القريا على شفير اشتباك طائفي جديد: ماذا تستفيد روسيا وإيران من الحرب بين المزارعين والبدو في السويداء؟

القريا على شفير اشتباك طائفي جديد: ماذا تستفيد روسيا وإيران من الحرب بين المزارعين والبدو في السويداء؟

عاد ملف بلدة #القريا جنوب غربي #السويداء إلى الواجهة من جديد، منذراً بوقوع حرب طاحنة، تغذيها جهات تابعة لإيران من جهة، وأخرى تابعة لروسيا، التي لم تستطع حتى اللحظة حل مشكلة عشائر البدو، والأراضي الزراعية التي يقطنون قربها، وسط استنفار سكان البلدة، وانخراطهم بتشكيلات عسكرية مختلفة التوجهات.

ظهرت مشكلة عشائر البدو، القاطنين في الأراضي الغربية لبلدة القريا، مع بداية #الأزمة_السورية، حين اضطر سكان البلدة من البدو الرحيل منها، لـ«أسباب أمنية»، حسب تعبير كثير منهم، وسكنوا في خيام قريبة من بيوتهم في القريا، بانتظار العودة، ثم انضمت إليهم عشائر أخرى من محافظة #درعا، ومن منطقة #اللجاة، كانت قد خسرت بيوتها، بعد حملة #القوات_النظامية و”قوات النمر” على درعا عام 2018. لكن أفراداً من هؤلاء النازحين انخرطوا بالأحداث سريعاً، وانضموا إلى عصابات الخطف وتهريب المخدرات، التي تشكّلت أساساً في القريا برعاية #حزب_الله اللبناني، واستقطبت شباناً من الدروز والبدو معاً. فضلاً عن انضمام بعض النازحين للواء الثامن من #الفيلق_الخامس، الموالي لروسيا، ومقره مدينة #بصرى الشام، الملاصقة شرقاً لبلدة القريا.

هذا الوضع شديد التعقيد، إضافة لاتهام بعض أهالي البلدة للنازحين البدو بانتهاك أراضيهم بقطعان الحيوانات التي يربونها، أدى لتوتر اجتماعي كبير، مرشح للانفجار في أية لحظة.

 

فشل جهود المصالحة

“سهام”، ناشطة مدنية تعيش في البلدة، اكتفت بذكر اسمها الأول، تحدثت لموقع «الحل نت» عن «حالة القلق اليومي بين أهالي القريا من احتمال اندلاع حرب بين عشائر البدو وفصائل البلدة، ما يذكّر بالاشتباكات، التي اندلعت سابقاً، بين بلدتي القريا وبصرى، وخاصة أن كل محاولات الحل والتهدئة باءت بالفشل، بسبب تدخّل جهات خارجية، مرتبطة بروسيا وإيران، والأجهزة الأمنية التابعة للحكومة السورية، وفروع حزب البعث»، حسب تعبيرها.

وتلخّص الشاهدة على الأحداث سير التدخلات الخارجية، التي ذكرتها، بالقول: «كان “لؤي الأطرش”، أمير بلدة “عرى”، وعرّاب المصالحات الأهلية في محافظة السويداء، قد توصّل، خلال الأسابيع الماضية، لاتفاق مع مركز المصالحة الروسي، يقضي بعودة عشائر البدو، المنحدرين من القريا، إلى بيوتهم، باستثناء الذين تلطّخت أيديهم بالدماء، وتعويض المزارعين المتضررين، فضلاً عن عودة عشائر البدو، التي لا تنتمي  إلى القريا، إلى أماكن استقرارها السابقة. وتتابعت اللقاءات في “دارة عرى”، وفي فرع أمن الدولة، لبحث التفاصيل الصغيرة للمصالحة، وتمّ الاتفاق على لقاء نهائي في #دمشق، بمركز المصالحة الروسية، يوم الخميس الثاني والعشرين من نيسان/إبريل الماضي، بحضور وفدين من العشائر وأهالي البلدة، لكن المفاجأة كانت امتناع وفد القريا عن الذهاب إلى دمشق، احتجاجاً على موافقة #روسيا على عودة كل عائلات البدو إلى القريا، بما فيها العائلات، التي يُتهم أفراد منها بقتل مواطنين من البلدة».

وتتابع الناشطة أن «هذه التطورات جاءت بعد أيام على تدخّل “فوزات شقير”، أمين فرع #حزب_البعث، المنحدر من القريا، واجتماعه مع عدد من أقاربه في البلدة، ورفعه كتاباً للقيادات السياسية في دمشق عن القضية، أدى لخلط الأوراق من جديد. علماً أن كثيراً من أهالي القريا يتهمون “شقير” بتفضيل أقربائه، الذين يتبعون لفصيل مسلح، يشتغل أساساً بتهريب المخدرات مع حزب الله».

 

إيران وراء عرقلة المصالحة، والهدف درعا 

«في الخامس من نيسان/إبريل الماضي، جاء “رشيد سلوم”، مسؤول ميلشيا #الدفاع_الوطني عن المنطقة الجنوبية إلى القريا، للاجتماع بفلاحيها، وهذا الاجتماع كان السبب الرئيسي وراء عرقلة أي جهود للحل حتى اللحظة، بل صعّد الأمور باتجاه الحرب»، كما يؤكد قائد فصيل محلي في القريا لموقع «الحل نت».

ويتابع المصدر، الذي اشترط عدم نشر اسمه: «أعطى “سلوم” في الاجتماع مهلة ثلاثة أيام للتوصّل لحل نهائي، وصعّد لهجته ضد “أحمد العودة”، قائد اللواء الثامن من الفيلق الخامس في درعا، وقال إنه جاهز للقتال، وما على شبان القريا سوى فتح المعركة، إذا استدعت الحاجة ذلك».

حديث قائد الفصيل المحلي يؤشّر على أن ميلشيا الدفاع الوطني، الموالية لإيران، تحاول استغلال الخلاف الأهلي بهدف ضرب الفيلق الخامس في درعا، ما يندرج في فصول الصراع الإيراني-الروسي في الجنوب السوري.

وانتشرت في القريا، بعد زيارة “السلوم”، أنباء عن مبالغ ضخمة، وُزّعت على مقاتلين من البلدة. كما تم الإعلان عن تشكيل فصيل مسلح جديد،  قال قائده “وائل الخطيب” إنه «مموّل من المغتربين لحماية البلدة». فيما ظهر فصيل كبير مضاد، بإمكانيات مادية كبيرة وأسلحة حديثة، يبدو أنه أقرب للروس.

 

فصائل القريا وتبعياتها الداخلية والخارجية

«مع بداية الموسم الزراعي الحالي، اشتكى مزارعو القريا من تعديات رعاة الأغنام البدو على حقولهم، وتصاعد هذا الأمر ليصل إلى اشتباك يومي بالرصاص الحي، بين الرعاة والفلاحين، ما أدى لسقوط عدد من الضحايا، واتلاف المحاصيل، ورغم كل ذلك التزم اللواء الثامن من الفيلق الخامس ببنود المصالحة بين القريا وبصرى، ولم يتدخّل بالاشتباكات، وبقيت نقطة المراقبة التابعة له في القريا، التي تم الاتفاق عليها ضمن بنود المصالحة، على الحياد. لكنّ عناصر ميلشيا الدفاع الوطني اشتركوا في غالبية الاشتباكات التي حصلت مع البدو»، كما يوضح الناشط المدني “سائر علم الدين” لموقع «الحل نت».

ويتابع “علم الدين”: «فصيل “القطاع التاسع”، التابع للدفاع الوطني، بقيادة “عماد الزاقوت”، هو الأكبر في البلدة، ويضمّ مئتين وأربعين شاباً، يمتلكون أسلحة متوسطة وسيارات “دوشكا”، وقد تحالف الفصيل، بشكل مفاجئ، مع مجموعة مسلّحة، تسمي نفسها “غيارى القريا”، وتضم أربعة وخمسين عنصراً، مزودين بأسلحة متوسطة أيضاً».

أما أكثر ميلشيات البلدة إثارة للجدل، بحسب الناشط المحلي، فهي «ميلشيا تتمتع بحماية الأمن العسكري وحزب الله، بزعامة “مهران عبيد”، ونائبه “أيهم شقير”، وتمتلك أسلحة متطوّرة، مثل الصواريخ المحمولة، وكانت لها اليد الطولى في القضاء على فصيل “قوات شيخ الكرامة” في #صلخد، الذي كان حجر عثرة على طريق تهريب المخدرات».

ويشير “علم الدين” إلى أن «تحركات الفصيل الأخيرة توحي بأنه تلقى تعليمات لتخريب أي اتفاق مع عشائر البدو، وجرّ المنطقة لحرب شاملة مع اللواء الثامن في درعا».

إلا أنه في ليل الثالث والعشرين نيسان/إبريل الماضي انتشر فيديو لفصيل يسمي نفسه “مجموعة شباب القريا”، مكوّن من مئة وعشرين مقاتلاً، يقودهم شيخ شاب يدعى “ربيع أبو زهرة”، ركّز على «حماية الأرض من كل اعتداء، ومنع الفتن، وكشف المؤامرات، والتصدي لكل من يحاول أن يزرع الشقاق في المنطقة، والحفاظ على الجار والجوار، وعدم السماح للغرباء بالعبث بالسلم الأهلي».

واعتبر كثيرون هذا البيان عالي النبرة رداً على كل من يحاول أن يشعل حرباً بين درعا والسويداء، فهل يمكن التعويل على ميلشيا تحمل شعارات السلم الأهلي، في مواجهة ميلشيات أخرى تدفع باتجاه الحرب الطائفية؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.