وسط التضامن العالمي مع الفلسطينيين: هل ابتعد العراقيون عن “القضية” بعد ممارسات نظام صدام حسين والميلشيات الموالية لإيران؟

وسط التضامن العالمي مع الفلسطينيين: هل ابتعد العراقيون عن “القضية” بعد ممارسات نظام صدام حسين والميلشيات الموالية لإيران؟

استعادت القضية الفلسطينية بريقها على الصعيد العالمي، بعد أن بدأت #إسرائيل بإخلاء سكان حي #الشيخ_جراح في مدينة #القدس، المُتنازع عليها، منذ عقود طويلة، بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وتطورت الأحداث لحرب جديدة، وتبادل لإطلاق الصواريخ، بين الجيش الإسرائيلي وحركة #حماس، المدعومة من #إيران، قبل أن يتوصل الطرفان لتهدئة، دون شروط واضحة.

هذا الصراع انتقل من أرض الواقع إلى فضاءات التواصل الاجتماعي، وأدى إلى اختلاف كبير في وجهات النظر بين العراقيين، الذين انقسموا بين داعم للحراك الفلسطيني، وآخرين يرفضون الحرب من أساسها، وأقلية دعمت الموقف الإسرائيلي.

ورغم تجذّر القضية الفلسطينية في وجدان العراقيين، الذي تربوا، خاصة في عصر نظام صدام حسين، على شعارات تحرير فلسطين، إلا أن ممارسات النظام السابق، ومن ثم خضوع البلاد لسيطرة الميلشيات الموالية لإيران، التي تدّعي بدورها الحرص على القضية، جعل كثيرين في الشارع العراقي يفقدون حماسهم تجاه ما يحدث في #فلسطين، خاصة أن الغالبية لم ينسوا بعد أن صدام حسين قصف بدوره #تل_أبيب بالصواريخ، وهو يقوم بأبشع الممارسات القمعية تجاه شعبه؛ وأن الجنرال الإيراني #قاسم_سليماني، المسؤول عن كثير من الانتهاكات في العراق، كان قائداً لما يسمى “فيلق القدس”.

 

«فلسطين قضية أمن قومي عراقي»

الصحفي العراقي “أحمد الشيخ ماجد” أكد لموقع «الحل نت» أن «دعم القضية الفلسطينية مرتبط بالأمن القومي العراقي»، متابعاً: «أنا، بوصفي شاباً عراقياً، أحلم بمحيط ديمقراطي، حتى تعيش المنطقة بسلام، إلا أن إسرائيل تهدد وجود أي نظام ديمقراطي في المنطقة، لأنها تتبنى أيديولوجيا عنصرية مريضة»، حسب تعبيره.

وتحدث “ماجد” عن الذين رفعوا شعار «العراق قضيتنا الأولى»، ليظهروا عدم تعاطفهم مع ما يحدث على الأراضي الفلسطينية، معتبراً أن «هذا الأمر طبيعي، فالأحداث والظروف التي مرت بالناس، جعلتهم يفكرون ضمن الإطار المحلي فقط، كما أن الذين يناصرون القضية الفلسطينية لهم مبرراتهم الموضوعية أيضاً».

من جهتها توضح الناشطة المدنية “إيناس كريم” لموقع «الحل نت» أن «التوجهات الفكرية داخل العراق متعددة، وكل توجه يتعامل مع القضية الفلسطينية من منظوره الخاص. فمثلاً العراقيون، الذين ما يزالون يتبنون الفكر القومي العربي، يرون أن القضية الفلسطينية مهمة جداً للعراق؛ وكذلك معظم الإسلاميين، من الشيعة والسنة؛ إلا أن كثيراً من المواطنين العاديين يعتبرون الفلسطينيين أخوة لهم في الدين واللغة، ولكنهم لا يتفاعلون مع قضيتهم، إذ يرون أن مشاكل بلدهم العراق أكبر وأهم من كل القضايا الأخرى».

الكاتب العراقي “منتظر ناصر” يؤكد «وقوفه من القضية الفلسطينية من منطلق إنساني»، نافياً أن «يكون تعاطفه قومياً أو دينياً، فالمتعاطفون مع القضية حول العالم ينتمون لكل الأديان والأعراق. بالطبع كثير من العراقيين يتضامنون مع الفلسطينيين لدوافع قومية ودينية، ولكن يبقى الدافع الإنساني هو الأهم».

ولم يخف “ناصر” انتقاداته لبعض جوانب القضية الفلسطينية: «تسويق القضية كان خاطئاً في كثير من الأحيان، ما أضرّ بها كثيراً، وأفقدها كثيراً من التعاطف الذي تستحقه».

 

«شأن داخلي إسرائيلي»

بالمقابل يعبّر “صفاء صبحي”، الصحفي العراقي المقيم في #لندن، لـ«الحل نت» عن موقفه من النزاع الأخير بالقول: «ما يحدث في المدن الإسرائيلية، التي يقطنها عرب 48، هو شأن داخلي، يخصّ دولة إسرائيل. أما ما يحدث في القدس فمختلف، لأن إسرائيل هناك تعتبر دولة احتلال، مسؤولة عن المناطق التي تحتلها، وفقاً للقانون الدولي، أما أحداث #غزة فهي برأيي حرب على عصابة إرهابية».

“طلال الحريري”، رئيس “حركة 25 أكتوبر” العراقية، يذهب إلى أبعد من ذلك، معبّراً بصراحة عن تأييده للموقف الإسرائيلي: «من منطلق مناهضة الإرهاب الشمولي، والتنظيمات الإسلامية الراديكالية، التي مازلنا نحن العراقيون نعاني منها، وندفع ثمناً باهظاً لمشاريعها التخريبية، أدعم موقف إسرائيل، وأي دولة تحارب الإرهاب».

وأضاف في حديثه لموقع «الحل نت»: «أنا اعتبر حركة حماس مماثلة لتنظيم #داعش وحزب الله اللبناني والعراقي، وبقية المليشيات والتنظيمات الارهابية المدعومة من إيران؛ وأرى أيضاً أن أمن إسرائيل عامل مهم في استقرار المنطقة، وبالتالي يجب أن تهتم دول المنطقة بمواجهة التغلغل الإيراني حصراً، بدلاً من الصراع العبثي مع إسرائيل».

مؤكداً أن «الحل يكمن في أن تقوم إسرائيل بإنهاء وجود حركتي حماس والجهاد الإسلامي، وتسليم ملف إدارة قطاع غزة للسلطة الفلسطينية، باعتبارها جهة سياسية مدنية معتدلة، تحترم القوانين والأعراف الدولية والدبلوماسية».

 

«نحن أولى من الميلشيات بنصرة الفلسطينيين»

ويتحدث “الحريري” عن موقف الميلشيات الولائية في العراق، الداعمة للقضية الفلسطينية، والتي يرى أنها «فصائل إرهابية، مواقفها تابعة لإيران بالدرجة الأولى، وتستغلّ الأزمات ومعاناة الشعوب، من أجل تمهيد الأرض للتوسع الإيراني، وتدمير حكومات ودول المنطقة، والعراق مثال مهم على هذا، وكذلك سوريا ولبنان واليمن، واليوم غزة، التي أصبحت أداة من أدوات إيران، بفضل حماس والجهاد الإسلامي، بينما يدفع السكان المدنيون وحدهم الثمن».

“أحمد الشيخ ماجد” يرد على هذا الرأي بالقول: «لا يهمني الدفاع عن الفصائل الموالية لإيران في فلسطين أو العراق، ما يهمني هو حقوق الفلسطينيين، لأن القضية الفلسطينية قضية عادلة، وأنا أولى بنصرتها من الميلشيات، التي وقفت ضد أحلام الشعوب في سوريا والعراق».

‏الكاتبة الصحفية الفلسطينية “رحمة حجة” لا تبدو بحماسة “الشيخ ماجد” نفسها، إذ قالت لموقع «الحل نت» :«لكل شخص أو فئة أو جماعة الحق بدعم ومناصرة أية قضية، ولكن الدعم الذي يأتي من المحرّضين على القتل أو القتلة، لا يعني سوى شيئاً واحداً، وهو المتاجرة بالقضية الفلسطينية. لا يمكنك ممارسة القتل أو الإرهاب في بلد، ورفضهما في بلد آخر، وجرائم الميلشيات مشابهة لجرائم إسرائيل، أما أنا فأرفض الإجرام ضد شعبي في العراق، كما أرفضه بحق شعبي الفلسطيني».

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة