في 13 أيار/مايو، أتمت الفتيات الأفغانيات 600 يوما منذ حرمانهن من المدارس، فقد تم استبدال صوت ضحكاتهن وأحاديثهن في أروقة المدرسة بالصمت منذ ذلك الحين. وقد أدى حظر تنظيم “طالبان” التعليم المدرسي على الفتيات في أفغانستان إلى حرمان ملايين الفتيات من حقهن في التعلم وإبقائهن محاصرات في دائرة الفقر واليأس. وهن اليوم محرومات من فرصة التعلم والتطور، ويتعرضن لخطر إجبارهن على الزواج المبكر والعنف. فحظر التعليم على الفتيات لا يشكل مجرد اعتداء على حقوقهن الأساسية، وإنما يشكل مأساة بحق مستقبل أفغانستان. وللتغلب على كل تلك العقبات والمخاوف المستقبلية، لجأت الفتيات الأفغانيات إلى التعلم عبر الإنترنت بالرغم من ندرته وصعوبة الوصول إليه.

عن هذا الموضوع نشرت مجلة “ذا ديبلومات” تقريرا رصده وترجمه موقع الحل نت. فالبرغم من أن إغلاق المدارس والجامعات في وجه ملايين الفتيات الأفغانيات كان له أثرا مدمرا عليهن، إلا أن أملا جديدا انبثق خلال السنوات الأخيرة من خلال ظهور التعلم عبر الانترنت وتوفير الفرص والمنح الدراسية في الجامعات. ورغم ضآلة الموارد المخصصة للفتيات الأفغانيات، إلا أن جزءا صغيرا منهن قادرات على الوصول إلى ما حرمن منه من خلال الإنترنت.

“روشني أي أوميد”، على سبيل المثال، هو برنامج يوفر التعليم عبر الانترنت لفتيات المدارس في أفغانستان. وقد ساهم في منح المجلة فرصة لاستكشاف التحديات التي تواجهها طالبات المدارس خلال حضور الدروس عبر الانترنت في أفغانستان.

تقول “مروة”، طالبة في الصف الحادي عشر ضمن برنامج “روشني أي أوميد”، والتي تتلقى دروسها عبر الانترنت من ولاية قندهار، بأن أحلامها تحطمت مع مرور الوقت وإبقاء مدرستها مغلقة. ولكنها ترى نفسها اليوم محظوظة لحصولها على فرصة حضور الدروس عبر الانترنت. وقد كافحت مروة لمواكبة الدورات الدراسية عبر الإنترنت ووجدت أن التنقل ضمن الفصول الدراسية أمر معقد، إلا أن تصميمها على مواجهة مثل هذه المحن دفعها إلى التقدم. وقصة مروة تمثل شهادة على قوة ومرونة الفتيات الأفغانيات في مواجهة الشدائد، إلا أن عددا قليلا من الفتيات لديهن الفرصة للتغلب على الصعاب في أفغانستان مثلها.

في حين أن التعليم عبر الانترنت وفر شريان حياة حيوي للعديد من الفتيات الأفغانيات المحرومات من الوصول إلى المدارس والجامعات التقليدية، إلا أنه لابد من الإشارة إلى القيود الكبيرة التي تواجههن. فبحسب التقرير، يتطلب التعليم عبر الانترنت الوصول إلى التكنولوجيا الموثوقة وتوفر الاتصال بالانترنت الذي تحتل أفغانستان المرتبة الأدنى على مستوى العالم في توفيره.

علاوة على ذلك، التعليم عبر الإنترنت يؤدي إلى تفاقم التفاوت بين المستويات الحالية للتعليم، حيث لا يمكن للطلاب الذين يفتقرون إلى إمكانية الوصول إلى التكنولوجيا الموثوقة والاتصال بالانترنت المشاركة التامة بالحصص التعليمية. وتأتي عدم المساواة المتفاقمة هذه بسبب انتشار الفقر في أفغانستان، تلك البلد التي انخفض فيها نصيب الفرد من الناتج المحلي من 516 دولارا خلال العام 2020 إلى 368 دولارا في العام 2021، ومن المحتمل أن يكون أقل، في حين أن تكلفة حزمة بيانات الانترنت البالغة 7 دولارات، وهي تعتبر باهظة بالنسبة لغالبية الشعب. والأسعار المرتفعة تشكل حاجزا كبيرا أمام الوصول إلى الموارد عبر الانترنت والفرص التعليمية لغالبية الشعب الأفغاني.

حتى بالنسبة لهؤلاء الذين يمكنهم الوصول إلى التعليم عبر الإنترنت، يشير التقرير إلى أنه هناك صعوبات في الحصول على الفوائد القصوى منه. فنظام التعليم في أفغانستان يعتبر تقليديا للغاية ولا يشمل الكمبيوتر وموضوعات تكنولوجيا المعلومات. ونتيجة لذلك، غالبا ما تفتقر الفتيات الأفغانيات إلى مهارات محو الأمية الرقمية.

كما أن عدد محدود من المنظمات تساعد الفتيات الأفغانيات في الوصول إلى التعليم سواء عبر الإنترنت أو من خلال توفير فرص تعليمية بديلة أخرى. وقد كافح المجتمع الدولي لتقديم دعم ذي مغزى للفتيات الأفغانيات في أعقاب إغلاق المدارس في أفغانستان. والرغم من الجهود المستمرة للدخول في حوار مع “طالبان” حول إعادة فتح المدارس وأهمية تعليم الفتيات، ظلت المدارس مغلقة بحزم لما يقارب من عامين أمام الفتيات الأفغانيات، ولا يزال الوصول إلى الموارد التعليمية والمنح الدراسية عبر الإنترنت ضئيلا ومحدودا للغاية. ويعكس هذا الإخفاق في تقديم الدعم المطلوب في أفغانستان الحاجة الملحة لمواصلة الدعوة والدعم لحقوق الفتيات الأفغانيات في التعليم وتكافؤ الفرص.

واستجابة لأزمة التعليم في أفغانستان، حظيت حملة تويتر التي تحمل هاشتاغ #LetAfghanGirlsLearn بدعم واسع النطاق في جميع أنحاء العالم. وتدعو هذه الحملة إلى إعادة فتح المدارس أمام الفتيات، وكانت بمثابة منصة للأفراد للتعبير عن تضامنهم مع الفتيات الأفغانيات وحقهن في التعليم. ومن خلال لفت الانتباه إلى الأزمة المستمرة في أفغانستان، تؤكد الحملة على الحاجة الملحة لضمان الوصول الفوري للفتيات إلى المدارس والجامعات. وهي تمثل تذكيرا قويا بأن الكفاح من أجل تعليم الفتيات في ظل حكم “طالبان” في أفغانستان لم ينته بعد.

قد يكون للمجتمع الدولي دورا مهما في هذه الجهود من خلال توفير الدعم لتوسيع الوصول إلى الأدوات والموارد الرقمية وتقديم المنح الدراسية والمالية لمساعدة الفتيات على متابعة تعليمهن خلال هذه الفترة الصعبة. وترى “ذا ديبلومات”  بأنه من المهم الحفاظ على حوار مفتوح مع “طالبان” للضغط من أجل إعادة فتح المدارس أمام الفتيات، وضمان حصولهن جميعا على التعليم في المستقبل، حيث لا يمكننا ضمان حصول جميع الفتيات في أفغانستان على التعليم على قدم المساواة إلا من خلال نهج شامل.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات