المختطفون السوريون أمام المحاكم التركية: هل تلتزم تركيا بتعهداتها القانونية بوصفها سلطة احتلال في الشمال السوري؟

المختطفون السوريون أمام المحاكم التركية: هل تلتزم تركيا بتعهداتها القانونية بوصفها سلطة احتلال في الشمال السوري؟

تتواصل عمليات الخطف والاعتقال التعسفي في قرى وبلدات مدينة #تل_أبيض بريف #الرقة الشمالي، الخاضعة لسيطرة #الجيش_التركي، والفصائل السورية المسلّحة الموالية له، لأسباب عدة، منها الابتزاز المادي وتحصيل الفدية؛ والاتهام بالانتماء لقوات سوريا الديمقراطية “قسد”، أو التعامل مع  #الإدارة_الذاتية.

وازدادت مخاوف المواطنين من عمليات الاعتقال، عقب نقل الفصائل الموالية لتركيا عدة معتقلين من الأراضي السورية، لمحاكمتهم على الأراضي التركية، بتهم القتل والانتساب إلى “وحدات حماية الشعب” (الذراع العسكري لحزب الاتحاد الديمقراطي).

منظمة “هيومن رايتش ووتش” وثّقت حالات لثلاثة وستين معتقلاً سورياً، في مناطق السيطرة التركية في شمال سوريا،  تم نقلهم إلى الأراضي التركية بطرق غير قانونية، وسجنهم بتهمة توزيع السلاح، والانتماء لمنظمة إرهابية.

 

النقل إلى السجون التركية

الناشط المدني “إبراهيم العطية”، من سكان تل أبيض، قال لـ«الحل نت» إن «”الجيش الوطني” أقدم، في شهر آذار/مارس 2020، على اعتقال أربعة مواطنين كُرد من المدينة، ونقلهم إلى سجن بمدينة “شانلي أورفة” التركية، لمحاكمتهم تعسفياً، بتهم خطيرة، قد تؤدي إلى الحكم عليهم بالسجن المؤبد، بموجب قانون العقوبات التركي، على الرغم من أنّ الجرائم المزعومة ارتُكبت في الأراضي السورية. ولا يزال مصيرهم مجهولاً حتى الآن».

وعن أسلوب الاعتقال أفاد شاب، من أقارب احد المعتقلين في السجون التركية، لموقع «الحل نت»، بأنّ «مجموعة مكونة من خمسة عشر عنصراً، تابعين لـ”الفرقة 20″، وهي من فصائل #الجيش_الوطني، أقدمت في تشرين الأول/أكتوبر 2019، على اعتقال عدة شبان، عرب وكُرد، من مدينة تل أبيض، ضمنهم  أحد أقربائي، الذي كان يشغل منصباً إدارياً في “وحدات حماية الشعب”. وتم اقتياد المعتقلين إلى مقر الفرقة للاستجواب، كما أخبرنا عناصر الدورية، عند سؤالهم عن سبب الاعتقال، إلا أننا علمنا، بعد عدة أسابيع من الاعتقال، بأن قريبي نُقل إلى سجن بمدينة “أورفة” التركية، للمحاكمة بتهمة “تقويض وحدة الدولة التركية وسلامتها الإقليمية”، والانتساب للمنظمات الإرهابية»، وفق قوله.

وطالب “مايكل بيج”، نائب مدير قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في “هيومن رايتش ووتش”، «السلطات التركية، باعتبارها سلطة احتلال، باحترام حقوق الشعب السوري، بموجب قانون الاحتلال في شمال شرق سوريا، بما في ذلك الامتناع عن الاحتجاز التعسفي، ونقل الناس إلى أراضيها».

وأكد المسؤول في المنظمة الإنسانية أن «هؤلاء السوريين لم يُنقلوا، بشكل غير قانوني، للخضوع لمقاضاة تعسفية فحسب، وإنما فُرضت عليهم المحاكم التركية أعلى عقوبة ممكنة في القانون التركي، وهي السجن المؤبد، دون إفراج مشروط»، متهماً #تركيا بـ«انتهاك التزاماتها، عبر اعتقال السوريين، واقتيادهم إلى أراضيها، لمواجهة تهم مشكوك فيها»، حسب تعبيره.

 

قيادي في الفرقة 20 يرد

موقع «الحل نت» التقى قيادياً في “الفرقة 20” لسؤاله عن عمليات الاعتقال والنقل إلى الأراضي التركية، فقال إن «الاعتقالات في مدينة تل أبيض، والقرى المجاورة لها، تُعتبر أمراً طبيعياً، في ظل الانفلات الأمني، الذي تشهده المنطقة، واستمرار عمليات الاغتيال والتفجيرات فيها، ومن يواجه أية تهمة، نقوم بتحويله إلى القضاء للمحاكمة، وفي حال عدم ثبوت أي شيء ضده نقوم بإطلاق سراحه بشكل فوري».

وأشار القائد العسكري، الذي اشترط عدم كشف هويته، إلى أن «عمليات نقل المعتقلين، ممن كانوا منتسبين للمنظمات الإرهابية، من سجون الجيش الوطني إلى داخل الأراضي التركية، هو أمر ضروري لمحاكمة المتورطين في قضايا تمسّ أمن الدولة التركية وسلامتها الإقليمية»، وفق وصفه.

 

اعتقالات بهدف طلب الفدية

“نصار العموري”، من سكان قرية “عين العروس” بريف تل أبيض، تحدث لـ«الحل نت» عن عمليات الاعتقال التعسفية بهدف طلب الفدية، قائلاً: «الفصائل الموالية لتركيا وجدت مصدراً جديداً لكسب الرزق، إضافةً لأعمال السطو المسلح على المحال التجارية، وسلب المدنيين ليلاً، فالدوريات، التابعة للمكتب الأمني بـ”الجبهة الشامية”، تعتقل شبان القرية، وتقتادهم إلى مبانٍ قيد الإنشاء، تم الاستيلاء عليها، بعد تهديدهم بقوة السلاح، لانتزاع أموالهم ومقتنياتهم، ثم تُفرج عنهم بعد عدة ساعات».

وأردف قائلاً: «في حال لم يجدوا مع الشخص المستهدف أمولاً أو مقتنيات صالحة للبيع، يقومون بالاتصال بذويه لطلب الفدية، مقابل الافراج عنه».

وعن تلك الظاهرة يقول المواطن “ن.ت”، الذي كان مُعتقلاً لدى #فرقة_السلطان_مراد، إن «دوريةً اعتقلته أثناء عودته من العمل، واتصلت من هاتفه بأحد أشقائه، لتطلب منه فدية بقيمة أربعة الاف دولار، تحت التهديد بذبحه، وبعد عشرة أيام من الاعتقال، تم تخفيض المبلغ لألف دولار فقط، دفعها أقاربه، مقابل الافراج عنه».

ويختتم المواطن حديثه بالقول: «تقدّمت بشكوى رسمية للسلطات التركية، المسؤولة والمتواجدة في المنطقة، وزودتهم بأسماء الفصيل والعناصر، الذين كنت مُحتجز لديهم، ولكن لم يتم اتخاذ أي إجراء حول الموضوع».

وطالبت “ميشيل باشيليت”، مفوضة #الأمم_المتحدة السامية لحقوق الإنسان، تركيا والفصائل المسلحة الموالية لها بـ«إطلاق تحقيق فوري ونزيه وشفاف ومستقل في حوادث الاختطاف، والكشف عن مصير المحتجزين والمخطوفين»، وشددت على «محاسبة المسؤولين عمّا قد يرقى، في بعض الحالات، إلى مستوى جرائم الحرب».

ولم يصدر أي رد من قبل الحكومة التركية، أو الفصائل في الشمال السوري، على البيان الأممي، حتى ساعة إعداد التقرير.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.