بحجة محاربة “العمال الكردستاني”: هل تخطط تركيا للسيطرة على مدن شمالي العراق بموافقة حكومة أربيل؟

بحجة محاربة “العمال الكردستاني”: هل تخطط تركيا للسيطرة على مدن شمالي العراق بموافقة حكومة أربيل؟

لم يكد حفل تنصيب الرئيس الأمريكي جو بايدن ينتهي في #واشنطن حتى بدأت أزمات الشرق الأوسط تشتعل من جديد، دون أن تسمح للرئيس المنتخب أن يتمتع بجولة هادئة في البيت الأبيض.

#تركيا التي تتوجس من سياسات بايدن، وتتوقع بروداً شديداً فى العلاقات مع الإدارة الأميركية الجديدة، يبدو أنها تريد فرض واقع جديد بالمنطقة، تستبق به خطط الرئيس الأمريكي المنتخب تجاه الشرق الأوسط، فلم يكد وزير الدفاع التركي “خلوصي آكار” يعود لبلاده، بعد زيارة لم يعلن عنها للعراق، التقى خلالها قيادات بحكومتي #بغداد وأربيل، حتى خرج الرئيس التركي رجب طيب #أردوغان ليهدد، بشكل مباشر، بشن عملية عسكرية مفاجئة، على مدينة #سنجار العراقية.

اكتفى أردوغان بعبارة: «قد نأتي على حين غرة ذات ليلة»، في حديثه عن سنجار، ليعلن بشكل رسمي أن بلاده «قد تتدخل بنفسها، من أجل إخراج مقاتلي #حزب_العمال_الكردستاني من قضاء سنجار شمالي العراق»، كما نقلت عنه وكالة الأناضول التركية.

بالتزامن مع تهديدات أردوغان شن الطيران التركي غارة عسكرية على مدينة #دهوك شمالي العراق، أسفرت عن سقوط مدنيين، فضلاً عن استهداف مناطق مدنية بمدن #كوباني وتل رفعت شمالي سوريا، ما أسفر عن سقوط قتلى وجرحى، وهو ما عزز المخاوف من عملية عسكرية مرتقبة، تشنها تركيا على المناطق الكردية بشمال سوريا وإقليم كردستان العراق.

حدوث عمليات القصف التركي، بعد ساعات قليلة من زيارة “آكار” لبغداد وأربيل، اعتبره مراقبون إشارة واضحة على موافقة حكومتي #أربيل وبغداد على عملية عسكرية تركية، بل اعتبر البعض أن زيارة وزير الدفاع التركي كانت لبحث الخطوات التنفيذية، وتوزيع الأدوار، في العملية المرتقبة على سنجار، مدينة الإيزيديين المقدسة.

 

سيناريو عفرين

“حسن رشيد”، أحد القيادات الإيزيدية في #الحزب_الديمقراطي_الكردستاني، لديه رأي مماثل، وكشف لموقع «الحل نت» أن «زيارة وزير الدفاع التركي لبغداد وأربيل كانت لاطلاع الحكومتين على المخطط التركي، لدخول سنجار خاصةً»، مشيراً إلى أن  «تركيا لن تستطيع الدخول إلى العراق بدون موافقة بغداد وأربيل، لأن العراق ليست سوريا، والوضع فيها يختلف تماماً».

واعتبر القيادي الإيزيدي أن «تركيا تسعي لاكتساب موطئ قدم في العراق، وخاصة سنجار، التى تمثّل بوابة العراق مع سوريا، ما يمكّنها من السيطرة على خيرات المنطقة»، محذراً من أن حدوث ذلك يعني أن «سنجار قد تتعرّض لمصير مدينة #عفرين، شمالي سوريا، وهو ما يشكّل خطورة كبيرة على الأقلية الإيزيدية».

 

فرض واقع جديد

مخاوف “رشيد” يؤكدها المحلل السياسي السوري “د.فريد سعدون”، الذي يرى أن «تركيا تحاول استغلال فرصة الانتخابات الأميركية لتفرض واقعاً جديداً، قبل تشكيل الإدارة الأميركية الجديدة، ليكون ورقة ضغط على طاولة المفاوضات مع واشنطن».

إلا أن الخبير السوري يبدو أكثر تفاؤلاً، فيؤكد أن «الرهان التركي خاسر، لأن أميركا، بإدارتها الجديدة، لن تسمح بالتمدد التركي، المهدد للاستقرار، الذي تحاول أميركا الحفاظ عليه، كي تتفرّغ للمشاكل الكبرى، التي تواجهها في المنطقة».

واعتبر “سعدون” أن «الحديث عن احتلال سنجار يأتي في سياق محاولات تركيا فصل مناطق #الإدارة_الذاتية في سوريا عن كردستان العراق، وبالتالي ضرب خطوط الإمداد، وتمزيق المنطقة، وتحويلها لمناطق مجزّأة، يسهل عليها حصارها والهجوم عليها».

وكشف “سعدون” لـ«الحل نت» أن «الخطة التركية تشمل اجتياح الخط الحدودي، من منطقة #ديريك السورية، وصولاً إلى سنجار، على امتداد الحدود الفاصلة بين مناطق الإدارة الذاتية وإقليم كردستان، لمسافة أكثر من مئة كيلومتر».

«الخطة التركية لن يُكتب لها النجاح، سواء بسبب المقاومة، التي سيجابه بها الشعب الكردي الهجوم التركي، أو بسبب بعد المنطقة عن الحدود التركية، الذي سيهدد دائما خطوط إمداد الجيش التركي، ناهيك عن أن الهجوم التركي سيستدعي استنكاراً دولياً، من عدة دول، لا ترغب بإثارة الفوضى في المنطقة، لأسباب كثيرة، منها الخوف من عودة تنظيم #داعش والإرهاب إلى المنطقة»، يقول “سعدون”.

 

كركوك هي الهدف

الدكتور “جواد البيضاني”، مدير “المعهد العراقي للدراسات الكردية”، يقول لموقع «الحل نت» إن «زيارة الوفد العسكري التركي لبغداد وأربيل، وتهديدات أردوغان بضرب سنجار، تحمل أهدافاً أكبر من ملاحقة حزب العمال الكردستاني».

بالنسبة لـ”البيضاني” فإن «الهدف الحقيقي لتركيا لا يتوقف عند سنجار، رغم أهميتها الاستراتيجية، وكونها عقدة مواصلات مهمة، بل هو مدينة #تلعفر، التي تُعتبر بوابة العراق الحقيقية إلى سوريا، والسيطرة عليها تعني النفاذ إلى مدن #الموصل وكركوك، الغنية بالنفط».

وأشار إلى أنه «بعد وقوف أوروبا في وجه طموحات وأطماع أردوغان شرقي المتوسط، فضلاً عن فشله مشروعه في السيطرة على النفط الليبي، بعد التدخل المصري في #ليبيا، والضغط الفرنسي والأممي، أصبح هدف أردوغان الرئيسي السيطرة على منطقة #كركوك، الغنية بالنفط في العراق، عن طريق تثبيت قواعد تركية في سنجار، وفتح الطريق إلى شمال سوريا، وبالتالي تصبح قواته مهيئة للالتفاف باتجاه تلعفر، ذات الأغلبية التركمانية، ومن ثم التوجه إلى الموصل، التي يحظى فيها بقاعدة شعبية كبيرة، في ظل سيطرة حركة الإخوان المسلمين، والتيارات التكفيرية، المعروفة بعلاقاتها بتركيا، على المدينة»، حسب تعبيره.

وشدد الباحث والمؤرخ العراقي على أن «تركيا تحاول استغلال الخلاف بين أربيل وبغداد للسيطرة على سنجار وتلعفر، ومن ثم تنفيذ مخططها بالوصول للموصل وكركوك».

وتوقّع “البيضاني” بدوره «فشل المخطط التركي، في ظل وجود معوقات قوية، أهمها البنية العشائرية والمذهبية في العراق، وخاصة في الموصل، التي تسعي تركيا للسيطرة عليها، فضلاً عن أن تركمان العراق، المنتشرين بتلعفر وكركوك، والذين تخطط تركيا للاعتماد عليهم، غالبيتهم من الشيعة، وتعرّضوا لمعاناة كبيرة، خلال فترة سيطرة داعش، وحوصرت قراهم لشهور، حتى تدخلت قوات #الحشد_الشعبي، وهو ما يجعلهم يخشون من تكرار التجربة، خاصة مع اعتماد تركيا على ميلشيات جهادية وإرهابية، لتحقيق مصالحها بالمنطقة. فضلاً عن الموقف الدولي، الذي لا يمكن أن يسمح بسقوط مدن العراق بيد تركيا، وخاصة المناطق النفطية، لما قد يمثّله ذلك من خطورة على أسعار النفط العالمية».

 

سنجار ليست عفرين

“سينام محمد”، ممثلة #مجلس_سوريا_الديمقراطية (مسد) بالعاصمة الأميركية واشنطن، أكدت، في تصريحات خاصة لموقع «الحل نت»، أن «سنجار لن تكون عفرين ثانية»، مشيرة إلى أن «الوضع اختلف، وهناك كثير من المتغيرات في المنطقة، ووضع مدينة الإيزيديين يختلف عن وضع عفرين».

وترى “محمد” أن «تهديدات الرئيس التركي تمثّل استمراراً للمخطط التركي، الساعي لاحتلال مزيد من الأراضي السورية والعراقية»، مشيرةً إلى أنه «لا يمكن الفصل بين التهديدات التركية وتهديدات داعش في المنطقة، فهي تمثل خرقاً واضحا لسيادة دولة مجاورة لتركيا، التي تضرب عرض الحائط بكل المواثيق والقوانين الدولية»، حسب تعبيرها.

وقالت القيادية الكردية إنه «كان  الأجدر بالرئيس التركي أن يعلن عن مساعدات لأهالي سنجار، بدلاً من التهديد باحتلال مدينتهم، خاصةً أنهم عانوا من الإرهاب، الذي استهدف ثقافتهم القومية والدينية». معتبرةً أن «التهديد التركي يمثّل استمراراً لسياسة التغيير الديمغرافي، وإبادة الثقافات القديمة للشعوب»، داعيةً المجتمع الدولي إلى «ضرورة الوقوف في وجه النظام التركي، وإجباره على التوقف عن سياسته في خلق الصراعات، وزعزعة الأمن والاستقرار بالمنطقة».

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.