تصل مبيعات المطعم الذي كنت أعمل فيه أكثر من مليوني ليرة”.
هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.