“قانون الناجيات الإيزيديات” في العراق: هل يمكن حماية النساء من الأعراف المجتمعية التي تعاقب الضحية؟

“قانون الناجيات الإيزيديات” في العراق: هل يمكن حماية النساء من الأعراف المجتمعية التي تعاقب الضحية؟

لم تنته معاناة السبايا الإيزيديات بتحريرهن من قبضة تنظيم #داعش في العراق، فقد توجب عليهن مواجهة الفقر المدقع في مخيمات النزوح، التي لجأن إليها في #إقليم_كردستان، ولاسيما أن غالبيتهن فقدن معظم أفراد أسرهن، إثر هجوم عناصر التنظيم على قضاء #سنجار، في الثالث من آب/أغسطس عام 2014. فضلاً عن التداعيات النفسية العميقة، التي خلفتها فيهن تجاربهن المريرة، ونظرة المجتمع، المحافظ بطبعهِ، إليهن، بوصفهن نساءَ تعرّضن للاغتصاب، أو على الأقل تمّ انتهاك عفتهن.

وهذا ما دفعهن إلى تأسيس شبكة للناجيات، للمطالبة بمساندة منظمات المجتمع المدني المحلية والدولية، والحكومة المركزية في #بغداد، وقد وصلت ممثلات منهن إلى أهم المحافل الدولية، أبرزهن “نادية مراد”، التي أصبحت سنة 2016 سفيرة #الأمم_المتحدة للنوايا الحسنة، وحصلت بعدها بسنتين على جائزة نوبل للسلام.

حراك الناجيات أثمر، بحسب إحداهن، وهي “منال لقمان”، عن مقترح قانون لحماية الناجيات الإيزيديات، رُفع إلى رئاسة الجمهورية العراقية سنة 2015، التي أحالته إلى #مجلس_النواب_العراقي، الذي رفض تمريره. فقامت “لقمان” ورفيقاتها بالمشاركة المكثّفة في جلسات وندوات تعريفية بالقانون، في مختلف مناطق العراق، بحضور قضاة وخبراء قانونيين.

نتج عن هذا مقترح معدّل للقانون، تم تقديمه إلى رئيس الجمهورية العراقية “برهم صالح” سنة 2018، فأحاله إلى مجلس النواب من جديد، الذي أدخل عليه تعديلات عديدة، قبل أن يقوم بإقراره، في جلسة تصويت عُقدت في الأول من آذار/مارس 2021.

بعدها بأسبوع واحد، وفي احتفالية برلمانية بمناسبة اليوم العالمي للمرأة، صادق رئيس الجمهورية العراقية على  القانون، الذي يعدّ الأول من نوعه في العراق.

«هذه ليست إلا خطوة أولى في طريق تعويضنا»، تقول “منال لقمان” لـ«الحل نت»، التي كان عمرها خمس عشرة سنة، عندما اختطفها عناصر داعش من قريتها “تل قصب” في قضاء سنجار، «علينا الآن أن نعمل بجد، للبحث عن باقي المختطفات، ومنع تكرار ما حدث لنا مجدداً».

 

نصر للمكوّن الإيزيدي

“سكفان مراد”، ممثل المكوّن الايزيدي في مكتب رئاسة الجمهورية العراقية، ذكر لـ«الحل نت» أن «قانون الناجيات يشكّل نصراً مهماً للمكوّن الايزيدي، وخطوة هامة لإنصافه مما وقع عليه من ظلم وإبادة جماعية».

وبيّن أن «القانون يضمّ خمس عشرة مادة، أبرزها منح كل ناجية راتباً شهرياً، يصل إلى مليون دينار عراقي (685 دولاراً أمريكياً)، مع قطعة أرض سكنية، لتأمين الملاذ لهن. وتأسيس مديرية لرعاية شؤونهن، يكون مقرها في محافظة #نينوى، بإدارة عامة من المكون الايزيدي. وتتولى هذه المديرية مسؤولية وضع بيانات إحصائية عن أعداد الناجيات، والعمل على منحهن فرص التعليم والعمل، وتأسيس مراكز صحية لرعايتهن وإعادة تأهيلهن، والبحث عن بقية المختطفين، نساءً ورجالاً وأطفالاً، وجمع المعلومات بشأن ما ارتكبه داعش بحقهم من جرائم، والعمل على عدم شمول عناصر التنظيم بأي عفو عام أو خاص».

ويشير “مراد” إلى أن القانون «عدّ ما وقع على الإيزيديين إبادةً جماعيةً، واعتبر الثالث من آب/أغسطس من كل سنة يوماً وطنياً، للتعريف بما وقع على الإيزيديين» .

ويقدّر مكتب انقاذ المختطفين، التابع لرئاسة إقليم كردستان، ضحايا هجوم داعش على المناطق الإيزيدية، بـ1293 قتيلاً، فضلاً عن اختطاف 6417 شخصاً، غالبيتهم نساءٌ وأطفال. وقد تم تحرير 3545 شخصاً منهم، بينما ما يزال مصير 2872 آخرين مجهولاً.

 

فقرات للحماية من داعش والمجتمع في الوقت ذاته

ونبّه المحامي “أكرم سعيد حكمت”، في حديثه لـ«الحل نت»، إلى أن «القانون تضمّن، إلى جانب تجريم داعش وملاحقة عناصره، فقرتين توفران الحماية للناجيات من المجتمع المحيط بهن، وتعاقب من ما يزال متستّراً على اختطاف النساء والأطفال».

وأشار إلى أن الفقرة الثانية من المادة الخامسة عشرة من القانون نصّت على معاقبة «كل من يقوم بالإساءة أو إهانة الناجيات، المشمولات بإحكام هذا القانون، أو استغلالهن بأي شكل من الأشكال، بما يلحق بهن أذى جسدياً أو نفسياً، بالحبس، وغرامة لا تقلّ عن عشرة ملايين دينار عراقي».

ويفسّر المحامي العراقي إيراد هذه الفقرة بضرورة «حماية الناجيات من تجاوزات أفراد من المجتمع، ذي العادات العشائرية المتحفّظة، الذين قد ينظرون إليهن نظرة دونية، بسبب تعرّضهن للعنف الجنسي. فالمجتمع الإيزيدي، وغيره من المجتمعات القبلية في العراق والمنطقة، لا يكتفي بإيقاع العقوبة على الجاني فقط في جرائم الاغتصاب، بل يقوم بمعاقبة الضحية أيضاً».

 

مكونات أخرى إلى جانب الإيزيديين

ويضيف المحامي “حكمت” أن القانون لم يوجّه للمجتمع الإيزيدي فقط، بل لبقية المكونات العراقية أيضاً، فقد نصّ على معاقبة «كل من يحتجز فتاةً أو طفلاً إيزيدياً أو مسيحياً أو تركمانياً أو شبكياً، سبق وأن فقد منذ تاريخ الثالث من آب/أغسطس 2014، ومُنعت عودته إلى ذويه، لأي سبب كان؛ أو لم يبلغ الجهات المختصة بمعلوماته عن الاحتجاز».

وأوضح “حكمت” أن «الفقرة تشير ضمنياً إلى وجود مختطفات يخشين العودة إلى مناطقهن، لكي لا تتم تصفيتهن غسلاً للعار، من قبل ذويهن أو متنفذين في المجتمع. وأيضاً إلى اختلاط الأطفال المختطفين بعائلات أخرى، واعتقادهم أنهم  أفراد منها، فالطفل الذي كان بعمر سنة أو سنتين مثلاً يوم اختطافه، بلغ اليوم ثمان أو تسع سنوات، ولن يعرف أبداً أنه لا ينتمي للعائلة التي يعيش بين ظهرانها، إن لم يتم اعلامه بذلك. وهذا هو تفسير عدم العثور على أطفال إيزيدين مازالوا مفقودين».

يًذكر أن القانون، رغم ارتباط اسمه بـ”الناجيات الإيزيديات”، أشار، في مادته الثانية، إلى أن أحكامه تسري أيضاً على النساء والفتيات من المكونات التركمانية والشبكية والمسيحية، وكذلك الناجين الذكور من المكونات ذاتها.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.