في تحقيق للصحفي كيرت سانسوني، كشف أن الاستخبارات لديها علم بكيفية استخدام شبكات تهريب المهاجرين للرحلات الجوية المستأجرة من دمشق لإغراء مواطني بنغلاديش بالوصول إلى ليبيا والعبور إلى أوروبا مستقلين قوارب الموت.  

التحقيق الذي نشرته صحيفة “مالطا تودي” وترجمة “الحل نت”، يتناول عملية تهريب مئات المهاجرين البنغاليين على متن رحلات الطيران إلى ليبيا، حيث يستقلون القوارب للوصول إلى أوروبا، مستندة في تقريرها على معلومات استخباراتية اطلعت عليها.  

“أجنحة الشام”.. العقدة الأولى

بحسب التقرير المذكور، فإن الشبكة تتقاضى عن كل مهاجر مبلغ 1500 يورو لقاء نقله من دمشق إلى بنغازي في ليبيا، ذلك عبر الرحلات الجوية التي تديرها شركة “أجنحة الشام السورية”. كذلك يتم فرض رسوم إدارية بمبلغ 500 يورو على كل شخص يتم تهريبه. وفي ليبيا، ينقل المهاجرون إلى قوارب تشرع في رحلة محفوفة بالمخاطر عبر البحر الأبيض المتوسط في محاولة للوصول إلى إيطاليا.  

وفقا لـ”مالطا تودي”، فإن المهاجرين يحصلون على تذاكر الطيران في المطار، حيث لا يمكنهم شراؤها إلا نقدا من مكتب سفر معين. وتبين المعلومات أن المهربين يأخذون جوازات سفر المهاجرين ويحجزون التذاكر بالنيابة عنهم.  

هذا التحقيق جاء بناء على المعلومات الاستخباراتية التي جمعتها وكالة “الحدود الأوربية” (فرونتكس)، وجلسات استجواب الشرطة الإيطالية والمالطية للمهاجرين الذين تم إنقاذهم. وقد تلقت المفوضية الأوربية تقريرا يتضمن تفاصيل شبكة التهريب هذه، وتمت إتاحته أيضا لوزراء الداخلية في الاتحاد الأوربي العام الماضي.  

خلال العام الماضي كان هناك حيرة وذهول من العدد الهائل من المهاجرين البنغاليين الذين يحاولون العبور من ليبيا إلى إيطاليا عن طريق القوارب. وقد تسببت الأحوال الجوية السيئة بانقلاب أحد القوارب في الثاني عشر من شهر آذار/مارس الماضي على بعد حوالي 177 كم شمال غرب بنغازي، وكان على متنه 47 شخصا. وأنقذ خفر السواحل الإيطالي 17 شخصا في حين فقد 30 آخرون بعد فشل محاولة أولية لإنقاذهم من قبل سفينة تجارية. 

طبقا للمعلومات المتواردة، فإن معظم الأشخاص الذين كانوا على متن السفينة كانوا مواطنين بنغاليين. وقد دفعت تلك الحادثة وزير الداخلية في مالطا بايرون كاميليري إلى رفع قضية إلى البرلمان بعد ثلاثة أيام من وقوعها، حيث تحدث كاميلري عن الرحلات الجوية التي تديرها شركة “أجنحة الشام” دون إعطاء مزيد من التفاصيل. كما أبلغ مجلس النواب أن مالطا كتبت إلى المفوضية الأوربية من أجل اتخاذ إجراء ضد الشركة السورية التي كانت تسهل تهريب البشر. 

التهريب بعيدا عن العقوبات الأميركية

ملكية شركة “أجنحة الشام” تعود لرجل الأعمال السوري عصام شموط. وتعتبر شركة الطيران هذه جزءا من شركة عائلته “مجموعة شموط”، التي تنشط في قطاعات السيارات والصلب والطيران والشحن والبناء والعقارات. 

في 20 حزيران/يونيو من العام الماضي، رفع الاتحاد الأوروبي العقوبات المفروضة على “أجنحة الشام”، بعد إدراج الشركة في القائمة السوداء في كانون الأول/ديسمبر 2021 لدورها المزعوم في نقل المهاجرين الذين يسعون إلى العبور بشكل غير قانوني إلى بولندا من بيلاروسيا في ذلك الصيف. 

ومع ذلك، بعد يوم واحد وضع الاتحاد الأوروبي شموط على قائمة العقوبات. من جانبه طعن شموط في العقوبات ضده أمام محكمة العدل الأوروبية. كما لا تزال “أجنحة الشام”، التي لا تعمل في دول الاتحاد الأوروبي، خاضعة للعقوبات الأميركية، ويتزايد الضغط داخل الاتحاد الأوروبي ليحذو حذو الولايات المتحدة. 

الرحلة إلى بنغازي  

تحقيق سانسوني، يؤكد بأن بنغازي في شرق ليبيا هي نقطة الدخول الوحيدة جوا التي تستخدمها شبكات التهريب التي تتبنى هذه الطريقة في نقل المهاجرين. ويدار شرق ليبيا من قبل مجلس النواب، وهو برلمان غير معترف به من قبل المجتمع الدولي، والجنرال خليفة حفتر وقواته. 

كما تشير المعلومات الاستخباراتية إلى أن الرابط الجوي إلى بنغازي يستخدم أيضا في نقل المواطنين السوريين، على الرغم من تهريب البنغاليين بشكل منفصل. ووفقا للمعلومات التي تم جمعها من الأشخاص الذين تم إنقاذهم، فإن سلوك الطاقم على متن الطائرة ليس لطيفا تجاه المهاجرين. 

بمجرد الهبوط في بنغازي، لا توجد عمليات تفتيش مناسبة لمراقبة الحدود. يقوم الضباط الليبيون بفحص جوازات السفر وتسجيل الأسماء في “دفتر ملاحظات”، ثم يتم تسليم المهاجرين إلى المهرب الخاص بهم والذي ينقلهم بدوره إلى منزل آمن. 

والبعض يحاولون العبور من الشواطئ الشرقية لليبيا في رحلة محفوفة بالمخاطر، بينما يتم نقل البعض الآخر إلى الساحل الغربي الليبي لرحلة بحرية أقصر إلى لامبيدوزا، ولكنها ليست أقل خطورة. 

تبعا لمصادر مطلعة على شبكة التهريب، فقد علمت “مالطا تودي” أنه بمجرد وصول المهاجرين إلى ليبيا، يدفع البنغاليون والسوريون مبالغ أعلى مقارنة بالجنسيات الأخرى. وهذا ما يدفع تلك الشبكات إلى تفضيل المهاجرين البنغاليين والسوريين على الجنسيات الأخرى في الممر الليبي. 

الجنسية الثالثة الأكثر شيوعا

وفقا للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فقد وصل 24647 شخصا من بنغلادش إلى أوروبا، معظمهم عبر إيطاليا، منذ كانون الثاني/يناير 2021. ويمثل هؤلاء 15.2 بالمئة من إجمالي الوافدين عبر البحر الأبيض المتوسط، مما يجعلهم ثالث أكثر الجنسيات شيوعا.

إيطاليا استقبلت في الفترة ما بين كانون الثاني /يناير وشباط/فبراير الماضيين 1342 مهاجرا من بنغلادش. وشهدت عمليات الإنقاذ التي شاركت فيها مالطا وصول حوالي 200 بنغلادشي العام الماضي، معظمهم تم ترحيلهم.  

ولا يحق للمواطنين البنغاليين الحصول على الحماية الدولية، حيث يتم ترحيلهم إلى بلادهم. ومع ذلك، يختار المئات منهم هذا المسار الأكثر خطورة بدلا من الدخول الشرعي، لأنه يمنحهم وصولا أسرع إلى أوروبا، حيث أفاد بعض المهاجرين الذين تم إنقاذهم أن الرحلة بأكملها، من العاصمة البنغالية دكا إلى إيطاليا، قد تستغرق خمسة أيام.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات