قبل عام 2011، كانت #الدعارة (تجارة الجنس) في #سوريا محددة في أماكن خاصة علماً أنها “مهنة” غير مرخصة، ففي #دمشق كانت فنادق #المرجة تجذب زبائنها علناً عبر “شقيعة” ينادون على الزبائن في الساحة، إضافة إلى منازل في مساكن #برزة، بينما كانت الدعارة متاحة بسهولة في الملاهي الليلية المنتشرة بمنطقة معربا على سبيل المثال.

وأخذت الدعارة قبل 2011 أشكالاً مختلفة إضافة إلى الدعارة التقليدية، فقط ظهرت أنواع مثل زواج المتعة والمسيار والزواج السياحي (فترات العطل والإجازات).

الأفرع الأمنية تشرف على الدعارة تحت عنوان السياحة

ونشر عنها موقع DW الألماني تقريراً في 2010 يتحدث فيه عن تلك الأنواع من الزيجات وانتشارها في سوريا والتي كان أغلب أبطالها رجال خليجيون ونساء سوريات لأسباب مادية بحتة.

وبحسب دراسة لـ”مركز حرمون للدراسات” تحت اسم “الدمار المجتمعي”، فقد «نمت ظاهرة الدعارة في سوريا في السبعينيات، من خلال السماح بانتشار بيوت ممارسة الدعارة بشكل غير معلن، لكن بإشراف #الأفرع_الأمنية وبوساطة المكاتب العقارية بدمشق تحت عنوان السياحة #الاقتصادية».

ووفقاً للمركز، «قدر عدد بيوت الدعارة حينها بأكثر من 40 ألف دار، وحصل التفاف على عدم وجود قانون يرخص هذه الدور بترخيص نقابة الفنانين لكل اللواتي يعملن في الملاهي الليلية على أنهن فنانات».

لا إحصائيات دقيقة.. لكن الانتشار يزداد اتساعاً

لا يوجد إحصائيات عن الدعارة في سوريا كون هذه الممارسات يجرمها القانون، وبالتالي أي إحصائية ستكون غير دقيقة، بخاصة أن هناك من يمارسها بشكل فردي، إضافة إلى انتشار أشكال أخرى من الخدمات الجنسية عبر الانترنت دون لقاء شخصي، وخدمات الـVIP تحت ستار العمل بالمساج أو التمريض أو غيرها من أشكال.

عام 2011 كشفت مديرية الأمراض السارية والمزمنة في وزارة الصحة، أن «حالات الإصابة بمرض الإيدز وصلت إلى 69 وأن المسبب الأول لها هو العلاقات غير الشرعية»، وفي منتصف 2013 بدأ الحديث يزداد زخماً عن الدعارة، حيث أعلنت وزارة الداخلية القبض على 80 شبكة تعمل في الدعارة مقابل 30 عصابة في 2012، في إشارة إلى ازدياد واضح أكثر من 100%.

وفي الحصيلة النهائية لعام 2013، أكدت الداخلية لصحيفة الوطن أن 2013 كان حافلاً بالقبض على شبكات الدعارة ومجمل الذين دخلوا السجن كان 600 حالة أغلبهم من دمشق وريفها بما يقارب 200 حالة، تليهما محافظة حلب في المرتبة الثانية بما يقارب 150 حالة، وحمص في المرتبة الثالثة بـ90 حالة والباقي متوزع على محافظات أخرى.

وفي ذات العام 2013، كتب وزير الاقتصاد الأسبق “نضال الشعار” على صفحته في فيسبوك، تساؤلات تلقي الشكوك حول السياسة #الاقتصادية قبل عام 2011، ومن ضمن التساؤلات: لماذا صرحت وزارة الداخلية بأن هناك أكثر من 55 ألف شقة دعارة؟

بعدها خرج قاضي الجنايات الأول بدمشق “ماجد الأيوبي” ونفى حديث الشعار، مشيراً إلى أن هذه الأرقام تعني أن المجتمع السوري منهار تماماً في حال كانت صحيحة، مبيناً أن الحساب الرقمي لهذا العدد الهائل يعني أن كل حي من الأحياء الصغيرة في المحافظات والمدن والبلدات يحتضن أكثر من 20-25 بيت دعارة، وهذا أمر عار تماماً من الصحة، وفقاً لحديثه.

خلال #الحرب في سوريا، خسرت الكثير من الأسر معيليها الرجال إما في السفر أو القتل أو الخدمة الإلزامية والاحتياطية، وأيضاً التهم #التضخم المتصاعد كل مدخرات الأسر، إضافة إلى وطأة النزوح التي فرضت على آلاف الأسر تكاليف أجرة السكن، ما جعل ممارسة الدعارة ليست خياراً بالنسبة للبعض بل مهنة تدر الأموال.

في جرمانا قرب دمشق 200 بيت دعارة!

ولم تبق الدعارة في الأماكن التي ذاع صيتها قبل الحرب، ولم تعد تمارس أيضاً بذات الطريقة، حيث خرجت الملاهي في معربا عن الخدمة، ولم يبق سياح خليجيون في مساكن برزة، وتحولت فنادق المرجة إلى شقق تأوي النازحين، لذلك انتشرت الدعارة بشكل كبير في جرمانا بريف دمشق بعد انتشار الملاهي الليلة فيها وتحول أغلب مطاعمها إلى ملاهي تحميها الميليشيات المنتشرة هناك ويستفيدون منها ويديرونها.

في 2018، وبحسب موقع (هاشتاغ سوريا)، ضبطت وزارة الداخلية أكبر شبكة دعارة تضم أشخاصاً نافذين وذوي علاقات رفيعة المستوى، ومن بين المتورطين فنانات وفنانين، وأصحاب مطاعم في دمشق، حيث أجريت تحقيقات معهم، بينما جرى تحويل بعضهم إلى القضاء العسكري بسبب وجود أطراف عسكرية بالقضية.

وكشفت وزارة الداخلية في الحكومة السورية، عن إلقاء القبض على حوالي 900 شخص من مرتكبي جرائم الدعارة ومروجي ومتعاطي المواد المخدرة في #جرمانا وحدها خلال النصف الأول من 2017.

وفي 2018 أفاد ناشطون لموقع (الحل نت) أنّ جهات أمنية تابعة للسلطات السورية ضبطت مركزاً سريّاً للدعارة في أحد مراكز المساج في مدينة جرمانا قرب العاصمة دمشق.

وبحسب تقرير لموقع (صاحبة الجلالة) 2019، وصل عدد البيوت التي تعمل في الدعارة في جرمانا وحدها إلى أكثر من 200 بيت، ويعتبر ذلك مؤشراً على ازدياد واضح.

في عام 2020 أكد رئيس فرع حماية الآداب في الأمن الجنائي “وسيم علي معروف” لـ (صحيفة تشرين) أن أكثر الأماكن التي يتم فيها تصيد الفتيات هي صالونات التجميل والملاهي الليلية، مضيفاً أن هناك أيضاً بعض المطاعم والمقاهي وشوارع ومناطق محددة مثل شارع الحمرا، عرنوس، المزة، جرمانا، أبو رمانة، الشعلان.

وبحسب “مركز حرمون” فقد انتشرت ظاهرة الدعارة خلال الحرب السورية بنسب عالية في معظم المدن وكانت بداية انتشار الدعارة العلنية في دمشق خلال الحرب، من خلال بعض الميليشيات، التي أجبرت الهاربات من مناطق النزاع على ممارسة الدعارة أو استخدامهن جنسياً مقابل معرفة أماكن أزواجهن وأبنائهن المختفين.

أشكال وأماكن جديدة

بدأت بعض الفتيات وبعض القوادين استخدام أساليب حديثة لتقديم الخدمات الجنسية عبر الانترنت من خلال شحن رصيد أرقام هواتف معينة مقابل تقديم عرض فيديو جنسي عبر الكاميرا بواسطة وسائل التواصل الاجتماعي.

وانتشرت الدعارة أيضاً في الحدائق العامة، وذاع صيت حديقة جسر الرئيس، وحديقة المدفع، وحديقة السبكي والجاحظ  في دمشق، بانتشار الدعارة فيها، إضافة إلى دور السينما التي تعتمد حالياً على تسهيل الدعارة فيها لعدم وجود رواد لها.

ونتيجة فقدان القدوم السياحي، بدأ القوادون في سوريا بإرسال الفتيات إلى لبنان للعمل في الدعارة تحت غطاء العمل في صالونات الحلاقة أو الفنادق أو المساج.

ففي 2016، أوقفت القوى الأمنية اللبنانية أكبر شبكة دعارة في البلاد، وأنقذت 75 فتاة غالبيتهنّ من السوريات، وقال مصدر أمني لـ(فرانس برس) حينها «هذه أكبر شبكة اتجار بالنساء يتم الكشف عنها منذ اندلاع النزاع في سوريا».

وبحسب موقع (صاحبة الجلالة)، تم الكشف العام الماضي عن شبكة تعمل على ترويج الدعارة السرية في دمشق، وتسفير الفتيات من سوريا إلى #لبنان للعمل تتألف من 50 فتاة.

وبحسب الموقع، فإن الحادثة بدأت من محل بيع عطور في منطقة جرمانا بدمشق، حيث يقوم صاحبه باستدراج الفتيات بعد إغرائهم بتأمين فرص عمل لهن في لبنان، ثم إجبارهن على ممارسة الدعارة مقابل المال.

وبحسب تقارير إعلامية، يصل راتب المرأة الداعرة السورية في لبنان إلى 1000 دولار شهرياً، ويمكن للقواد أن يحقق هذا المبلغ خلال يومين فقط عبر تأجيرها، بينما تصل الليلة في سورية إلى 100 دولار في المناطق الفخمة، وتتدرج الخدمات الجنسية من 20 دولار، وبالليرة السورية في الساعة نحو 25 ألف ليرة سورية.

تبادل الزوجات ظاهرة غير مسبوقة بتاريخ سوريا

في 2018، كشفت مصادر إعلامية موالية عن إلقاء القبض على شبكة لتبادل الزوجات في العاصمة دمشق، في حادثة هي الأولى من نوعها، وفي العام التالي 2019، ألقت وزارة الداخلية القبض على شبكة لتبادل الزوجات ودعارة الفتيات بهدف ممارسة العلاقات الإباحية مقابل المال من خلال موقع خاص لتبادل الزوجات في دمشق في ظاهرة غريبة تكررت للمرة الثانية في سوريا.

وأكد نقيب المحامين حينئذٍ “نزار سكيف”، أنه لا يوجد أيّ نص قانوني خاص بجريمة تبادل الزوجات باعتبارها ظاهرة غير مسبوقة بتاريخ الجرائم السورية، وكونها ترتكب لأول مرة في سوريا، موضحاً أنه سيتم التعامل معها كشكلٍ من أشكال الدعارة بعقوبةٍ لا تتجاوز الثلاث سنوات كحد أقصى.

تاريخ الدعارة في سوريا

وتأسست بيوت الدعارة في سوريا منذ عام 1900، وكانت تسمى “منزول”، وبين عامي 1914 و1920، وجاء الانتداب الفرنسي لينظمها كمهنة حيث كانت سوريا تحصي رسمياً 271 عاملة فيها عام 1922، يدفعن الضرائب وتجرى لهن فحوصات طبية مرتين في الأسبوع.

كما كان لهن يوم عطلة، وأوقات عمل محددة ومعلومات وأماكن واضحة لمزاولة المهنة، وكانت السلطات تعتبر ممارسة الدعارة بغير أماكنها مخالفة للقانون.

ويذكر المؤرخ السوري “سامي المبيض” في تصريح صحافي أن كاباريه “ألفريدو” في شارع بيروت بدمشق كان يجتذب الجنود الفرنسيين أيام الانتداب، وأن بيوت الدعارة في دمشق خلال النصف الأول من القرن العشرين كانت تتمركز في المنطقة المعروفة حالياً بدوّار الجمارك.

وأحد أكبر بيوت الدعارة كان يقع مكان البناء الحالي لكلية الهندسة المدنية، بالإضافة إلى دار دعارة كان يقبع في حيّ الحلواني قريبا من باب الجابية خلال العشرينيات والثلاثينيات من القرن الماضي، بحسب المبيض.

قانونياً

بعد العام 1960 مُنعت مهنة الدعارة من ممارسة نشاطها بصورة قانونية، وبحسب المادة الثانية من القانون رقم 10 الصادر عام 1960 فإن الدعارة هي كل من استخدم أو استدرج أو أغوى شخصاً ذكراً كان أو أنثى بقصد ارتكاب الفجور أو الدعارة وذلك بالخداع أو بالقوة أو بالتهديد أو بإساءة استعمال السلطة أو غير ذلك من وسائل الإكراه.

ونصت المادة الخامسة من القانون «كل من أدخل إلى الجمهورية العربية السورية شخصاً أو سهل له دخوله لارتكاب الفجور أو الدعارة يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على 5 سنوات وبغرامة مالية من ألف ليرة إلى 5 آلاف ليرة».

وذكرت المادة السادسة أنه «يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر ولا تزيد على ثلاث سنوات كل من عاون أنثى على ممارسة الدعارة ولو عن طريق الإتفاق المالي كما نصت المادة الثامنة من القانون على أنه يعاقب كل من فتح محلاً للفجور أو الدعارة أو عاون بأي طريقة كانت يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على ثلاث سنوات ويحكم بإغلاق المحل ومصادرة الأمتعة والأثاث الموجودة فيه».

وفي 2010 أصدر الرئيس السوري “#بشار_الأسد” المرسوم رقم 3، الذي رفع العقوبة، وحدد حالات الاتجار بالاشخاص في «استدراج أشخاص أو نقلهم أو اختطافهم أو ترحيلهم أو إيوائهم أو استقبالهم لاستخدامهم في أعمال أو لغايات غير مشروعة، مقابل كسب مادي أو معنوي أو وعد به أو بمنح مزايا أو سعيا لتحقيق أي من ذلك أو غيره».

وحدد المرسوم العقوبة في هذه الحالات بـ «الاعتقال المؤقت لمدة لا تقل عن سبع سنوات، وبغرامة من مليون إلى ثلاثة ملايين ليرة سورية، مع مراعاة التشديد في حال ارتكبت الجريمة ضد النساء أو الأطفال أو بحق أحد من ذوي الاحتياجات الخاصة، وإذا استخدم فيها سلاح أو هدد باستخدامه».

لكن وبحسب محامين، هناك ثغرة بالقانون، تتيح لمن يرغب بالاتفاق مع من يرغب لممارسة الدعارة في منزلهم الخاص طالما لا توجد شكوى من جوار، حيث لا يمكن للشرطة أو أي قسم اقتحام حرمة منزل أو السؤال عن وجود ذكر وأنثى في منزل واحد دون عقد زواج لمجرد الشك، وطالما الاتفاق كان بين طرفين، وخاصة إن كانت الأنثى لا تمارس ذلك من أجل منفعة مادية، كون جرم الدعارة مرتبط باستخدامه للمنفعة المادية.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.