الموت اختناقاً في زمن كورونا: هل يستطيع القطاع الصحي والاقتصادي في درعا التأقلم مع سياسات الحكومة السورية في تقنين الكهرباء؟

الموت اختناقاً في زمن كورونا: هل يستطيع القطاع الصحي والاقتصادي في درعا التأقلم مع سياسات الحكومة السورية في تقنين الكهرباء؟

ليست مشكلة الكهرباء بالأمر الجديد بالنسبة للسوريين، فأسلوب التقنين، الذي اتبعته #الحكومة_السورية، منذ بداية الأزمة، صار من لوازم الحياة اليومية لأغلبية المواطنين، الذين يحاولون التأقلم مع انقطاع التيار الكهربائي لأيام أو حتى أسابيع.

إلا أن المشكلة تتخذ حالياً أبعاداً أكثر خطورة، فانقطاع الكهرباء لم يعد مقتصراً على البيوت والمعامل، بل يطال المشافي والمرافق الصحية، ومع انتشار فيروس #كورونا، ينتاب الرعب الأهالي من الأوضاع في أقسام العناية المركزة، حيث يمكن أن يموت المرضى المعتمدون على المنافس الاصطناعية اختناقاً، في حال انقطاع التيار الكهربائي عن المشافي.

 

مواطنو درعا يموتون اختناقاً

في منتصف مارس/آذار 2021، استفاق أهالي مدنية #درعا على إعلان من “المستشفى الوطني”، التابع للحكومة السورية، بموت سبعة أشخاص، بينهم ثلاث نساء، في قسم العناية المركزة بالمستشفى، دون توضيح الأسباب، التي أدت إلى موتهم في وقت واحد.

موقع «الحل نت» تحدث مع إحدى الممرضات في قسم الإسعاف بالمستشفى، التي أكدت أن «انقطاع الكهرباء، وعدم وجود مادة المازوت في المستشفى، لإعادة تشغيل المولّدات الاحتياطية، تسبب في توقف أجهزة العناية المركزة، التي يتلقى منها المرضى مادة الأوكسجين، ما أدى إلى وفاتهم على الفور».

الممرضة، التي يتحفّظ موقع «الحل نت» عن ذكر اسمها لأسباب أمنية، أوضحت أن «برامج التقنين، التي تقرّها وزارة الكهرباء السورية، تشمل القطاعات الحكومية بشكل كلي، بما فيها القطاع الصحي، الذي يعاني أصلاً من ضعف إمكانياته».

إدارة المستشفى الوطني قالت في تقريرها عن موت الحاجة “هلالة مصطفى”، إحدى المتوفين السبعة، إن سبب الوفاة طبيعي، طبقا لما أفاد به ابنها لموقع «الحل نت»، الذي أكد بدوره أن «السبب الحقيقي لوفاة والدته كان انقطاع الكهرباء، أثناء وجودها في قسم العناية المركزة، قبل نقلها لإجراء عملية غسيل في الكلى».

 

تحميل المواطنين كلفة فواتير الكهرباء عبر عقار ممنوع

وكانت وزارة الصحة السورية قد أعلنت، في وقت لاحق من شهر مارس/آذار 2021، عن «ارتفاع نسبة إشغال أسرّة العناية المشددة، المخصصة لمصابي فيروس كورونا، بنسبة 100%»، فيما أكّد “توفيق حسابا”، مدير الإسعاف والطوارئ في وزارة الصحة، «عدم توفّر أي سرير فارغ، في العناية المشددة بمشافي #دمشق، لاستقبال المصابين»، لافتاً إلى أنه «يتم البحث عن إمكانية توفير العناية المشدّدة للمصابين في مشافي #الزبداني والقطيفة بريف دمشق».

أحد الأطباء المختصين بالأمراض الصدرية في العاصمة دمشق كشف لموقع «الحل نت» عن «إقدام بعض المشافي الخاصة على تقديم أدوية ممنوعة للمصابين بفيروس كورونا، بهدف رفع فواتير العلاج والإقامة، من أجل توفير المحروقات، لتشغيل مولدات الكهرباء في المشافي عند انقطاع الكهرباء».

وأشار الطبيب “عبد العظيم داوديه” إلى أن «العقار المستخدم، واسمه “ريمديسيفير”، ممنوع بحسب البرتوكول العالمي، فقد استُخدم في بداية انتشار فيروس كورونا، لكنّ استخدامه أوقف الآن، إلا أنه مازال يعطى للمرضى في دمشق، لعدم قدرة الحكومة السورية على توفير اللقاح. ويبلغ سعر الحقنة الواحدة منه ما يقارب ستمئة ألف ليرة سورية، ويجب أن يتلقى كل مريض عشر حقن».

إلا أن الطبيب، المسؤول عن الأجهزة التنفسية في مستشفى “تشرين”، يؤكد أن «وزارة الصحة السورية وجّهت تعميماً إلى مستشفيات دمشق التابعة لها، أوقفت بموجبه كافة العمليات الباردة (غير الإسعافية)، إضافة لمطالبتها بتطبيق خطة استدعاء الكوادر في حالة الطوارئ، وتشغيل المشافي بالطاقة القصوى، وتوفير كامل القدرات والإمكانات لصالح مرضى الجائحة».

وبلغ عدد إجمالي المصابين بالفيروس، منذ بدء انتشاره في سوريا، ما يقارب ثمانية عشر ألف حالة، توفي منها أكثر من ألف ومئتي حالة، وفقاً لإحصائيات وزارة الصحة السورية.

 

«تخيّل الحياة من دون كهرباء»

تتفاوت مدة انقطاع الكهرباء بين المدن والأرياف في جنوب سوريا بشكل واضح، ففي حين ينقطع التيار الكهربائي في القرى ليومين، ويأتي ساعتين في اليوم، تشهد المدن الرئيسية تقنيناً أقل، وتحصل على الكهرباء بشكل يومي.

أزمة الكهرباء انعكست على كافة مناحي الإنتاج في ريف درعا، فخلال الأشهر السابقة توقفت عشرات المزارع عن إنتاج الدواجن والبيض، كما توقفت عشرات المعامل الصغيرة عن إنتاج الألبان والأجبان، لترتفع أسعار هذه المنتجات إلى مستويات غير مسبوقة، فوصل سعر كيلو حليب البقر إلى أكثر من ألف ليرة، في حين أنه كان يُباع، في الشهر ذاته من العام الماضي، بأربعمئة ليرة. وحتى الأفران الحكومية بدأت بالتوقف لعدم توفر الكهرباء والوقود.

عدد من أهالي بلدة “الطيبة” بريف درعا قالوا لموقع «الحل نت» إن «العائلة الواحدة تحتاج شهرياً ما يقارب أربعين ألف ليرة لتوفير الإضاءة لمنازلها من خلال الشموع، التي وصل سعر الواحدة منها إلى مئة وخمسين ليرة، أما البطاريات، التي يتم الاعتماد عليها لتوليد الكهرباء، فلا يوجد وقتٌ كافٍ لإعادة شحنها».

“غسان الزامل”، وزير الكهرباء في الحكومة السورية، والذي كان سابقاً مديراً لشركة الكهرباء في درعا، عقد مؤتمراً صحفياً، تحت عنوان “معاً لترشيد الطاقة: تخيّل الحياة بدون كهرباء”، وعد  خلاله بـ«تحسين واقع الكهرباء خلال العام الحالي، عبر استخدام الطاقة المتجددة»، مشدداً على «عدم خصخصة قطاع الكهرباء»، لكنه وفي الوقت ذاته، طالب كل عائلة بأن «تستخدم الكهرباء بوعي، كي يصبح من الممكن إلغاء ساعات التقنين».

تصريحات “الزامل” قوبلت بسخرية شديدة من أهالي ريف درعا، فكيف يمكن استخدام الكهرباء بوعي، وهي لا تصل إليهم إلا ساعتين كل ثلاثة أيام؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.