بعد مظاهرات الخامس والعشرين من أيار/مايو: هل ما زالت الميلشيات الموالية لإيران تمتلك قاعدة شعبية بين شيعة العراق؟

بعد مظاهرات الخامس والعشرين من أيار/مايو: هل ما زالت الميلشيات الموالية لإيران تمتلك قاعدة شعبية بين شيعة العراق؟

عبّرت تظاهرات الخامس والعشرين من شهر أيار/مايو الحالي في العراق عن موجة غضب جديدة، رفضاً للتمدد الإيراني في البلاد، خاصة بعد موجة اغتيالات، طالت ناشطين وقادة الحراك الشعبي، وعلى رأسهم “إيهاب الوزني”، الذي اغتاله مجهولون في محافظة #كربلاء، في التاسع من الشهر الحالي. المتظاهرون اتهموا #إيران، والميلشيات الموالية لها، بالمسؤولية عن عملية الاغتيال، وأطلقوا وسم #من_قتلني على مواقع التواصل الاجتماعي، وكذلك رفعوا شعار “إنهاء الإفلات من العقاب”، في إشارة لعدم محاسبة القتلة، الذين احترفوا تنفيذ أفعال مماثلة، منذ إنطلاق #انتفاضة_تشرين في عام 2019.

ووصل الاف المتظاهرين، من المحافظات العراقية الجنوبية، ذات الأغلبية الشيعية، إلى #بغداد، بعد دعوات استمرت لأسبوعين، على مواقع التواصل الاجتماعي، للمشاركة في تظاهرة كبرى في #ساحة_التحرير بالمدينة، ضمن تحرّك وصفه مراقبون بـ«الذكي»، لأنه حقق الزخم الشعبي الأكبر، منذ انحسار التظاهرات في العام الماضي.

المشهد الذي برز في بغداد والمحافظات الجنوبية أظهر بوضوح مدى نقمة أهالي الجنوب على الأحزاب الشيعية الحاكمة، الموالية لإيران، فهل باتت المدن ذات الأغلبية الشيعية، التي افُترض دائماً موالاة أهاليها للسياسة الإيرانية، لأسباب عقائدية وطائفية، مركزاً للاحتجاج العراقي ضد هيمنة طهران؟

 

«لا تسامح مع قتلة المتظاهرين»

ناشط من مدينة كربلاء، طلب عدم ذكره اسمه خشية الاستهداف، قال إن «حرق القنصلية الايرانية في المدينة، في التاسع من الشهر الحالي، كان رد فعل طبيعي على جريمة اغتيال الناشط “إيهاب الوزني”، الذي هددته بالتصفية ميلشيا تابعة لإيران، بقيادة المدعو “قاسم مصلح”».

وأضاف في حديثه لـ«الحل نت»: «بعد اعتقال “مصلح”، على خلفية دعوى رفعتها عليه عائلة “الوزني”، انتشرت ميلشيات #الحشد_الشعبي في #المنطقة_الخضراء ببغداد، حيث مقر #الحكومة_العراقية، متوعدةً إياها بالويل، إن لم تطلق سراح “مصلح”».

وحذّر من أن «ناشطي كربلاء ومحافظات الجنوب سيقومون بردة فعل غير متوقعة، في حال أخلي سبيل “مصلح”، وهذه المرة لن نتوقف الا بعد تسليم القتلة للقضاء، لأن تواصل مسلسل الإفلات من العقاب يشجّع الميلشيات على ارتكاب مزيد من الجرائم».

وعن سبب تنامي الغضب في المناطق ذات الأغلبية الشيعية ضد الميلشيات قال إن «الشباب العراقي يعيش ظروفاً سيئة، بسبب البطالة والفقر وانعدام الفرص، ومسؤولية هذه الظروف تتحملها القوى المقرّبة من إيران، المسيطرة على السلطة منذ عام 2003. هذه القوى يجب أن ترحل، لأنها تبحث عن مصالحها ومصالح #طهران، بعد أن اصبحت وكيلة للسياسات الإيرانية بصورة علنية، مختلقةً عداوات مع جيران العراق، الذين طالما كانوا على خلاف مع نظام ولاية الفقيه».

بدوره يرى “د.سعد محمد”، الباحث والأستاذ في العلوم السياسية، أن «نقمة الشباب، في المحافظات ذات الأغلبية الشيعية، والتي تمتد من محافظة بابل وصولاً إلى #البصرة، سببها ممارساتها التعسفية للميلشيات الموالية لإيران ضد كل من يطالب بحقوقه، لأن الحراك يهدد نفوذها، ويستهدف إزاحتها من السلطة».

ويبيّن الأستاذ الجامعي، الذي غادر بغداد منذ عام، بعد التهديدات التي تلقاها، في حديثه لـ«الحل نت» أن «النقمة ضد إيران في جنوب العراق لا تقتصر على الشباب، بل تنتشر بين غالبية أفراد المجتمع، لكنّ الاستقطاب الديني والمذهبي يمنع كثيرين من التصريح علانية بمواقفهم. أما من يقفون مع الميلشيات فهم إما مستفيدون من ممارساتها، أو أفراد بسطاء، مخدوعون بها، ويظنون أنها تحميهم، بسبب مشاركتها بالحرب ضد تنظيم #داعش. وتعمل الميلشيات على ابتزاز معارضيها، متهمة إياهم بالتعاطف مع التنظيم، أو الارتباط بحزب البعث المحظور».

 

«الشيعة ليسوا تحت العباءة الإيرانية»

«قبل تظاهرات تشرين 2019  دأبت أصوات إعلامية عربية، وأخرى أجنبية، باتهام العراقيين الشيعة بموالاة إيران، وهي الصورة النمطية التي حطمتها الانتفاضة الشعبية في الجنوب، لتؤكد أن انتماء الشيعة الوطني أقوى من أي ارتباط ديني»، بحسب ما يقول الكاتب والباحث السياسي “د. عبد الحسين شعبان”، الذي يضيف، في حديثه لـ«الحل نت»، أن «البعض يعتقد إن شيعة العراق بأكملهم تحت عباءة إيران، وهذا غير صحيح. رفض السياسات الإيرانية يتزايد يوماً بعد آخر في الجنوب، بعد أن أدرك الناس أن الإيرانيين لا يسعون لنصرة الدين أو العقيدة، بل فقط الهيمنة وترسيخ النزعة التوسعية، وكل هذا لا علاقة له بالتشيّع. هناك نار تحت الرماد، ومشاعر شعبية عامة ضد سياسات إيران».

وأكد أن «القوى السياسية الشيعية المرتبطة بطهران لا تعبّر عن مزاج المكوّن الشيعي في البلاد، الذي يرى كيف تتدهور حياته بالتدريج، فيما لا تهتم القوى السياسية، التي يُفترض بها تمثيله، سوى بتنفيذ الأوامر الإيرانية».

“إحسان الشمري”، رئيس “مركز التفكير السياسي”، يدلي لـ«الحل نت» برأي مشابه، فـ«مشاعر الغضب الشعبي في الجنوب جاءت رفضاً لسياسات أحزاب على صلة وثيقة بإيران، بعيدة عن هموم المواطن العراقي، وتسعى لتحويل العراق إلى ساحة للصراع الإقليمي. ومعظم العراقيين لا يريدون أن يصبح العراق ميداناً للصراع بين أميركا وإيران».

وأكد أن «العراق اليوم، ولا نتحدث فقط عن ساحات التظاهرات، يندفع نحو بلورة هوية وطنية وقرار سيادي، ولذلك فإن التدخلات الإيرانية لم تعد محتملة».

 

«لا انتخابات نزيهة دون حل الميلشيات»

كثير من الناشطين والسياسيين العراقيين يرون أن رفض التمدد الإيراني لا ينبغي أن يتوقف عند حدود المطالبة بكشف قتلة المتظاهرين والناشطين، بل يجب أن يتسع لرفض كامل الهيمنة الإيرانية، لإيجاد أرضية مناسبة للتغيير عبر الانتخابات المبكرة، المزمع إجراؤها في تشرين الأول/أكتوبر المقبل. وتُعتبر الميلشيات الولائية، بحسبهم، أهم من يهدده هذه الانتخابات.

“طلال الحريري”، رئيس “حزب 25 أكتوبر”، قال لـ«الحل نت» إن «خطر التمدد الإيراني حالياً يهدد حرية تصويت العراقيين في الانتخابات المقبلة، عبر الترهيب الميلشياوي».

ويتحدث “الحريري” عن «رسالة وجهتها الميلشيات الولائية لجميع العراقيين، من خلال قمع التظاهرة الأخيرة في الخامس والعشرين من أيار/مايو، مفادها أن الحكومة العراقية لا تملك السلطة في البلاد، وذيول إيران هي المسيطرة، وهي من ستقمع الشباب العراقي، الذي خرج ضدها في بغداد ومدن الجنوب. وبالفعل اقتحم عناصر الميلشيات ساحة التحرير، وهم يرتدون ملابس القوات الأمنية الرسمية، واعتدوا على المحتجين».

وحذّر من أنه «لا يمكن إجراء انتخابات خارج سلطة النفوذ الإيراني، دون حل ميلشيا الحشد الشعبي، ومحاكمة مرتكبي الجرائم ضد المتظاهرين».

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة