اقتحام قرية “أم الرمان” في السويداء: مقدمة لمواجهة بين الأجهزة الأمنية والسكان المحليين؟

اقتحام قرية “أم الرمان” في السويداء: مقدمة لمواجهة بين الأجهزة الأمنية والسكان المحليين؟

لم تكن حادثة اقتحام دورية أمنية، تابعة للحكومة السورية، لقرية في أقصى جنوب #السويداء، وقتل وجرح عدد من سكانها، بهدف حماية المواطنين وأرزاقهم، أو للقبض على عصابات الخطف وتحرير المخطوفين. فقد كانت في مهمة، كلفّها بها زعيم أكبر عصابة مخدرات في الجنوب، التابعة بشكل مباشر لحزب الله اللبناني، ومن خلفه #إيران.

هذا هو، بحسب كثير من الناشطين المحليين، ملخّص الليلة الدامية، في التاسع والعشرين من آذار/مارس الماضي، في قرية “أم الرمان”، حيث تمت العملية الأمنية الأولى من نوعها، خلال السنوات العشر الأخيرة، لقوات الأمن والشرطة الحكومية، التي اقتصرت مهامها، منذ بداية #الأزمة_السورية، على القبض على المعارضين والمتظاهرين، وقمع المظاهرات السلمية، وإنشاء الحواجز.

وذكر الناشط المعارض “إبراهيم العاقل”، المنحدر من “أم الرمان”، لموقع «الحل نت» أن ما جرى في قريته «عملية مداهمة غير قانونية،  لم تحظ بموافقة النيابة العامة، ولم يتم إبلاغ مختار القرية بها، حسب الإجراءات المعمول بها قانوناً، ما يجعلها عملية إرهابية بحق، فضحت العلاقة المريبة بين الجهات الأمنية والعصابات المسلحة، القائمة على الشراكة في تهريب المخدرات عبر الحدود الأردنية»، حسب تعبيره.

الناشط يتحدث عن عصابة “ناصر السعدي” وعلاقتها بالأجهزة الأمنية، ودورها في تخطيط وتنفيذ العملية. فما قصة هذه العصابة؟

 

من هو “ناصر السعدي”؟

برز اسم “السعدي” ووالده “فيصل”، في منطقة #صلخد جنوبي السويداء، بعد تشكيلهما لأكبر عصابة مخدرات في المنطقة، وتحالفهما مع ميلشيا “مهران عبيد”، التي يقوم #حزب_الله اللبناني بتدريب عناصرها.

وبحسب الناشط الإعلامي “حمزة المعروفي” فقد «تخلّص “السعدي” و”عبيد” من أكبر عائق أمام تهريب المخدرات في السويداء، بعد تصفية “قوات شيخ الكرامة”، التابعة لـ”ليث البلعوس”، ابن الشيخ “وحيد البلعوس”، في مدينة صلخد. عملية التصفية هذه، التي تمت في نيسان/إبريل 2020، جاءت ثأراً لمقتل “أحمد ياسين”، أحد أهم تجار المخدرات في الجنوب، بأيدي مقاتلي “شيخ الكرامة”. وبعد الخلاص منهم، بإشراف مباشر من عناصر حزب الله، وبدعم من فرع الأمن العسكري في صلخد، صار الطريق إلى #الأردن مفتوحاً، وتصاعدت عمليات تهريب المخدرات، لدرجة يضطر فيها حرس الحدود الأردني لخوض حرب يومية ضد مهربي السويداء، ولكن دون نتيجة».

الناشط المدني “عدنان. ع”، يتحدث لـ«الحل نت» عن «غطاء عسكري، يوفره “مهران عبيد”، بدعم حزب الله، لمهربي المخدرات بقيادة “ناصر السعدي”. وتمتد شبكة التهريب من المنطقة الغربية في السويداء، وحتى قرية “الغارية” أقصى الجنوب الشرقي للمحافظة، بالاعتماد على سيارات “جيب” قادمة من #لبنان، أو مسروقة من مناطق مختلفة في سوريا، وتسهيلات على أعلى مستوى، يقدمها قادة الفروع  الأمنية السورية».

ويتابع الناشط، الذي رفض نشر اسمه الكامل: «في كل قرية حدودية يوجد أشخاص يتعاملون مع “السعدي”، وغيره من زعماء العصابات، نظراً لسوء الأحوال المعاشية لقرى الجنوب».

 

“الهيب”: قصة معارض لم يُقتل بمظاهرة

أما حادثة “أم الرمان” فهي، بحسب “عدنان. ع”، «تصفية حسابات بين العصابات ليس إلا،  ففي هذه القرية الهادئة، التي لم يتورّط أبناؤها في عمليات التهريب والخطف، يوجد عدد من الأشخاص، لا يتجاوزون عدد أصابع اليد الواحدة، يعملون مع المهربين في الخفاء، وربما دخلوا في منافسة مع عصابة “السعدي”، وأصبح بينهم وبينها ثأرٌ ما، لا علاقة لسكان القرية به، لذلك أصيب الأهالي بصدمة كبيرة، عندما هاجمت دورية مشتركة، من قسم الأمن العسكري وشرطة المنطقة، القرية الآمنة، مزوّدة بثلاث سيارات محمّلة بمدافع دوشكا، وصارت تستهدف بيوت المدنيين دون تمييز، فحاول بعض الشبان العزّل اعتراض طريق السيارات، لمعرفة دوافع الحملة، متوقعين أن خطأ ما يحصل، أو أن عصابتين غريبتين قد اشتبكتا في قريتهم، لكن قائد الدورية كان يعطي أوامره بالضرب في كل الاتجاهات، ما أدى لمقتل “أسعد البربور”، الملقب بـ”الهيب”، وهو من أكثر الشباب شهرة في المنطقة الجنوبية، ومعروف بحماسه، واشتراكه بالمظاهرات السلمية، التي تدعو للحرية».

أحد أقارب “البربور”، الذي رفض ذكر اسمه، قال لموقع «الحل نت»، إن «نخوة “الهيب” هي التي قتلته، فقد أصيب بجراح قاتلة، نتيجة محاولته حماية قريته من الانتهاك، كما أصيب شقيقه، الذي اختطفته الدورية، ورمته أمام مشفى صلخد، ثم احتجزته بوصفه مجرماً. وقد رحلت الدورية بعد أن واجهت غضب الأهالي، الذين تحركوا لإسعاف الجرحى وملاحقة المعتدين».

ويضيف: «”أسعد البربور” كان يتمتع بسمعة حسنة، ويساعد الفقراء والأطفال، وبعد وفاته تحوّلت جنازته لعرس، وقام  المواطنون، من دار الطائفة الدرزية، وبدعم المشايخ، بإنذار السلطات ثلاثة أيام لتحقيق العدالة، التي لا أعتقد أنها ستتحقق، طالما أن الفروع الأمنية تمتثل للعصابات، وتلاحق الشرفاء، بعيداً عن القانون»، حسب تعبيره.

 

تحويل السويداء إلى غابة إجرام

المحامي “أ.د”، من سكان المنطقة، قال لـ«الحل نت» إن «حادثة “أم الرمان” كانت حلقة من سلسلة طويلة، هدفها شيطنة السويداء، وتحويلها إلى غابة من الفوضى. وقد جاءت بعد حادثة إهانة “حكمت الهجري”، شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز، من قبل العميد “لؤي العلي”، رئيس فرع الأمن العسكري للمنطقة الجنوبية، رغم أن الشيخ موالٍ للحكومة السورية».

ويواصل حديثه بالقول: «نجحت الأجهزة الأمنية بتحويل السويداء إلى منطقة معزولة، يسودها الإجرام بكل أنواعه، انتقاماً منها، لأن شبابها امتنعوا عن الالتحاق بالخدمة العسكرية، ورفضوا أن يساهموا بقتل إخوانهم السوريين من بقية الطوائف، بعد قرار مفصلي من الشيخ “وحيد البلعوس”، مؤسس حركة #رجال_الكرامة، الذي دفع حياته ثمناً لمواقفه، وتبع ذلك اختطاف “شبلي جنود”، أمين فرع #حزب_البعث في السويداء، وتغييبه حتى اللحظة، لأنه كشف للناس حقيقة اغتيال “البلعوس”، والجهات المتورطة فيه».

ورغم أن نشاطات العصابات ما تزال مستمرة في المنطقة، وكذلك تغوّل الفروع الأمنية، إلا أنه من الواضح أن حالة النقمة بين الأهالي لن تخمد بسهولة، فـ«المهلة التي منحها سكان “أم الرمان” للقصاص من القتلة قد تنتهي بلا طائل، لكن الحدث سوف يؤسس لمقاومة جديدة، ضد السلطات والعصابات والميلشيات الموالية لإيران في المنطقة»، هذا ما يتفق عليه معظم من قابلهم موقع «الحل نت» من الناشطين والأهالي.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة