بعد تسريح أعضائها تحت الضغط الشعبي: هل سيؤدي عدم البت بمصير مجالس المحافظات في العراق إلى أزمة دستورية؟

بعد تسريح أعضائها تحت الضغط الشعبي: هل سيؤدي عدم البت بمصير مجالس المحافظات في العراق إلى أزمة دستورية؟

يبدو أن مصير مجالس المحافظات العراقية، غير المنتظمة بإقليم، سيبقى رهيناً للتوافقات السياسية، بين القوى المُمثلة في #الحكومة_العراقية، بعد أن حسمت المحكمة الاتحادية العراقية العليا جدلاً، استمر لأكثر من عام، حول عدم دستورية استمرار عمل تلك المجالس.

وكانت تجربة المجالس المحلية في البلاد قد تجذّرت بعد قيام الإدارة الأميركية المدنية بإنشاء نحو أربعمئة مجلس محلي مصغّر، ومئة وعشرين مجلساً بلدياً، إضافة إلى المجالس المحلية في المحافظات العراقية الخمسة عشر (عدا محافظات إقليم كردستان)، وجميع تلك المجالس تتمتع بصلاحيات رقابية وتشريعية، لكنّ #مجلس_النواب_العراقي، وقبيل انطلاق الحراك الشعبي في تشرين الأول/أكتوبر عام 2019، ألغى المجالس المصغّرة والبلدية، وأبقى على مجالس المحافظات فقط، قبل أن يقوم بتسريح أعضائها بشكل نهائي.

قرار التسريح، وإن جاء متوافقاً مع #الدستور_العراقي، لم ينل رضا أعضاء المجالس، الذين وصفوا قرار تسريحهم بـ«غير المتوازن ديمقراطياً، كونه أسهم بمصادرة حقوقهم السياسية».

 

تسريح لا إلغاء

وفقاً لما يقوله الخبير القانوني “طارق حرب” فإن «قرار مجلس النواب العراقي تضمّن تسريح أعضاء المجالس المحلية، ولكنه لم يقض بإلغائها مطلقاً»، مشيراً إلى أن «استمرار عمل المجالس، أو إلغائها نهائياً، يتطلّب تعديلاً دستورياً، يسبقه اتفاق سياسي».

“حرب” أكد لموقع «الحل نت» أن «قرار المجلس النيابي العراقي جاء متماشياً مع الدستور، الذي نصّ على أن تكون مدة عمل المجالس المحلية أربع سنوات فقط، غير قابلة للتمديد، وتم تسريح الأعضاء بعد تجاوزهم المدة القانونية»، موضحاً بأن «مجلس النواب العراقي سيناقش مصير تلك المجالس خلال جلساته القادمة»

وتابع: «لم يكن أمام البرلمان العراقي خيار سوى تسريح أعضاء المجالس المحلية، بعد الاحتجاجات الشعبية الكبيرة، التي شهدتها البلاد، فممارسات بعض الأعضاء، التي تضمّنت التناحر الدائم، وتبديد الثروة المالية، وابتزاز مدراء الدوائر، لتحقيق مصالح حزبية، كانت وراء المطالبة الشعبية الواسعة بوضع حد لانتهاكاتهم».

إلا أن الخبير القانوني يعود للتأكيد أن «مجلس النواب العراقي مضطر للبت بشكل نهائي بمصير المجالس، لارتباطها بانتخاب المحافظين ونوابهم».

 

اتهامات متبادلة

“محمد الربيعي”، عضو مجلس محافظة #بغداد، يصف قرار التسريح بأنه «استهداف ممنهج للدستور والآليات الديمقراطية»، مضيفاً أنه «كان بإمكان #البرلمان_العراقي إقالة من يُعتقد بفساده، لا أن يتعامل مع المجالس بهذا الاستهداف الجمعي»، حسب تعبيره.

“الربيعي” طالب مجلس النواب العراقي، عبر موقع «الحل نت»، بـ«حسم مصير آلاف الأعضاء، الذين تم تسريحهم»، مؤكداً أن «ما جرى جزء من صراع سياسي، قائم على تصفية الخصوم السياسيين».

وليس بعيداً عما يقوله “الربيعي” يصف المهندس “أمجد القرغولي”، عضو المجلس المحلي لحي “الكرادة” وسط بغداد، قرار التسريح بــ«المتسرّع وغير محسوب النتائج»، موضحاً أن «المجالس المسرّحة قدمت خدمات، وراقبت أداء الحكومات المحلية، وحفظت المال العام من الضياع».

“القرغولي” قال لموقع «الحل نت»: «يبدو أن قدر السياسة في العراق أن تبقى شبيهةً بصراع الديكة، ما يعني أن الصغار يجب أن يفنوا دائماً تحت ضغط الكبار».

الى ذلك قال “فاضل التميمي”، النائب عن تحالف “سائرون”، القريب من #التيار_الصدري، إن «مجلس النواب العراقي تعامل مع مجالس المحافظات من باب درء الخطر، الذي يمكن أن يقع، بسبب النقمة الشعبية على المجالس، وتجاوزها لمدتها القانونية».

ويشير “الفتلاوي”، في حديثه لـ«الحل نت»، إلى «أهمية وجود المجالس البلدية، وذلك لمراقبة أداء المحافظين»، معتبراً أن «لدى المجلس النيابي إمكانية لإعادة المجالس، لكن بأعداد أقل، وصلاحيات محدودة».

وحذّر النائب العراقي من أن «إلغاء مجالس المحافظات يمنح المحافظين صلاحيات أوسع، ما يعني بقاء المحافظات تحت هيمنة حزب معين، يفعل ما يشاء في ميزانياتها».

وتهيمن القوى الإسلامية، مثل التيار الصدري و”حزب الدعوة” و”تيار الحكمة” على مجالس المحافظات في وسط وجنوبي البلاد، فيما يسيطر “حزب التحالف”، بزعامة “جمال الكربولي” و”محمد الحلبوسي”، و”المشروع العربي” بزعامة “خميس الخنجر” على مقاعد المجالس المحلية في المحافظات الغربية.

ويتهم كثير من الناشطين، وخاصة المشاركين في #انتفاضة_تشرين، أعضاء تلك المجالس بـ«نقل تجربة المحاصصة الطائفية إلى المحافظات، والسعي للسيطرة على المشاريع الخدمية والاستثمارية، التي أصبحت مورداً للمكاتب الاقتصادية للأحزاب، على حساب المواطنين، وجودة تقديم الخدمات».

 

مشكلة دستورية

النائب “علاء البياتي” يكشف عن «وجود خلاف داخل مجلس النواب العراقي حول إلغاء عمل المجالس بشكل نهائي، أو إعادتها بعد إجراء الانتخابات النيابية»، موضحاً أن البرلمان العراقي «يخشى من ردة الفعل الشعبية، إذا ما قرر إعادة المجالس».

وأضاف “البياتي” في حديثه لموقع «الحل نت»: «نواجه مشكلة حقيقة، فإذا ألغينا المجالس نهائياً، تحت الضغط الشعبي، فلن تبقى هنالك جهة سياسية تنتخب المحافظين، وتراقب أداءهم. ولذلك فإن أي قرار جديد حول المجالس يحتاج إلى اتفاق سياسي بين مختلف القوى العراقية، ومنها تلك التي تمثّل الحراك الشعبي».

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.