ذكر تقرير نشرته صحيفة “الغارديان” البريطانية، يثبت من خلال وثائق اطلعت عليها تثبت تفاخر أحد وزراء حكومة دمشق بأن التهرب من العقوبات المالية “أصبح حرفة سورية”.

تقوم حكومة دمشق بإنشاء شركات وهمية في محاولة ممنهجة لتجنب العقوبات، بحسب وثائق رسمية حصلت عليها “الغارديان” البريطانية، حيث تكشف هذه الوثائق، عن أن ما لا يقل عن ثلاث شركات تم تأسيسها في سوريا في نفس اليوم بغرض صريح يتمثل في العمل على بيع وشراء الأسهم وإدارة شركات أخرى.

وتظهر صلات واضحة بين مالكي الشركات الوهمية الجديدة والنخبة الحاكمة اقتصاديا في سوريا، لاسيما الأفراد الخاضعين للعقوبات الدولية، وفق تقرير الصحيفة البريطانية، وترجمه موقع “الحل نت”.

ويزيد تعقيد هيكل ملكية الشركات في سوريا من صعوبة فك تشابك الدور الذي تلعبه هذه الشركات في تعزيز الموارد المالية لدمشق، الأمر الذي يجعل من الصعب على القوى الأجنبية فرض عقوبات بشكل فعال على الدائرة المحيطة بالحكومة.

في تشرين الأول الماضي، قال وزير الاقتصاد السوري، محمد سامر الخليل، إن “التهرب من العقوبات أصبح حرفة سورية”، ودعا المستثمرين الأجانب الراغبين في الالتحاق بالسوق السورية والخائفين في الوقت ذاته بسبب العقوبات “إلى عدم الظهور بأسمائهم الحقيقية في السوق المحلية”.

وكل من الشركات الوهمية الجديدة، التي تأسست في تشرين الأول 2021، وهي Trappist وGenerous وSuper Brandy، مملوكة في الأغلب لشخص مرتبط بحكومة دمشق من خلال شبكة معقدة من العلاقات. ويقول إياد حامد، الباحث في “برنامج التطوير القانوني السوري” ومقره لندن، موضحا: “من المهم مواصلة تعقب الشركات الوهمية، باعتبار عملية التعقب هذه جزء من تجميد الأصول وتجفيف الموارد التي يستخدمها النظام لانتهاكاته حقوق الإنسان في سوريا”.

من جهتها، ترى جوستين والكر، رئيسة قسم العقوبات العالمية في “رابطة المتخصصين المعتمدين في مكافحة غسل الأموال”، بأنه يتعين على الحكومات عدم انتظار الشركات الوهمية ببدء شراء الأسهم أو نقل الأموال حتى تفرض عقوبات عليها. وتتابع والكر قائلة: “جزء من العقوبات هو ضمان عدم استمرار هذه الشركات في عملياتها وعدم قدرتها على التأسيس في المقام الأول”.

فمن ضمن مالكي هذه الشركات الوهمية، هناك علي نجيب إبراهيم، أحد المالكين الثلاثة للشركات الوهمية الجديدة، وهو شريك في ملكية Tele Space، وهي شركة تمتلك وفا JSC جزئيا والتي تم ترخيصها في أوائل عام 2022 لتصبح ثالث مشغل اتصالات في البلاد. كذلك يشار إبراهيم، وهو أحد مالكي شركة “وفا”، ومستشار الأسد ورئيس المكتب الاقتصادي والمالي للرئاسة، ويخضع للعقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة. والشخصيتان الأخريتان اللتان تملكان الشركات الوهمية الجديدة هما رنا أحمد خليل ، 20 عاما، وريتا أحمد خليل، 21 عاما، وهما ابنتا أحمد خليل خليل، الذي يمتلك نصف شركة Tele Space، بالشراكة مع علي نجيب إبراهيم.

كما أن أحمد خليل شريك أيضا في ملكية شركة سند لخدمات الحماية والأمن، المسؤولة عن حماية شحنات الفوسفات الروسية من وسط سوريا إلى ميناء طرطوس. وشريكه في سند للحماية هو ناصر ديب ديب، المالك المشارك لشركة Ella Services، وهو خاضع للعقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة، مع خضر علي طاهر.

ويقال إن طاهر، الذي فرضت عليه أيضا عقوبات من قبل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي لتمويل حكومة دمشق وتورطه في التهريب والتربح، متورط أيضا في تهريب الكبتاغون، وهو نوع من الأمفيتامين المصنوع محليا.

فالشبكة التي تستخدمها دمشق للتهرب من العقوبات وللحفاظ على استمرار عمل الاقتصاد غير المشروع في البلاد، تتفوق على أي تحديثات من قبل الحكومات الغربية. ويقول حامد متابعا: “عقوبات إدارة بايدن الجديدة محدودة للغاية. وبطريقة ما، ليس لديهم الرغبة التي كانت في الإدارة السابقة لفرض عقوبات على الأفراد المتورطين في سوريا”.

والأمر نفسه ينطبق أيضا على حكومة المملكة المتحدة، التي لم تعلن سوى حزمة واحدة جديدة من العقوبات منذ خروجها من الاتحاد الأوروبي. واستهدفت هذه العقوبات رجالات مقربين من الأسد، بمن فيهم ياسر حسين إبراهيم عام 2021 ووزير الخارجية السوري فيصل المقداد. كما فرض مكتب مراقبة الأصول الأجنبية، وهو وكالة الإنفاذ التابعة لوزارة الخزانة الأميركية، عقوبات على إبراهيم وطاهر.

ويقول بيتر ستانو، من وزارة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، إن التطورات في سوريا تخضع للمراجعة المستمرة. ويضيف قائلا: “لقد أظهر الاتحاد الأوروبي أنه يستجيب من خلال قرار تجديد العقوبات، أو تعديل قائمة الكيانات أو الأشخاص المستهدفين بناء على التطورات على الأرض”.

من جهتها، أكدت مفوضية الاتحاد الأوروبي إنها ستنقل المعلومات التي نشرتها صحيفة الغارديان إلى “السلطة المختصة ذات الصلة للتقييم، وإذا لزم الأمر ، لمزيد من التحقيقات”.

ويسمح قانون “قيصر” الأميركي، بفرض عقوبات ثانوية على الأفراد والشركات المرتبطة بحكومة دمشق، حتى لو لم يرتكبوا سلوكا خاضعا للعقوبات. ومع ذلك، لم يتم تطبيق هذه العقوبات منذ دخول القانون حيز التنفيذ في منتصف عام 2020.

وتقول والكر: “إذا كان بإمكانك تخيل عدد الشركات التي تم تأسيسها في سوريا، فيمكن فهم كم هي خارج نطاق رادار الحكومات الغربية. لذلك، يلعب المتخصصون في التحقيق دورا بالغ الأهمية”. ويختتم حامد حديثه للصحيفة بالقول: “هناك حاجة إلى مزيد من الاستثمار والتحقيقات والمصادر على الأرض لمواكبة هذه التغييرات في مشهد الأعمال السوري، كونه بيئة غير مستقرة، فهو مستمر في التحول”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.