بدأ مسلسل انهيار قيمة #الليرة_السورية، منذ 2011، لأن مسببات دعم #العملة السورية، بدأت تنسحب من المشهد الاقتصادي بهدوء وعلى مراحل متعددة وارتبطت بتوقف عجلة الإنتاج لكثير من المنشآت الاقتصادية.

إذ زادت واردت #سوريا على حساب صادراتها، وبالتالي عجز ميزانها التجاري، وترافق ذلك مع نفاد الاحتياط النقدي من “مصرف سوريا المركزي”.

بالإضافة إلى أن العقوبات #الاقتصادية الغربية، وبخاصة بعد تفعيل قانون (#قيصر) أسهمت في سلسلة الارتفاعات الكبيرة بسعر الصرف، وأدت إلى انخفاضات متتالية في قيمة العملة السورية.

و كان الشعب السوري هو الحلقة الأضعف في هذه المعادلة، بعد تآكل قوته الشرائية، في ظل تضخم جامح وكريه يسيطر على السوق المحلي ويفرض إيقاعه الصريح على مشهد سنوات #الحرب في سوريا.

ما أسباب تراجع القدرة الاقتصادية والإنتاجية لسوريا؟

وبما أن الاقتصاد السوري، دخل في مرحلة استثنائية وحرجة مع بداية عام 2011 ، إلا أن مراحل انهيار الليرة السورية، لا يمكن أن تحصر في عام محدد، بل القضية تمتد لسنوات سابقة.

من حيث تراجع القدرة الاقتصادية والإنتاجية للدولة السورية، وخروج جزء كبير من الإنتاج الزراعي بشقيه النباتي والحيواني من العملية الإنتاجية، وزيادة الطلب على القطع الأجنبي من احتياطي المركزي.

بالإضافة إلى تراجع إيرادات القطع الأجنبي من القطاعات الخدمية وأبرزها قطاع السياحة الذي توقف نهائياً في السنوات العشر الماضية.

وذلك باستثناء السياحة الدينية التي كانت تقتصر على الإيرانيين وزياراتهم للمقدسات الدينية في ضواحي العاصمة السورية #دمشق

كما أن الأزمة الاقتصادية في #لبنان بعد إغلاق مصارفها وتوقفها عن الدفع بالدولار، أسهمت في تراجع قيمة الليرة وزيادة الطلب على الدولار.

ولم يكن بمقدور “مصرف سوريا المركزي”، تلبية احتياجات السوق المحلي، بعد ابتعاد التجار عن التعامل بالليرة السورية، وفي ظل هذه الأجواء الاقتصادية غير المستقرة وكثرة المضاربة بالنقد، ونشطت السوق السوداء، وحدثت الاختلالات النقدية والاقتصادية التي أثرت مباشرة على العملة السورية.

التسلسل الزمني لتراجع قيمة الليرة السورية

مرّت العملة السورية خلال السنوات العشر الماضية بمراحل ومحطات عديدة عكست التسلسل الزمني والدراماتيكي لتاريخ تراجع قيمتها.

منذ عام 2011، الخط  البياني لليرة السورية، في تراجع سريع، سعر صرف بلغ 48 ليرة لكل دولار في نهاية عام 2010، ولم يغلق عام 2011 أبوابه حتى بلغ سعر الصرف الدولار الواحد 59 ليرة سورية، أي بخسارة 19%.

واستقبلت سوريا عام 2012 بمزيد من الخسائر الاقتصادية، ووصل سعر صرف الدولار الواحد في نهاية عام 2012 لحاجز الـ 70 ليرة أي بانخفاض يقدر بنحو 50%.

وفي عام 2013، كانت أحداثه مفصلية، وأبرزها كانت التهديدات الأمريكية بضربة عسكرية التي نتج عنها، تهريب الكثير من الأموال إلى الخارج، فبعد أن كان سعر الصرف في آذار للدولار الواحد 120 ليرة.

ارتفع إلى 240 ليرة لكل دولار في تشرين أول 2013، ليتدخل البنك المركزي في السوق ويسمح ببيع الدولار لشركات الصرافة حتى تبيعها للمواطنين.

ووصل في نهاية 2013 سعر صرف الدولار إلى نحو 163 ليرة سورية، ولم تصمد إجراءات البنك المركزي، بل ظل سعر الدولار يرتفع ويهبط، ووصلت قيمة الليرة في نهاية عام 2014 إلى 218 ليرة مقابل الدولار.

وخلال 2015 استمر هبوط الليرة وتضاعفت الأسعار بنحو 700 % وربما أكثر في عموم أرجاء البلاد.

ولم يغلق عام 2015 أبوابه حتى تجاوز الدولار حاجز 380 ليرة، أما في عام 2016 شهد انخفاضا كبيراً لقيمة الليرة ووصل حدود 650 ليرة لكل دولار.

وبدا واضحاً ملامح الانهيار الاقتصادي، بعد الخسائر العسكرية للحكومة السورية على الأرض، وخروج الكثير من المناطق التي كانت تحت سيطرتها.

وبعد تدخل القوات الروسية بشكل مباشر إلى جانب قوات الحكومة السورية، لم يحصل أي انخفاضات تذكر على قيمة الليرة، إلا بعد تدخل المصرف المركزي مرة ثانية في شهر حزيران من عام 2016 وعاد الدولار إلى حاجز الـ 400 ليرة.

لكنه أيضاً لم يصمد طويلاً، وعاود الارتفاع ليصل في بداية تموز 2016 إلى حاجز 490 ليرة، وفي عام 2017، بقي أقل من 500 ليرة.

قبل أن يتحسن أيضاً في عام  2018  ويسجل بين 445 و420 ليرة للدولار الواحد، إلا أنه سرعان ما ارتفع  في الربع الأول من العام 2019 ليصل إلى 550 ليرة للدولار الواحد، وسط ظروف اقتصادية ومعيشية صعبة جداً.

ولم يصمد هذا السعر طويلاً ووصل الى مستويات قياسية في شهر كانون الأول من عام 2019 وتجاوز 920 ليرة سورية، ومع دخول 2020 بدأ سباق تدهور الليرة السورية بطريقة تراجيدية سريعة.

حيث انخفضت قيمة الليرة بشكل ملحوظ ووصل سعر الدولار إلى 1300 ليرة، ليتبعها انخفاضات متتالية حتى بلغ قيمة كل دولار نحو 3000 ليرة.

وبحسب موقع “الليرة اليوم” الذي يتابع حركة العملة السورية مقابل العملات الأجنبية، سجل سعر صرف الليرة السورية في دمشق في 17 آذار الحالي نحو 4730 ليرة سورية، لقاء الدولار الواحد.

بالمقابل وفي منتصف شهر نيسان  لامس الدولار 3175 ليرة سورية، ليعاود الانخفاض ويتراوح سعر الليرة مقابل الدولار ما بين 2950 و3100.

وأرجع مصرفي يقيم في سوريا  ” طلب عدم ذكر اسمه” التعافي الذي طرأ على الليرة السورية في الوقت الحالي، أنه «عبارة عن فقاعة مؤقتة، حيث ستنخفض قيمة الليرة بعد الانتخابات الرئاسية، رغم الإجراءات الأخيرة التي اتخذتها السلطات النقدية في سوريا من رفع سعر قيمة الحوالات بما يقارب السوق السوداء، خلال أقل من شهر».

ويتساءل المصرفي كيف يمكن أن تتحسن قيمة الليرة السورية؟، وأسباب دعمها الرئيسة غائبة عن المشهد الاقتصادي كتوقف عجلة الإنتاج في سوريا منذ أكثر من ثمانية أعوام، وانحسار إيرادات السياحة والقروض الخارجية ولم يطرأ على الاقتصاد أي تغيير يذكر، علاوة على ذلك استنزاف الدولار على الواردات، وغياب القطع الأجنبي من الصادرات والتي تصب فقط في الخضروات وجزء من الثروة الحيوانية.

ما الإجراءات التي اتخذتها السلطات النقدية في سوريا  للحد من تدهور الليرة؟

تحاول السلطات النقدية في سوريا اتخاذ حزمة من الإجراءات للحد من تدهور الليرة السورية، إلا أن هذه الإجراءات لا تتبع خطة محددة، بل إن المتابع لها يرى مدى العشوائية في أي قرار يتخذ.

سابقاً شددت السلطات على السحوبات المصرفية والتحويلات الداخلية، وقيدت حركة السيولة في الداخل، لوقف اكتناز الدولار علاوة على  ممارسة الضغط  على شركات الصرافة، ومحاولة الاستفادة من تحويلات المغتربين، من خلال الفروقات السعرية ما بين السعر الحقيقي للدولار في السوق السوداء.

وفي محاولة من السلطات النقدية لضبط سعر صرف الدولار مقابل الليرة حاولت السلطات النقدية السورية في نيسان الماضي بتصدير قرار بيع القطع الأجنبي (الدولار على وجه الخصوص) لمن يحتاجه من التجار والصناعيين لتمويل مستورداتهم، على أن تتم عملية البيع عن طريق شركات الصرافة ، بسعر 3375 ليرة سـورية للدولار الواحد.

تبعها إعلان شركتي “الفاضل للصرافة” و”المتحدة للصرافة” عن عمليات بيع آجل للدولار الأمريكي للتجار والصناعيين عبر شرائح خلال شهر #رمضان، بحسب ما نشرته غرفة تجارة حلب، في 11 من نيسان.

وجاءت عمليات البيع للشريحة الأولى من 1 إلى 10 رمضان بسعر 3250 للدولار الواحد، وللشريحة الثانية من 11 إلى 20 رمضان بسعر 3100 للدولار الواحد، على أن تكون الشريحة الثالثة من 21 إلى 30 رمضان بسعر 2900 للدولار الواحد، شريطة أن يتم تثبيت الشراء الآجل وتسديد المبلغ كاملًا بشكل نقدي بالليرة السورية للفترات الثلاث من 1 إلى 5 من رمضان.

فما أثر هذا القرار على الأسعار في الأسواق؟

مدير الأسعار في وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك في الحكومة السورية “علي عقل ونوس” أوضح في تصريح صحفي سابق أن القرار يأتي كانعكاس على الأسعار في السوق ويضفي هذا القرار نوعاً من الاستقرار في السعر.

وتحاول السلطات النقدية في سوريا جاهدة في تثبيت سعر الصرف، بينما النتائج على الأرض لا تتعدى حدود الشكل والمعالجات الإسعافية، والتي لم تتناول الجوهر الرئيسي، لمشكلة السياسة النقدية و ربطها بصورة التنمية المستدامة.

كما إن أسباب ارتفاع سعر الصرف وانخفاض القيمة الشرائية لليرة السورية يكمن في الاختلال الهيكلي في المؤشرات الاقتصادية، كالتضخم وميزان المدفوعات والاحتياطات الأجنبية والعجز في الموازنة العامة، إضافة إلى خلق نقود جديدة عبر التمويل بالعجز واستمرار الحرب دون أي أفق للحل.

وفي حال استمر الوضع على وضعه الحالي، مع عدم معالجة تلك المؤشرات بطرق صحيحة، فإن سعر صرف الليرة معرّض للارتفاع مع مزيد من النزيف في القيمة الشرائية لليرة السورية.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.