خرجت تفاصيل الحرب الدائرة بين معامل #الأدوية ووزارة الصحة إلى العلن منتصف الشهر الماضي، حينما هدد أحد أصحاب المعامل بالتوقف عن إنتاج الكثير من الأصناف الدوائية منها #السيتامول وأدوية ضغط الدم، إن لم ترضخ وزارة #الصحة لمطالبهم، ورفع الأسعار إلى حدود تساوي #التضخم الحاصل.

هذه #الحرب مستمرة حتى اليوم وتتفاقم، والمتضررون منها الصيادلة والمرضى، فعلى الرغم من إصدار وزارة الصحة قوائم أسعار جديدة مؤخراً رفعت بموجبها أسعار بعض الأدوية حتى 500%، إلا أن المعامل لازالت غير راضية عن ذلك.

إذ أكد مدير التسويق في أحد معامل الأدوية لموقع (الحل نت) مفضلاً عدم ذكر اسمه لأسباب أمنية، أن «الأسعار لم تطل 1% من الأدوية بالسوق، والمعامل تريد أن يتم تسعير الأدوية كلها دون استثناء وفقاً لسعر صرف #الدولار بالسوق السوداء».

وأضاف أنه «بينما تم التسعير وفقاً لسعر دولار 438 ليرة، وهذه الأخيرة هي تسعيرة متأخرة جداً طالبت بها المعامل منذ سنوات لبعض الأصناف حينما وصول سعر الصرف في المركزي إلى 435 #ليرة».

ارتفاع أسعار الأدوية حتمي وكلام الحكومة للاستهلاك الإعلامي

وتابع المسؤول في أحد معامل الأدوية «رغم الإعلان مسبقاً عن تمويل المعامل لاستيراد المواد الفعالة بسعر دولار تفضيلي 700 ليرة سورية، إلا أن ذلك لم يتم، ولم يحصل أي من المستوردين على هذا التمويل لعدم وجود قطع أجنبي بيد الحكومة، وعدا ذلك هو كلام للاستهلاك الإعلامي فقط، فالحكومة لم تمول المعامل الخاصة نهائياً».

وأضاف «حتى لو تم التمويل على أساس 700 #ليرة، فإن عمليات الاستيراد والشحن زادت وبالتالي يجب أن يتم التسعير ليس على أساس التمويل، بل على أساس كلف #الاستيراد والشحن وأجور تحويل الأموال، التي تضاعفت مع جائحة #كورونا، إضافة إلى ارتفاع أسعار المواد الفعالة، وازدياد تكاليف الإنتاج في سوريا كالطباعة والتغليف، بينما التسعير يتم على أساس 438 ليرة».

واعتبر رئيس المجلس العلمي للصناعات الدوائية الوطنية “زهير فضلون” في حديث مع صحيفة (الوطن)، أنه يتم استيراد نحو 70% من المواد الأولية لإنتاج الأدوية بسعر الدولار في السوق الموازية، بينما لا يموّل ولن يمول المركزي شراء أي مادة أولية مستوردة، ودوره فقط تحديد سعر صرف الدولار للمستوردات، وعلى أساسه تُسعّر وزارة الصحة الأدوية.

وأضاف أن المجلس غير موافق على طريقة التسعير الحالية، وما يحدث حالياً تسعير مزاجي وسيؤدي إلى توقف الإنتاج وحدوث أزمة دوائية كبيرة، موضحاً أن 90% من احتياجات إنتاج الأدوية مستورد، وبالتالي يجب أن يكون سعر الدولار ثابتاً.

أسعار أدوية  ترتفع حتى 500%

وبحسب صيادلة، ارتفع سعر السيتامول بسعر الجملة من 50 ليرة إلى 100 ليرة، ليباع بين 150 – 175 ليرة، والبندول من 200 إلى 425 ليرة، ليباع بنحو 500 ليرة، في حين تضاعفت أسعار أدوية الضغط، وأدوية الصرع، إذ ارتفعت إحدى أسمائه التجارية من 500 ليرة للعبوة إلى 2700 ليرة.

ولفت فضلون إلى أن نسبة الأدوية التي تمت تسوية أسعارها قبل أيام تبلغ 1.5% فقط من مجمل الأدوية في سوريا، حيث تمت التسوية فقط لمن أبرز فواتير تتضمن شراء مواد أولية جديدة، مبيّناً وجود أدوية إلى الآن مسعّرة على دولار 62 ليرة و160 ليرة.

تحذيرات من انتهاء صلاحية الأدوية بسبب ارتفاعها

الحرب انعكست على الصيادلة، حيث انقطعت كثير من أصناف الأدوية، في محاولة من المعامل للضغط على الحكومة ورفع أسعارها، وأهم هذه الأدوية مضادات الإلتهاب، بينما راحت بعض المستودعات إلى احتكار ما لديها من أصناف عليها طلب كثير، بانتظار رفع الأسعار وتحقيق أرباح قياسية، وفقاً للصيدلاني “موفق تركي” اسم مستعار، في #دمشق لموقع (الحل نت).

وتابع موفق «الطلبات قلت على شراء الأدوية بشكل عام نتيجة ارتفاع الأسعار عموماً، بينما توجد لدينا بضاعة ارتفع ثمنها ولا يوجد من يشتريها لأنها خارج قدرة المواطنين الشرائية وهذا يهدد صلاحيتها بالانتهاء وبخسارة كبيرة للصيادلة ويهدد صحة المواطنين بالدرجة الأولى».

وأشار إلى أن «رفع الأسعار أثر كثيراً على صحة #المرضى وعلى الصيادلة وساهم بخفض حجم المبيعات اليومية، بينما ساهم شح الأدوية بنقص كبير لتغطية طلب بعض الأصناف الهامة”.

القطاع يحتضر وحملة لإنقاذ الصناعة الدوائية على فيسبوك

تحت وسم #أنقذوا_الصناعة_الدوائية_السورية، نشرت صفحة (الأدوية السورية) على فيسبوك، منشوراً قالت فيه «صيدلياتنا تحتضر، والقطاع الدوائي الاقتصادي ممثلاً بالمعامل والمستودعات والصيدليات إلى زوال، اعذرني صديقي المريض إن لم أستطع أن أؤمن لك دواءك وأحمي أوجاعك وقلبك وجسدك من الأمراض فالدواء نفذ من عندي، آلامك في ظل انقطاع الدواء هي سبب آلامي، فهلّا تأكدت أننا شركاء في هذه الخسائر؟».

النائب في مجلس الشعب السوري “وضاح مراد”، حذر من أن «الوضع الحالي في سوريا قد يدفع جميع مصانع الأدوية للإغلاق خلال الفترة القريبة القادمة بسبب النقص الكبير في المواد الأولية، واحتمال نفاد الكمية المتبقية من تلك المواد لدى المعامل في سوريا».

وتابع «أسبوع آخر وستُغلق جميع معامل الأدوية، بعد أن تنتهي المواد الأولية الباقية فيها! فكيف تطلب يا وزير الصحة، أنت والحكومة، من مصانع الأدوية تسعير الأدوية على سعر صرف الدولار بأربعمئة ليرة، وتقول لهم دبّروا أموركم بشراء الدولار من السوق، وسعره فوق الألف وسبعمائة؟”.

هذا ما أكده سابقاً مدير معمل “ابن حيان” للصناعات الدوائية “رشيد الفيصل” لموقع (الاقتصادي)، قائلاً إن «نقص دواء سيتامول وغيره من الأصناف الهامة الأخرى في الأسواق، يعود إلى سعرها المنخفض المحدد من قبل وزارة الصحة بالنسبة لكلفتها المرتفعة ما يجعلها خاسرة بالنسبة للمعامل»، محذراً من «فقدان أصناف أدوية كثيرة لاحقاً ما لم تعيد وزارة الصحة النظر في الأسعار».

وبين الفيصل أن «أسعار المواد الأولية المستوردة وأجور الشحن من الهند والصين ارتفعت بعد انتشار جائحة #كورونا، بينما يقوم الموردون المحليون لهذه المواد بتحديد أسعار كافة مستلزمات الإنتاج من كرتون وأحبار ونايلون وقطع تبديل للآلات وغيرها وفقاً لأسعار صرف الدولار في السوق الموازي».

معامل أدوية: وزارة الصحة تحاول تمثيل دور روبن هود!

كل ذلك دفع وزارة الصحة للرد وتبرير موقفها، حيث نشرت عبر صفحتها على فيسبوك يوم الثلاثاء الماضي، تبرير وصفه عدد من أصحاب معامل الأدوية في حديث لموقع (الحل نت) بأنه «ضعيف ومتسرع وغير شفاف محاولة إظهار نفسها روبن هود القطاع الصحي عبر الكذب بأن الحكومة تمول جميع المعامل وكل اجازات استيراد الأدوية، وهي تعلم كل العلم أنها تردد كلام ببغائي للحكومة المفلسة من القطع الأجنبي، بهدف تنويم المواطنين وإظهار المعامل بأنها وحش مفترس».

وذكرت الوزارة في بيانها «لا يخفى على أحد حجم الصعوبات والتحديات والتدمير، الذي أفرزه العدوان على سوريا وكذلك الإجراءات القسرية أحادية الجانب غير القانونية على القطاع الصحي بجوانبه المختلفة مشاف ومراكز صحية وصناعات دوائية».

وتابعت «للحد من هذه الصعوبات والتخفيف عن المنتجين اتخذت الحكومة مجموعة من الإجراءات لدعم القطاع الدوائي وتأمين الأصناف المفقودة لتحقيق الأمن الصحي والدوائي ومن بين الإجراءات تمويل مستوردات ومستلزمات الصناعات الدوائية ووفق سعر صرف نشرة المصارف الصادرة عن مصرف سوريا المركزي التي تحدد سعر الدولار 700 اعتبارا من أواخر آذار الماضي ووفق الفواتير ذات الصلة المقدمة من معامل الأدوية المحلية».

وأضافت «الحكومة اتخذت حزمة من الإجراءات لدعم الصناعة الدوائية منها إلغاء مؤونة الاستيراد البالغة 40% من قيمة المستوردات واحتساب الرسوم الجمركية لمواد ومستلزمات الصناعة الدوائية على أساس سعر الصرف الرسمي  438 ليرة للدولار وتخفيض عمولات تحويل قيمة المستوردات بالقطع الأجنبي بنسبة 5 % ما يعطي الصناعيين مزايا سعرية تنافسية ناتجة عن انخفاض التكاليف مع استمرار وزارة الصحة بالسماح للمعامل بتصدير أدويتها بعد تحقيق الاكتفاء في السوق المحلية».

منع تصدير عدد من أصناف الأدوية

منعت وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية الشهر الماضي، تصدير بعض الزمر الدوائية، منها مواد “إيزوترومايسين” و”كلوروكين”، بالإضافة إلى “سيتامول” و”باراسيتامول” وجميع خافضات الحرارة المماثلة لها.

كما قرر “مصرف سوريا المركزي” نهاية آذار الماضي، تمويل عدد من المواد الأساسية لصالح “المؤسسة السورية للتجارة”، و”المؤسسة العامة للتجارة الخارجية” فقط وفق نشرة أسعار الصرف الصادرة عنه، (أي بدولار قدره 435 ل.س)، فيما تمول المواد الأساسية بحال كان لغير الجهتين المذكورتين بسعر الصرف التفضيلي.

وأوضح المركزي في تعميم له، أن المواد الأساسية، التي سيمول استيرادها بالدولار الرسمي، أبرزها الرز والسكر والشاي ومعلبات التونة والسردين وحليب الأطفال الرضع والأدوية البشرية وموادها الأولية، والبذور الزراعية والمتة، والزيوت والسمون النباتية الخام.

وبناء على التعميم، فإنه يطبق سعر الصرف التفضيلي البالغ 700 ليرة سورية على المواد الأساسية ومستلزمات الإنتاج لباقي عقود استيراد الرز والسكر الأبيض المكرر والخام والشاي ومعلبات التونة والسردين وحليب الأطفال الرضع ومحضرات تغذية للأطفال والأدوية البشرية وموادها الأولية والبذور الزراعية والمتة.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.