مع ازدياد اضطهاد المسيحيين حول العالم: ماذا يقول مسيحيو الشرق الأوسط عن أوضاعهم الاجتماعية والسياسية؟

مع ازدياد اضطهاد المسيحيين حول العالم: ماذا يقول مسيحيو الشرق الأوسط عن أوضاعهم الاجتماعية والسياسية؟

تشير تقارير صادرة عن منظمات مسيحية، معنية بحقوق الإنسان، الى تعرّض نحو مئتين وخمسين مليون شخص، من معتنقي الديانة المسيحية، للاضطهاد في عام 2019، وسجُلت أكثر الانتهاكات في الفترة بين تشرين الثاني/ نوفمبر 2018، لغاية تشرين الأول/ أكتوبر 2019.

فيما ارتفع عدد المسيحيين، المعرضين للاضطهاد حول العالم، إلى ثلاثمئة وأربعين مليوناً في العام 2020، بحسب منظمة “أوبن دورز”، في العاصمة الفرنسية #باريس.

وجاءت سوريا بالمرتبة الثانية عشرة، بين الدول الأكثر اضطهاداً لمعتنقي الديانة المسيحية، وسبقها العراق، في المرتبة الحادية عشرة، واليمن في المرتبة السابعة، إضافة الى #تركيا، التي حلّت في المركز الخامس والعشرين، وإيران في المرتبة الثامنة، في حين احتلت كوريا الشمالية المركز الأول، بوصفها أكثر دول العالم اضطهاداً للعقيدة المسيحية وأبنائها.

موقع «الحل نت» التقى بناشطين مسيحيين من عدة دول، ورد ذكرها في التقارير، للاطلاع على وجهات نظرهم حول الاضطهاد، الذي يتعرّض له معتنقو الديانة المسيحية في بلدانهم.

 

مسيحيو سوريا: «هجّرتنا السلطة والمعارضة»

الناشط الآشوري السوري “غاندي سعدو” يسرد، لموقع «الحل نت»، ما يرى أنه تاريخ اضطهاد المسيحيين في سوريا: «الانتهاكات بحق مسيحيي سوريا بدأت منذ زمن الوحدة مع #مصر، وقرار الرئيس جمال عبد الناصر حلّ الفوج الكشفي السرياني الرابع، وإلغاء عديد من الأندية الثقافية السريانية. وتم تعريب أسماء المناطق السريانية والآشورية آنذاك، واستمرت تلك السياسة مع استلام #حزب_البعث للسلطة في سوريا».

وينتقد “سعدو” الدستور السوري، الذي يقول إنه «بُني على أساس اضطهاد الأديان غير الإسلامية، من خلال اشتراط أن يكون رئيس الجمهورية عربياً مسلماً، ومنع المسيحيين من التقدم إلى مناصب مهمة في الدولة، فأفضل منصب حصلوا عليه كان وزارة السياحة في إحدى حكومات البعث، ووصل السريان الآشوريون مرة واحدة إلى #البرلمان_السوري، لم تتكرر بعدها، وذلك كان بسبب إشراف #الأمم_المتحدة على الانتخابات آنذاك».

ويوضح “سعدو” أن المسيحيين «كانوا مشاركين في الاحتجاجات السورية، ومتواجدين في صفوف المعارضة، ما جعلهم عرضة للاعتقالات التعسفية، والسجن لسنوات، والتعذيب، وبعضهم ما يزال مسجوناً إلى اليوم، وتم فصل كثير من المعارضين المسيحيين من وظائفهم. كما خسر عدد من المسيحيين أراضيهم، نتيجة استيلاء الدولة عليها، وإعطائها لعناصر منتمين لحزب البعث».

إلا أن أوضاع المسيحيين لم تكن أفضل في مناطق سيطرة المعارضة، فقد تعرّضوا، بحسب “سعدو”، إلى «كثير من الانتهاكات، وتم الاعتداء على دور العبادة المسيحية»، ويستذكر الناشط الآشوري زمن سيطرة تنظيم #داعش على مناطق واسعة في سوريا والعراق، مؤكداً أن «مسيحيي منطقة “الخابور” تعرّضوا للخطف والسبي من قبل التنظيم، وهذا الأمر تسبّب بإفراغ أكثر من 90% من القرى المسيحية، المتواجدة في مناطق الصراع»، مُقدّراً نسبة المُهجّرين من المسيحيين بـ«أكثر من 60% من مسيحيي البلاد».

 

 مسيحيو العراق: «ممارسات داعش مستمرة»

يقول الصحفي العراقي “جميل الجميل”، في حديثه لـ«الحل نت»، إن «أهم الانتهاكات، التي تُمارس بحق مسيحيي العراق اليوم،  هي محاولة بعض الجهات تحقيق تغيير ديمغرافي في بعض المحافظات العراقية. فهناك مجموعات مسلّحة تستولي على منازل المسيحيين في محافظتي #نينوى وبغداد». ويرى “الجميل” أن هذا يُعتبر «استمراراً لممارسات داعش، الذي اضطهد المسيحيين بشدة، عندما استولى على #الموصل، وكثير من المناطق العراقية».

ويؤكد الصحفي العراقي أن «عدد المسيحيين انخفض في العراق إلى أقل من ثلاثمئة ألف نسمة، والهجرة باتت الحل الوحيد لمعظم مسيحيي البلاد، بسبب التهديدات المستمرة من المتطرفين في العراق، رغم هزيمة تنظيم داعش».

وإضافة إلى التطرف الإسلامي، الشيعي والسني، يُرجع “الجميل” هجرة المسيحيين إلى أسباب عديدة، منها «غياب الثقة بالدولة العراقية، من ناحية الأمن والاقتصاد والقانون، واستمرار الصراع بين حكومتي #أربيل وبغداد، حول المناطق المتنازع عليها، وضمنها سهل نينوى، حيث تنتشر البلدات المسيحية. إلى جانب تدخّل قوى خارجية في شؤون المسيحيين العراقيين».

 

مسيحيو تركيا: «جراحنا لم تندمل بعد»

الشاعر والناشط السياسي المسيحي التركي “يوسف بكتاش” قال لموقع «الحل نت» إن «جروح الإبادات العثمانية للمسيحيين لم تندمل بعد، ومازال مسيحيو تركيا لا يتمتعون بحقوقهم الكاملة. كما أن السلطات التركية تمارس بحقهم انتهاكات عديدة». ويؤكد أن «الدولة التركية تمنع المسيحيين من دراسة وتعلّم لغتهم الأم الآرامية، والتي أصبحت على حافة الاندثار، بسبب السياسة المتبعة من قبل الحكومة، التي صادرت عدداً من الكنائس القديمة، وحولتها إلى جوامع».

ويختتم “بكتاش” حديثه بالقول: «انخفض عدد المسيحيين إلى أقل من مئتي ألف شخص في تركيا اليوم، بسبب الهجرة المستمرة، جراء الضغوط الممارسة عليهم، وسياسة تتريك المسيحيين، التي تتبعها السلطات التركية، فضلاً عن عمليات الاغتيال، التي تجري بحق ناشطي هذه الأقلية».

 

مسيحيو إيران: «نُمنع من الصلاة بلغتنا خوفاً من انتشار ديننا»

“ميلامو درويش”، مدوّن مسيحي إيراني، أكد لـ«الحل نت» أن «النظام الايراني يمارس اضطهاداً كبيراً بحق المسيحيين، من خلال منعهم من التعبير عن معتقداتهم، وممارسة الشعائر الدينية باللغة الفارسية، نتيجة خوفه من انتشار الديانة المسيحية في البلاد».

ويتابع “درويش” بالقول إن «القانون الإيراني يجرّم التحوّل من الإسلام إلى المسيحية، وهذا ما يولّد خوفاً داخل المجتمع المسيحي في #إيران. وكذلك تُمنع الكنائس المنزلية، ويتم اعتقال المُصلين بانتظام، ويُمنع التبشير أيضاً. كما يتم فرض الحجاب على السيدات المسيحيات».

 

مسيحيو السودان: «استبشرنا بالثورة، ولكن…»

أما عن #السودان فيشرح “شمسون يوحنا”، الصحفي السوداني المتخصص في شؤون المسيحيين، لموقع «الحل نت»، أوضاع المسيحيين في البلاد: «قبل #الثورة_السودانية كانت أوضاع المسيحيين مزرية وصعبة جداً، وكان الاضطهاد كبيراً بحقهم، مثل اعتقال القساوسة، والناشطين المدافعين عن حقوق المسيحيين. وكذلك لم تسمح الدولة للمسيحيين بإنشاء أماكن للعبادة، وصادرت عديداً من ممتلكاتهم، ولم يتم استرجاعها حتى الآن».

وينوّه “يوحنا” إلى أن «كل مسلم يعتنق الديانة المسيحية كان يعاقب، حسب القانون السوداني، بالقتل أو الرجم. إضافة إلى منع المسيحيين من ممارسة طقوسهم الدينية، في أعياد الميلاد وأيام الآحاد».

ويستدرك “يوحنا” أن المسيحيين السودانيين «استبشروا خيراً بالثورة في بدايتها، ولكن إلى الآن لم يحدث تقدم كبير في أوضاعهم، ولم يحصلوا سوى على عطلة رسمية، في أيام الأعياد الدينية الخاصة بهم، وكذلك تم تغيير القانون الجنائي، ليسمح للمواطنين باعتناق أي ديانة كانت، دون محاسبة. فيما لم تُعط رخص لبناء الكنائس حتى الآن، ويعتمد المسيحيون على البيوت المؤجّرة من قبل المؤمنين، لأداء صلواتهم. ولم يثبّتوا حقوقهم في التعليم والعمل والتمثيل البرلماني».

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.