الأقلية الشبكية في العراق: هل أصبح الانخراط في الحشد الشعبي الأسلوب الأمثل للحفاظ على هوية إثنية طال الصراع حولها؟

الأقلية الشبكية في العراق: هل أصبح الانخراط في الحشد الشعبي الأسلوب الأمثل للحفاظ على هوية إثنية طال الصراع حولها؟

يقلّدون العرب في لباسهم، ويشبهون الكُرد كثيراً في لهجتهم، وليسوا عرباً أو كُرداً في الوقت ذاته، إنهم الشبك العراقيون، الذين احتفلوا لأوّل مرةٍ في تاريخهم بيوم الثقافة الشبكية، في الثاني عشر من نيسان/إبريل 2021، في الوقت الذي يعايشون فيه صراعاً قومياً وطائفياً، وتنقسم قواهم السياسية على عدة محاور سياسية، إقليمية ودولية.

عموماً يتوزّع أبناء المكوّن الشبكي على أطراف محافظة #نينوى شمالي العراق، ويُقدّر عددهم، حسب إحصائيات غير رسمية، بنحو أربعمئة وخمسين ألف نسمة، ويعتنقون المذهب الإسلامي الشيعي، مع وجود أعداد قليلة منهم على المذهب السُني. ويسكنون نحو أربع وستين قرية في منطقة سهل نينوى، وقد استطاعوا، خلال السنوات الماضية، أن يحققوا لأنفسهم تواجداً داخل قبّة #البرلمان_العراقي، عبر نائبين اثنين.

وجود الشبك في السياسة العراقية لا يقتصر على التمثيل البرلماني، بل لهم حضور مهم ضمن الميلشيات العراقية، خاصة عبر “اللواء 30” في #الحشد_الشعبي، الذي يُعرف باسم “لواء الشبك”، ويتهمه كثيرون بالتورّط في انتهاكات عديدة، والمساهمة باستهداف قوات #التحالف_الدولي ضد الإرهاب في العراق.

الصّراعات القومية والمذهبية رافقت الشبك منذ قرون، فالكُرد ينسبونهم إليهم، ويعتبرونهم من القومية الكردية، بينما يرفض كثير من الشبك، خاصة الأكثر التزاماً بالمذهب الشيعي، القومية الكردية، ويرفعون شعار القومية الشبكية المستقلة.

 

تميّز الشبك

“د.سعد سلوم”، خبير التنوّع العراقي، أكد، في حديثه لـ«الحل نت»، أن «الشبك إثنية متميزة، يمكن عدها إحدى الاقليات القومية في العراق، إذا طبقنا معياراً، يتكوّن من أربعة محددات أساسية للأقلية القومية: الأول تأسيسي، يتعلّق بالوجود الجغرافي المميز للأقلية؛ والثاني لغوي، أي وجود لغة مستقلة؛ والثالث ديني؛ والرابع ثقافي، وكل هذه المحددات متوفرة بشكل واضح لدى الشبك».

ويرى “سلوم” أن «لغة الشبك متميّزة عن لغات جيرانهم، وتمتلك مفرداتها وأسلوب نطقها الخاص، حتى لو احتوت على مفردات من لغات أخرى، مثل العربية والكردية والفارسية والهندية والتركية، وبالطبع هذا أمر شائع في تكوّن وتطوّر اللغات».

ويوضح الخبير في شؤون الأقليات أنه «بالرغم من أن الشبك مسلمون شيعة بأغلبيتهم، إلا أنه توجد في طقوسهم مسحة من التأثر بالطريقة الصوفية البكتاشية، وبذلك يعدّ اعتقادهم الديني ذي بصمة إثنية خاصة، تتعلق بميراث طقوسي عرفاني/صوفي، يميّزهم عن الأغلبية المسلمة السنية، العربية والكردية؛ وعن الطائفة الشيعية العربية، التي يشاركونها الانتماء المذهبي».

 

صراع قومي

“قصي عباس”، عضو #مجلس_النواب_العراقي عن كوتا الشبك، أكد بدوره لـ«الحل نت» أن «الشبك ليسوا بكُرد، ولغة الشبك وإرثهم الحضاري ولغتهم وزيّهم وفلكلورهم وديمغرافيتهم تختلف جذرياً عما هو موجود لدى الكُرد، وأي مكون عراقي آخر، وخصوصيتهم واضحة ولا جدال فيها».

إلا أن الصحفي العراقي “مهند بشير” لديه رأي معاكس، إذ شدد، في حديثه لـ«الحل نت»، على أن «الشبك كُردٌ أصلاء، وهذا الأمر غير قابل للنقاش، ولكنّ الصراعات السياسية والطائفية ساهمت في تفكيك المجتمع الشبكي، وقد عملت الأحزاب والتيارات الدينية، خاصة الشيعية الموالية لإيران، على استقطاب الشبك، وإثارة الخلاف بين صفوفهم، لدرجة أنها فككت الأسرة الواحدة، وهذا الأمر ساهم في تشتيت أصوات الشبك، خلال الانتخابات الماضية».

ويضيف “بشير” أن «مقعد كوتا الشبك في البرلمان العراقي أصبح يدخل ضمن الصفقات السياسية بين القوى السياسية الكبرى، ما حرم المكوّن الشبكي من حقوقه، وجعل ممثليه غير مهتمين بتقديم أية خدمة لمناطق سكن الشبك في محافظة نينوى، وإنما يسعون دائماً لتحقيق مصالح القوى التي تدعمهم».

وأرجع الصحفي العراقي الخلاف السياسي بين الشبك الى ثلاثة عناصر، هي «المال السياسي والأرض والسلطة، وهذه العناصر الثلاثة تمتلكها المليشيات المسيطرة على سهل نينوى، ومنها لواء الشبك في الحشد الشعبي، الذي ينفذ الأجندة الإيرانية على أكمل وجه، وافتتح عدة مشاريع تابعة لإيران، مثل المدارس والمراكز الدينية».

 

التدخّل الإيراني

النائب “قصي عباس” نفى سيطرة إيران على القرار السياسي للشبك، مؤكداً أن هذا القرار «نابع من تطلعات ورؤى أبناء هذا المكوّن، واتباع غالبية الشبك للمذهب الجعفري الإثني عشري لا يعني تبعيتهم السياسية لأي دولة أو جهة».

ولا يخفي النائب الشبكي وجود صراعات سياسية حول المكوّن الشبكي: «نعم، كانت و ما تزال هناك صراعات سياسية حول الأقليات بشكل عام، والشبك بشكل خاص، والهدف هو الاستحواذ على أراضيهم، وتذويب وصهر هويتهم في هويات أخرى».

إلا أن “مهند بشير” أكد أن «قادة الفصائل المسلّحة الشبكية لديهم اتصال مباشر مع السفير الإيراني في العراق، الذي أكد أكثر من مرة أن بلاده مستعدة لتنفيذ كل ما يطلبه الشبك. كما أن لقاء بعض شيوخ الأقلية، الذين يدّعون تمثيل سهل نينوى، بالسفير الإيراني، دليل آخر على ولاء القوى السياسية الشبكية لإيران».

وتساءل “بشير” عن موقف #الحكومة_العراقية من هذه العلاقة بالقول: «هل السفير الإيراني يمثّل الدولة العراقية، كي تذهب إليه وفود الشبك، طالبةً تنفيذ مشاريع تنموية معينة؟»، مضيفاً أن «العناصر، التي تعمل ضمن الميلشيات الشبكية، لا تهتم سوى بمصالحها الشخصية، ولذلك ورّطت الشبك بعلاقة مضرّة مع إيران. وبات أي مسلّح شبكي، يرغب بتأسيس ميلشيا جديدة، يذهب إلى السفير الإيراني، ويحصل على ما يريد».

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.