بعد اقتحام الميلشيات لبغداد: هل ما زالت القوى السياسية العراقية تنظر بجدية إلى إمكانية إجراء الانتخابات التشريعية المبكرة؟

بعد اقتحام الميلشيات لبغداد: هل ما زالت القوى السياسية العراقية تنظر بجدية إلى إمكانية إجراء الانتخابات التشريعية المبكرة؟

تزامناً مع اقتراب موعد إجراء الانتخابات المبكرة في العراق باتت التوقعات ترجّح تأجيلها مجدداً، رغم الوعود المتكرّرة لرئيس الوزراء العراقي مصطفى #الكاظمي بإجراء الانتخابات في موعدها، يرافق كل هذا تهديدات مستمرة، توجهها الفصائل المسلّحة الموالية لإيران للحكومة والبرلمان العراقيين، وآخرها الاستعراض العسكري لجماعة #ربع_الله، التي توعدّت بـ«قطع آذان» من يعارضها، في حال عدم إقرار الموازنة وتعديل سعر صرف الدولار.

دفعت هذه التعقيدات عدداً من المراقبين، وتحديداً الفئة القريبة من ساحات الاحتجاج، إلى التشكيك بقدرة حكومة الكاظمي على توفير بيئة انتخابية آمنة؛ وتوقع خضوعها لضغط القوى السياسية المتنفّذة حالياً، الساعية لإبقاء الأوضاع على ما هي عليه، وعدم الوفاء بأهم وعد أعطاه الكاظمي للمحتجين في #انتفاضة_تشرين، أي إجراء انتخابات، تكون تمهيداً لتغيير التركيبة السياسية في البلاد.


الانتخابات في خطر!

“مهتدى ابو الجود”، عضو “حزب البيت الوطني”، وهو أحد الأحزاب السياسية الجديدة، المنبثقة عن انتفاضة تشرين، يرى أن «الأمن الانتخابي بالعراق في خطر أساساً، سواء قامت ميلشيات، مثل ربع الله وجيش المهدي، باستعراضات عسكرية، أو لم تقم بذلك».

ويوضح في حديثه لـ«الحل نت»: «الانتقال  الديمقراطي يحتاج أربعة عناصر، تضمن عملية انتخابية سليمة، وهي: الحريات والمشاركة والمنافسة والمساواة، وهذه العناصر غير موجودة، في ظل سيطرة الميلشيات على العملية السياسية العراقية. وسيبقى الأمن الانتخابي مفقوداً مادامت هذه الميلشيات موجودة».

أما الصحافي المستقل “القاسم العبادي” فيقول للموقع: «الأمن الانتخابي كان ولا زال وسيبقى في خطر، في ظل تواجد جهات تقوم بممارسات مارقة عن القانون، وكذلك بوجود أزمة تفكك اجتماعي، يعاني منها العراقيون، بمختلف أطيافهم واتجاهاتهم الفكرية».

ويرى الصحفي العراقي أن «الأمن الانتخابي يُقاس بتوفّر عاملين، هما ضمان أمن انتخابي للمرشحين، وآخر للناخبين».

“حامد السيد”، المتحدث الرسمي باسم “حركة وعي الوطنية”، التي تعدّ أيضاً من الأحزاب الناشئة، الساعية للدخول في الانتخابات البرلمانية المقبلة، ينوّه، في حديثه لـ«الحل نت»، أن «الاستعراضات الأخيرة، التي تقوم بها الميلشيات الولائية، هي نتاج طبيعي لفشل هيكل الدولة العراقية الإداري بكل تفرعاته، وهذا الفشل ولّد قوة حتمية للسلاح السائب، جعلته قادراً على كسر القانون، وإهانة سلطته. وليس مستبعداَ أن تضاعف القوة الماسكة للسلاح من تطاولها على سلطة الدولة أكثر، كلما اقترب موعد الانتخابات. ونخشى من أن يصل الموضوع إلى منع الناخبين من ممارسة حقهم بالتصويت بحرية،  مما يؤدي الى منع تغيير المعادلة السياسية».

 

انعدام هوية الدولة 

ويذهب “مهتدي أبو الجود” إلى أن «وجود فصائل، تمتلك السلاح الخاص بها، وتستعرضه متى تشاء، يُعتبر دلالةً على انعدام هوية الدولة العراقية، وعدم قدرتها على احتكار العنف، لحماية مصالح عموم المواطنين، وليس محاباة جماعات طائفية ميلشياوية، مرتبطة بالخارج».

ويتفق “القاسم العبادي” مع رأي “أبي الجود” حول انعدام هوية الدولة العراقية، واختلال الممارسة السياسية فيها،  فـ«كيف يمكن للمرشّح أن يقوم بالترويج لنفسه داخل دائرته تحت ضغط الميلشيات، وهي جهات غير منتخبة، تفرض إرادتها على الجميع؟»، يتساءل الصحفي العراقي.

“حامد السيد” يؤكد أن «السلطة في العراق أعلنت توقيتاً محدداً للانتخابات، وهو العاشر من تشرين الأول/أكتوبر من العام الجاري، وهذا توقيت حساس، يجب أن ترافقه تطبيقات عملية لوعود أخرى، أبرزها نزع السلاح  من يد الميلشيات، وحصره بيد الدولة. وكل الحديث عن توفير المستلزمات الفنية للعملية الانتخابية، مثل الموارد البشرية والإشراف أو الرقابة الأممية، يبقى بلا قيمة، ما لم يتم تطهير ساحة المنافسة الانتخابية من قوى اللادولة، التي تحاول تكريس وجودها في المعادلة، بقوة السلاح ونفوذ المال».

ويشير “السيد” إلى أن «الحكومة العراقية لديها فرصة لصناعة الثقة بالانتخابات المقبلة، من خلال مضاعفة عمل لجنة مكافحة الفساد، شريطة أن لا تخضع لأي ضغط، يسعى لتأجيل وظائفها لفترة أخرى؛ فضلاً عن إضعاف نفوذ السلاح المنفلت، بتجفيف منابع تمويله وتمكينه، وهي منابع تديرها قطاعات اقتصادية وسياسية ضخمة، لا بد من مواجهتها بقوة القانون».

 

تأجيل الانتخابات

وعن إمكانية تأجيل الانتخابات يوكد “القاسم العبادي” أن «هناك نوايا مبيّتة لدى صنّاع القرار بتأجيل الانتخابات لأطول فترة ممكن، بغرض تحقيق مصالحهم الشخصية والحزبية»، متوقعاً «حدوث أزمة بحل #البرلمان_العراقي، قبل انتهاء دورته التشريعية، وهذا يعني أن العراق أمام سيناريوهات مفتوحة، لا يمكن ترجيح أحدها».

ويرى مراقبون للعملية السياسية أن تأجيل الانتخابات يوفّر لرئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي فرصة بناء تحالفات، تمكّنه من الاستمرار في الواجهة السياسية، في ظل تراجع الأحزاب الممثلة للإسلام السياسي.

فيما أكد مصدر حكومي، في حديث لموقع «الحل نت»، أن «ما يشاع من تأجيل الانتخابات مجرد بروباغندا واسعة من المعارضين لإبراز أنفسهم».

وأكد المصدر، الذي رفض الكشف عن اسمه، أن «كافة مقومات إجراء الانتخابات متوفرة في موعدها المقرر، من وجود قانون انتخابي، وتوفير التمويل، إضافة الى وجود مفوضية للانتخابات، وموافقة  البرلمان العراقي على حلّ نفسه».

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.